وهم الإنجاز

00:01 صباحا
قراءة دقيقتين

أن تتجاوز التوقعات بشكل ملموس في العمل، يعني أنك تقدم إنجازات حقيقية، وتبادر لإيجاد حلول للتحديات في بيئة تنافسية. في هذا السياق، يلعب التحفيز دوراً حيوياً في تشجيعك على الاستمرار في تحقيق النجاح وتعزيز إنتاجيتك. ويعدّ التحفيز إحدى الركائز الأساسية في منظومة العمل التي تسلط الضوء على الإنجازات المتميزة، وتقدر الموظفين المتميزين في الأداء. ولكن ماذا عن «وهم الإنجاز»؟
وهم الإنجاز ينتج عن البيئات الراكدة القائمة على الروتين، والتي تخلق من (الحبة قبة)، وذلك لأنها تفتقر إلى معايير قياس واضحة. فمن السهل بالنسبة لها اعتبار كل ما يتحقق إنجاز، في حين قد يكون ما تحقق من بديهيات العمل وأساسياته، ولكن بوصلة العمل مفقودة.
إن بيئة العمل الديناميكية هي التي تدفعنا إلى تكثيف جهودنا والدخول في جوّ من التنافسية الإيجابية، وفي بيئة عمل تتسم بالمرونة وخلق أهداف طموحة ومتجددة. هنا يدرك الموظفون معنى الإنجاز ويقيمونه، وفق معايير واضحة. أما في بيئات العمل النمطية قد يطلق وصف الإنجاز على بديهيات العمل وأساسياته، ما يؤدي إلى غياب المصداقية وشيوع الفوضى والوقوع في وهم الإنجاز. وعليه فإن الشفافية في قياس المنجز الحقيقي توضح لنا موقعنا الحالي، وتساعدنا على تحديد أهدافنا، وبالتالي تدفع منظومة العمل نحو آفاق جديدة كل يوم.
وبالمثل، يعدّ التحفيز أمراً ضرورياً، ومن أهم الممارسات الإدارية، لرفع معنويات الموظفين وإنتاجيتهم وإبداعاتهم، ولكن علينا هنا أن نفرق بين التحفيز المستحَق الذي يهدف إلى تحقيق منجز أفضل، وذلك المزيف الذي يهدف إلى تلميع الصورة فقط، بهدف إيهام الأطراف ذات العلاقة، بأننا على الطريق الصحيح!
والأهم من ذلك هو بيئة التربية، التربية داخل الأسرة وداخل المجتمع،  على قيم العمل أيضاً. إذ يعدّ الاعتراف بالتقصير والاحتفاء بالمنجز الحقيقي، جزءاً مهماً من العملية التربوية. وكما أسلفت، هناك فرق بين التحفيز والتعود على وهم الإنجاز. فالطلبة داخل المدارس، والأبناء بين أسرهم، يجب أن يعرفوا الفرق، حتى تكبر الأجيال في مجتمعاتنا وهي تحتفي بالإنجاز الحقيقي وإدراكه. وكل ذلك سينتهي بنا إلى خلق منظومة عملية، تقوم على مبدأ المصداقية في العمل، من أجل مراقبة إلى أين سنذهب بإنجازاتنا.
فعلى سبيل المثال، لم يكتف نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم إمارة دبي، بوضع أعلى معايير الحوكمة والتميّز فحسب، بل عمل على ترسيخ الشفافية ومحاربة وهم الإنجاز في المعاملات، من خلال إطلاق مبادرة (المتسوق السري) في عام 1990، والتي ساهمت في تعزيز كفاءة الأداء الحكومي واستدامة التميز.
[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/59m662bp

عن الكاتب

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"