عادي

حفلات الطلاق.. استخفاف بمنظومة الأسرة وعظمة دورها

23:55 مساء
قراءة 5 دقائق
1
1
1
1

تحقيق: سومية سعد

انتشرت بين الفتيات في العالم العربي خلال الآونة الأخيرة حفلات الطلاق، حيث يحولن الطلاق، وهو أبغض الحلال عند المولى سبحانه وتعالى، ونهاية العشرة إلى سعادة والفشل إلى فرحة زائدة.
البعض، بمجرد وقوع خلاف ما داخل نطاق الأسرة، وقد يكون خلافاً بسيطاً، يجعلونه يكبر ويتضخم لقلة وعي أحد الزوجين أو كليهما بمسؤوليه الزواج، وما يعنيه من مودة ورحمة، ويبدأ الزوجان الفاشلان في نشر ثقافة سلبية للتفكك في المجتمع والشكوى من أتفه الأسباب إلى أن يصلا إلى الطلاق ليصل في النهاية إلى إقامة حفلات الطلاق الدخيلة على المجتمع والتي ينتج عنها استخفاف بمنظومة الأسرة، ودورها وكونها العمود الفقري للمجتمع.
وتؤكد الاحصائيات الرسمية لحالات الطلاق العام الماضي وفقاً لمركز الإحصاء أنها شملت 1845 حالة طلاق بين أزواج غير إماراتيين، و1799 حالة طلاق بين زوج إماراتي وزوجة إماراتية و728 حالة طلاق بين زوج إماراتي وزوجة غير إماراتية و182 حالة طلاق بين زوجة إماراتية وزوج غير إماراتي.ومن حيث الإمارة، وصل عدد حالات الطلاق في أبوظبي إلى 2086 حالة أو ما نسبته 45.8% من إجمالي الحالات، ثم دبي بنسبة 28.7% أو ما يعادل 1308 حالات، ثم رأس الخيمة بإجمالي 406 حالات بنسبة 8.9%، تتبعها الشارقة 395 حالة بنسبة 8.7%، ثم عجمان 187 حالة بنحو 4.1%، والفجيرة 105 حالات، وأم القيوين 67 حالة.
«الخليج» التقت عدداً من النساء المقيمات في الدولة اللواتي خطون هذه الخطوة الجريئة، وأقمن حفلات طلاق، التي يعتبرها البعض مؤشراً على تدهور العلاقات الإنسانية، وانتقاصاً من قيمة ومفهوم الزواج وقدسيته، بينما ينظر إليها البعض الآخر بوصفها خطوة إيجابية تساعد المطلقات على تجاوز آلام نهاية الزواج وفشله، واتخاذ بداية جديدة في الحياة ملؤها التفاؤل والأمل.
قصص من الحياة 
تسرد ر.ف من الأردن قصة حياتها السابقة مع زوجها التعيس الذي حول حياتها إلى جحيم ولم تكتفِ بقطعة كيك احتفاءً بانفصالها عنه، بل أقامت حفلة رقصت فيها بحماس وسعادة وعزمت فيها الصديقات.
ولم تقل عنها ر. ع من لبنان في التعبير عن الفرحة والسعادة لإنهاء علاقتها الزوجية الفاشلة، فاحتفلت بطلاقها من خلال إقامة وليمة مصغرة جمعتها بصديقاتها وزميلاتها وبنات العائلة، والسهر حتى الصباح للاحتفال بطلاقها.
أما العراقية م. ش فمنعتها الحواجز العائلية من إقامة حفلة كبيرة انتقاماً من رجل حول حياتها إلى جحيم بين أسرتها المقيمة في الدولة، إلا أنها احتفلت بهذه المناسبة التي رأتها سعيدة، بعيداً عن الأسرة.
تجربة زواج قاسية
وقالت ي.م من سوريا التي احتفلت بالطلاق في أحد الفنادق: أقمت هذه الحفلة رغم استنكار أهلي ما فعلته لأنه ابن عمي إلا أنني فعلت ما يرضيني بعد أن أصبحت حرة بعد تجربة زواج قاسية.
وتشاركها التجربة ل. ك من مصر التي أكدت أنها احتفت بلحظة الخلاص مما عانت منه، حتى لو كان ذلك على حساب نظرة المجتمع، وأنها دعت العديد من صديقاتها وزميلاتها في نفس الفندق الذي شهد زواجها.
أبغض الحلال
يقول الدكتور شافع النيادي مستشار العلاقات الأسرية: الزواج يعد أهم علاقة ينشئها الإنسان في حياته لما له من قدسية تجعله فريداً بين سائر العقود الأخرى لما یترتب علیه من آثار خطیرة لا تقتصر على الرجل والمرأة ولا على الأسرة التي توجد بوجوده بل تمتد إلى المجتمع، حیث لم تخل شریعة من الشرائع السماویة من الحث علیه وتنظیمه.
كيف تحتفل هؤلاء الزوجات بهز عرش الرحمن في ما قيل عنه إنه أبغض الحلال عند الله، وإنه سلوك يكشف عن مدى الغزو الفكري الذي اجتاح عقول نسائنا لدرجة جعلهن يقلدن دون إدراك، ويستخففن بمنظومة الأسرة وهدم أسرة حتى وإن كان أحد أطرافها سعيدًا بمثل هذه النهاية.. فكيف ستكون نفسية الأطفال أو الأبناء؟
استهانة
يقول الاختصاصي عادل عبد الحميد إن الاحتفال بالطلاق استهانة بقيمة الزواج، وعدم الاحترام لهذه العلاقة والرباط الأسري فهل يعقل أن يقام حفل لأبغض الحلال عند الله، وهل يتم إصدار شهادة وفاة الحياة الزوجية في حفل بهيج يدعى الناس إليه؟ وإن كان هناك أبناء في هذه المؤسسة الزوجية كيف يرون والدتهم تحتفل بهدم بيوتهم؟ أعتقد أنه يتوجب على الجميع توعية المجتمع بخطورة هذه التصرفات حتى وإن كانت فردية.
تعمد الإساءة
تقول فتون غازي الاختصاصية الاجتماعية إن بعض الرجال لا يعترفون بالزواج والمودة والرحمة ويتعمدون الإساءة للزوجة وظلمها والاندفاع في الغضب، وعدم تحمل المسؤولية، ويحقرون من شأنها، كما يعنفونها بكل السبل لإذلالها وتعذيبها.
وهناك من طلقت وهي مظلومة أو ندمت بعد طلاقها ولا تريد تذكر يوم طلاقها الذي يذكرها باللقب العالق في أذهان محيطها الاجتماعي، فمن حق أي طرف أن يسعد بطلاقه بعد علاقة قاسية مر بها، وهذا لا يعني إقامة حفلة، وإنما شكر الله تعالى على انتهاء علاقة زوجية بائسة ويائسة.
الشريعة الإسلامية
يقول المحامي وائل عبد العليم: الشريعة الإسلامية تأمرنا بالمعاشرة الطيبة أو الخروج بالمعروف ولا يمكن اعتبار حفلة الطلاق خروجاً بالمعروف لأنها يغلب عليها الانتقام من الزوج المطلق، وأن من تقيم مثل هذه الحفلات هي تحب هذا الزوج لذلك تقترف هذه المكيدة حتى تثبت له أنها سعيدة بهذا الطلاق، ولابد للزوجين أن يراعيا حدود الله في التعامل وعلى الرجل مراعاة مشاعر الزوجة وحقوقها ونرى بعض الأزواج يظنون أن كل مسؤوليتهم تجاه زوجاتهم وأسرهم هي توفير متطلبات الحياة من مأكل ومشرب وملبس فقط، دون أدنى اهتمام بالحاجات المعنوية والنفسية للزوجة والأبناء.
 سلوكيات غريبة
تقول الدكتورة ياسمين الخالدي المستشارة الأسرية والتربوية والنفسية، إن حفلات الطلاق تتنافى مع العادات والتقاليد الإسلامية والعربية وإذا بحثنا وراء هذه السلوكيات الغريبة من بعض النساء نجدها ما هي إلا تناقض ومشاعر نفسية متراكمة من أجل الانتقام من السنوات التي عشنها في زواج فاشل وتعبير نفسي متناقض وعوض عن الانكسار النفسي فيحاولن أن يخرجن من أوضاعهن بهذا السلوك.وفي ديننا الإسلامي الطلاق أبغض الحلال لذلك فإن الاحتفال مرفوض وهو أمر مخالف ويتناقض مع ما جاء به الشرع وربما تحس معظم السيدات ممن يقمن بالاحتفال بالندم على هذا الانتصار الزائف وتحس السيدات بأهمية قدسية الزواج وخسارة أكبر في حال وجود أبناء.
عدم التقدير
ترى الدكتورة النفسية حبيبة غانم، عدم تقدير المسؤولية المترتبة على الزواج، والواجبات المنوط بكل من الزوج أو الزوجة القيام بها، وغياب الحوار الموضوعي العقلاني بين كثير من الأزواج، فنجد كثيراً من الزوجات يعشن في بيت الزوجية كأنهن لا يزلن في بيوت آبائهن، فيهملن حقوق الزوج، والبيت، وينشغلن بأمور أقرب لاهتمام البنات منها إلى الزوجات، وزوجة أخرى تنشغل تماماً بالأطفال عن أداء حقوق الزوج، فتهمل مظهرها وزينتها، ظناً منها أنها قد قيدت زوجها بقيد لا فكاك منه
وتعدّ خطوة الزواج من أهم المراحل الحياتية، التي بها يكمل كل من الطرفين دينه، فعند الإقدام على هذه الخطوة يجب أن يكون القبول من الطرفين دون أي ضغوط من أجل تحقيق الخطوة الأولى في مسيرة هذا الزواج، ويجب هنا تحكيم العقل.
المصالح المشتركة
تقول القانونية آمنة المير الرئيس التنفيذي لمكتب آمنة المير إن الطلاق يجب أن يبنى على المودة والرحمة والتفاهم والمصالح المشتركة، فإن تعذَّر ذلك فهناك مخرج الطلاق، وقد شرعه الله بوصفه حلاً في حالات استثنائية، تعذرت معها الحياة الزوجية الطبيعية، وفي حال الوصول إلى هذه المرحلة، فإن لدينا أسلوباً ربانياً راقياً، ألا وهو الإمساك بمعروف أو التسريح بإحسان، والإحسان يقتضي الحفاظ على علاقات طيبة فيما بين الزوجين والأسرتين بعد الانفصال، وقد ذكَّر الشارع الحكيم الزوجين بعدم نسيان الفضل بينهما.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"