سعادة VIP

00:01 صباحا
قراءة دقيقتين

لدى حضوري أحد المؤتمرات سمعت أحدهم يسعى جاهداً للحصول على مقعد بين مقاعد كبار الشخصيات في الصفوف الأمامية والتي عادة ما تخصص لراعي الحدث والرعاة والمتحدثين وبعض كبار الشخصيات من المشاركين في الفعالية، تساءلت حينها، إذا لم تتم دعوته وترشيح اسمه ليكون ضمن الصفوف الأمامية فلماذا هذا الإصرار وهذه الاستماتة في السعي إليها؟! وهل هو حاضر للاستفادة من جلسات المؤتمر أو من أجل الظهور في الصورة؟!
لن يزيد جلوس الشخص في الصفوف الأولى من مكانته في المجتمع، والحقيقة هي أن مركز الشخص وتقديره في المجتمع يأتي من تقدير الفرد لذاته أولاً ومن عطاءاته ومساهماته لتطوير المجتمع الذي ينتمي إليه... إذا كان للمرء فكر متفرد، وإنجازات متميزة، وإسهامات مجتمعية، أو كان قدوة وشخصية وقورة يحتذى بها، أو حظي بهذا الاهتمام لحكمته وحضوره اللافت ولباقته، فستجد له بالتالي حضوراً لافتاً واحتراماً وهالة تحيط به بشكل طبيعي.
الامتيازات التي يحصل عليها أصحاب المناصب العليا تعكس التقدير لجهودهم وعطاءاتهم ذات الأثر الكبير في المؤسسات والمجتمع والدولة، وأغلب هؤلاء من وجهة نظري لم يكونوا يسعون لهذه الامتيازات بل كانوا يركزون على تحقيق المستهدفات والتميز في الإنجازات حتى استحقوا تلك الألقاب.
نعم هذه هي الحقيقة، فهناك وجود لكبار الشخصيات، ومن الطبيعي أن يكون لهم موقع متميز يعكس تقدير المجتمع لهم، وهذا أمر مشروع ومستحق، كما هو الفرق بين العالم والمتعلم وبين الرئيس والمرؤوس وبين الوجيه والإنسان العادي، لكن استهلاك مصطلح «كبار الشخصيات» وإقحامه في كل صغيرة وكبيرة، في كل شاردة وواردة أمر يستحق التوقف. 
هناك من يستغل رغبات البعض بأن يكونوا VIP أو من (كبار الشخصيات) أو (شخص مهم جداً)، ويحاول دغدغة مشاعرهم بطريقة تعمق منظومة تفكير سطحي، فنرى على سبيل المثال خدمات مصنفة على أنها VIP لكنها في حقيقة الأمر لا تختلف كثيراً عن الخدمات العادية، فالتلاعب بصفة VIP واستغلالها يهدف لتغذية هذه الرغبات التي تعمق شعور الفرد بالنقص دون إدراك المعنى الحقيقي لكلمة VIP.
الحصول على معاملة متميزة يولد شعوراً جميلاً لدى الإنسان، كالحصول على اهتمام أكثر، ترحاب أكبر، سرعة في إنجاز المعاملات، عدم الاضطرار إلى الانتظار، الحصول على مواقف قريبة لصف السيارة، دخول سلس ومرن للفعاليات والأماكن المزدحمة، ولكن يجب عدم الانسياق إلى من يستخدم اسم كبار الشخصيات من دون أن يضيف فارقاً وقيمة حقيقية.
لقب «سعادة» أو معاملتك على أنك «سعادة» لن يرفعك أو يقلل من قدرك، فالسعادة أنت. أو كما قال أحدهم ذات مرة عندما سمع من يقول «لن احضر الافتتاح، سأحضر عندما أنال لقب «سعادة»، فكان الرد «تكفيك سعادة نفسك».
هكذا ببساطة «تكفيك سعادة نفسك».

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/55uc7vmx

عن الكاتب

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"