عادي

«الربو».. نوبات حادة تُهاجم التنفس

22:10 مساء
قراءة 5 دقائق
1

تحقيق: راندا جرجس

يصيب الربو أكثر من 300 مليون شخص حول العالم، وهو مرض تنفسي مزمن ينجم عن التهاب وتورم في مجري الهواء، ويتسم بنوبات من التفاقم الحاد عند الشخص المصاب، نتيجة تعرضه لبعض المهيجات كالأطعمة أو تلوث الهواء، والتدخين والمحفزات البيئية التي تُحدث الأزيز، وصعوبة التنفس والسعال، ما يؤدي إلى زيادة الإفرازات وضيق الممرات الهوائية، كما يعرف الربو بأنه انسداد قابل للانعكاس في المجاري الهوائية، وتختلف أسباب الإصابة بحسب الفئة العمرية، وفي هذا التحقيق يسلط الخبراء والاختصاصيون الضوء على هذا الموضوع وطرق الوقاية من الهجمات والنوبات التنفسية.

يقول الدكتور همام سامي، استشاري الطب الباطني، إن العوامل الوراثية تلعب دوراً هاماً في قابلية الفرد للإصابة بالربو، حيث إنه أحد مكونات اضطراب الحساسية الوراثي الذي يسمى «التأتب»، ويشمل هذا المرض الربو مع حمى القش والأكزيما العصبية، وتحدد العوامل البيئية المختلفة بداية تطور المشكلة، ويزداد انتشار الإصابة بسبب التعرض لتلوث الهواء، ويمكن أن تؤدي بعض الأعمال المهنية إلى مهيجات الجهاز التنفسي المختلفة، وكذلك الملوثات ومسببات الحساسية إلى حدوث الربو لدى البالغين.

فئة مستهدفة

يلفت د.همام إلى أن الربو عند البالغين يصيب الأشخاص بعد سن الأربعين، ويستهدف النساء أكثر من الرجال، كما أن معدل الوفيات المرتبطة بهذه الإصابة مرتفعة عند كبار السن، ويرجع ذلك إلى عدم التحكم في هذا المرض، ما يؤدي إلى حدوث تغيرات مزمنة في مجرى الهواء التنفسي، أو ما يطلق عليه (إعادة تشكيل المجاري الهوائية)، ويعتبر ذلك السبب الكامن وراء الأعراض المستمرة، وزيادة عدم رجعة انسداد المجاري الهوائية عند هذه الفئة العمرية، وينجم عنه تطور الربو المستمر الشديد.

أعراض متغيرة

يبين د.همام أن أعراض الربو عند البالغين تكون عادة متقطعة ومرتبطة بالتعرض لمحفزات معينة، وتظهر على شكل صفير عرضي مصحوب بضيق في الصدر والسعال، وصعوبة التنفس، ويمكن أن تختلف شدتها بمرور الوقت، أو تختفي تلقائياً، أو تتلاشى عن طريق استخدام أجهزة الاستنشاق العلاجية، وتتغير علامات الإصابة في النهار وتكون أكثر حدة في الليل، ما يسبب السعال المستمر، ويصاحبه أحياناً أزيز شديد، وضيق في التنفس، كما يرتبط التباين الموسمي بتوقيت التعرض لمهيجات الجهاز التنفسي، وعلى سبيل المثال يمكن أن يعاني المريض بعض الظواهر الناجمة عن تعرضه إلى عوامل تزيد النوبات أثناء العمل، بينما تختفي في أيام العطلة، ويوجد نوع آخر من الربو يسمى (السعال المتغير) وتحدث الأعراض فقط عند ممارسة الرياضة.

أسباب متنوعة

يفيد د.همام بأن المسببات الشائعة لتفاقم الربو عند البالغين لا حصر لها، ولكنها ترتبط في معظم الحالات بعوامل متعددة، مثل التهابات الجهاز التنفسي الفيروسية الحادة، والمهيجات كالمنظفات والعطور وأبخرة الطلاء، وداء الارتجاع المعدي المريئي، والحساسية البيئية كعث الغبار وقوالب الحيوانات الأليفة والعفن، وتلوث الهواء، والغبار، وممارسة الرياضة، والاضطرابات النفسية، وتناول بعض الأدوية كالأسبرين وحاصرات مستقبلات بيتا الأدرينالية.

وسائل التشخيص

يذكر الدكتور محمد سيف الدين، أخصائي أمراض الرئة، أن الربو داء مزمن يصيب الشعب الهوائية في الرئتين، ما يجعل الأنابيب الهوائية التي تسمح بدخول وخروج الهواء في حالة التهاب دائم، ومع الوقت تصبح أكثر تورماً، ويمكن أن تتقلص العضلات المحيطة بالممرات عندما تتسبب أحد المهيجات في ظهور الأعراض وتفاقمها، ويتم تشخيص هذه الحالات في الكشف السريري وأخذ التاريخ الطبي الشامل، وإجراء اختبارات قياس مدى كفاءة عمل الرئتين، وكذلك قياس التنفس، الذي يتم عن طريق أخذ المريض نفساً عميقاً، ثم النفخ في جهاز استشعار لقياس كمية الهواء التي يمكن أن تحتفظ بها الرئتين، وسرعة الهواء الذي يستنشقه المصاب أو يزفره، كما يشخّص هذا الاختبار شدة الربو ويقيس مدى نجاح العلاج.

إدارة المرض

يشير د.محمد إلى أن الأشخاص المصابين بالربو يتعرضون لخطر الإصابة بمضاعفات متعددة، وخاصة عندما يرتبط بالتهابات الجهاز التنفسي مثل: الإنفلونزا والالتهاب الرئوي، لذلك يعتبر التطعيم السنوي من هذه الأمراض أهم طرق الوقاية، وبشكل عام لا يوجد علاج للربو، ويمكن السيطرة على الأعراض من خلال العلاج الفعال وإدارته بتجنب المحفزات التي تسبب تفاقم الأعراض، وتناول الأدوية الخاصة بالحالة يومياً وبحسب توجيهات الطبيب المعالج، وتشمل الكورتيكوستيرويدات المستنشقة، وهناك بعض الأنواع التي تستخدم في حالات الإغاثة أو الإنقاذ السريع لتساهم في الاسترخاء وفتح الممرات الهوائية بسرعة وتخفيف الأعراض أثناء النوبات، أو قبل ممارسة الرياضة.

إصابة الأطفال

يذكر الدكتور حسن رزين، أخصائي طب الجهاز التنفسي، أن الربو يعتبر من أكثر الأمراض شيوعاً عند الأطفال، وخاصة قبل بلوغ سن الخامسة، ويرجع سبب الإصابة بشكل رئيسي إلى العوامل الوراثية، والعدوى التنفسية المتكررة، كما زادت المعدلات حديثاً نتيجة التلوث البيئي والسمنة والتدخين، وتختلف الأعراض بحسب الحالة، وتتراوح من البسيطة التي تتمثل في السعال المستمر، والصفير أو أزيز الصدر، والمزمنة كالضيق الشديد في التنفس والشعور بالاختناق، وترتبط هذه العلامات بصورة واضحة عندما يمارس الطفل أي مجهود بدنى مثل: اللعب أو الضحك أو الصراخ.

فحوص واختبارات

يلفت د.حسن إلى صعوبة التشخيص في حالات الربو عند الأطفال، نظراً لتشابه الأعراض مع بعض المشكلات الأخرى كالالتهابات الشعبية الهوائية، وعلى الأغلب يعتمد تقييم الحالة على تكرار علامات الإصابة، ووجود تاريخ عائلي للمرض، وفحص قياس كفاءه الرئتين والتنفس، بالإضافة إلى بعض الاختبارات كارتفاع عدد خلايا الحساسية في الدم، وحساسيه الطعام.

طرق التداوي

يوضح د.حسن أن معظم الأطفال المصابين بأعــــــراض مرض الربو البسيطة تتحسن حالتهم مع استعمال الأدوية وموسعات الشعب التي تعطــــــى عن طريق الاستنشاق ومضادات التحسس بانتظام.

أما النوبات الشديدة والمتكررة، فهـــــي تؤثر في نمو المصاب وتحصيله الدراسي نتيجــــة تعرضه لاضطراب النوم الذي يؤدى إلى قصور دائم في وظائف الرئة، وتحتاج إلى استخدام الكورتيزون، وهناك بعض الطـــــرق الوقائية للسيطرة على الأعراض وعدم تطور المضاعفات، وتشمل:-

- تجنب مهيجات الربو كالعدوى التنفسية، والدخان، والعطور، والغبار، وحبوب اللقاح، في حين أن عدم التعرض للهواء البارد يعتبر مهماً وإن كان صعباً في بعض الأحيان.

- يعتبر علاج حساسية الأنف وارتجاع المريء وتجنب الأطعمة التي تسبب الحساسية للطفل من العوامل الحاسمة في السيطرة على المرض.

- ينصح بتجنب الأماكن الأكثر رطوبة وتلوثاً.

- يجب تشجيع الطفل على مزاولة الرياضة والنشاط البدني المناسب لعمره، لأنه يؤدي إلى تقوية العضلات ومساعدة الرئة على العمل بشكل أفضل.

ممنوعات غذائية 

يعانى مرضى الربو المهيجات التنفسية بسبب العوامل البيئية، بالإضافة إلى بعض الأطعمة التي تندرج في قائمة الممنوعات الغذائية حتى لا تتفاقم الحالة، وعلى سبيل المثال: تتسبب الفواكه المجففة والشعير في تهيج الشعب الهوائية وزيادة السعال وضيق التنفس نظراً لاحتوائها على نسبة عالية من الكبريتات، وتحتوي منتجات الألبان على البروتين ويجب تعويضها بمركبات الكالسيوم الطبيعية الموجودة في بعض أنواع الطعام، وينصح الخبراء بالابتعاد عن تناول البيض وزيت فول الصويا وزيت الذرة، واستبدالها بأنواع أخرى، ويسهم ملح الطعام في زيادة التهاب الشعب الهوائية لأنه يتميز بقدرته على احتباس السوائل في الجسم، ويؤدي الفول السوداني والمحار إلى ردود فعل تحسسية وتفاقم النوبات وخاصة عند الأطفال.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"