مشروع قانون يحتاج إلى تنفيذ

00:28 صباحا
قراءة 3 دقائق

سليمان جودة

السؤال الذي على إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترمب أن تسمعه ثم تجيب عنه هو كالتالي: متى يجري تطبيق مشروع القانون الذي مرره الكونجرس في واشنطن قبل أسابيع، والذي يقضي بفرض عقوبات على الكيانات المتورطة في ليبيا؟ 

 فالقانون.. أي قانون.. لا يتم إقراره ليوضع في الأدراج، ولا ليظل مركوناً على الرفوف، ولكنه يوضع ليصادف تطبيقاً له في حياة البشر، لعله يغير حياتهم إلى ما هو أفضل، ولعله يبدل واقعهم إلى واقع آخر يليق بالآدميين في الحياة! 

 القانون الذي مرره الكونجرس سمَّى من بين الكيانات التي يقصدها كيانين على وجه التحديد، وقال إنهما تركيا وروسيا، وإن القانون سوف يفرض عليهما العقوبات الواجبة إذا ما ثبت تورطهما. 

 ولا بد أن الذين تابعوا تمرير القانون في الكونجرس في حينه، يتساءلون الآن عن مدى حضوره في الواقع الليبي الحي.. والتساؤل سببه أن خلوصي أكار، وزير الدفاع التركي، زار العاصمة الليبية طرابلس يوم الأحد 27 ديسمبر/ كانون الأول، وأطلع الذين التقاهم هناك على خطة يحملها سمّاها خطة الحرب. 

 هذه الخطة التي حملها معه أكار تقول إنه يشير من خلالها إلى مواقع للجيش الوطني الليبي في سرت على شاطئ البحر المتوسط، وفي الجفرة جنوب سرت، وفي ما حول هذا المحور الطولي الذي يضم هذين الموقعين وما حولهما من مواقع. 

 والسؤال هو: إذا لم يكن ما أعلنه وزير الدفاع التركي، وما جرى نشره في الإعلام على لسانه، تدخلاً مباشراً في الشأن الليبي، وتورطاً إلى أبعد الحدود في المسألة الليبية، فما هو التدخل تحديداً؟، وما هو التورط بالضبط؟.. إن قانون الكونجرس ينطبق أول ما ينطبق على تركيا، وإذا انطبق على الروس مرة، فسوف ينطبق على الأتراك عشر مرات، وما أكثر من ذلك من المرات!. 

وليست زيارة خلوصي شيئاً فريداً من نوعه في هذا الموضوع، وإنما تقف إلى جانبها وقائع بلا عدد تقول كلها إن أنقرة لا يكاد وزير دفاعها يعود من الشواطئ الليبية، حتى تسارع حكومة أردوغان إلى إرسال عناصر من المرتزقة لا تتوقف عن إرسالهم إلى هناك طول الوقت!.. وعلى سبيل المثال، فالعملية الأوروبية «إيريني» المكلفة بمراقبة شواطئ ليبيا، لا تكاد تضبط سفينة تركية في عرض البحر وتقوم بتفتيشها، حتى يكون الجيش الوطني الليبي قد ضبط من ناحيته سفينة تركية أخرى واحتجزها، بعد أن جاءته معلومات عن اشتباه في سلاح تحمله. 

 حدث هذا كله ولا يزال يحدث على مرأى مما يسمى بالمجتمع الدولي، الذي من المفترض أنه يراقب العمل بقرار صادر عن مجلس الأمن عام 2011! 

 القرار يحمل رقم 1970، وينص على حظر توريد أي سلاح إلى أي جهة في ليبيا، ويدعو إلى معاقبة أي دولة تخترق هذا الحظر، أو تتملص من الالتزام به، أو تتحايل في سبيل الوصول بالسلاح إلى أيدي الليبيين.. وقد جاء وقت على الدكتور غسان سلامة، المبعوث الأممي السابق في ليبيا، أن وجد نفسه مضطراً فيه إلى الإعلان على الملأ، عن أن عدد قطع السلاح الموجودة في الأراضي الليبية وصل إلى عشرين مليون قطعة.. قال الرجل هذا الكلام ثم راح يكرره، وكان أمله أن يجد مجتمعاً دولياً يتجاوب معه، ويعمل بجد على معاقبة كل الذين شاركوا في توصيل هذا العدد من قطع السلاح إلى أيدي الليبيين. 

 فلما لم يصادف هذا التجاوب، قدّم استقالته وانصرف، ولسان حاله يقول إن الوضع الليبي ليس في حاجة إلى مبعوث قديم يذهب ومبعوث جديد يجيء، بقدر حاجته إلى مجتمع دولي يساند مبعوثه بجد، ويساعده، ويضع بين يديه ما يسعفه في القيام بالمهمة المكلف بها!.

[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"