بيوت لا تشبه غيرها

00:10 صباحا
قراءة دقيقتين

يصف تقرير صحفي منزل الشاعر اللبناني المهجري جبران خليل جبران بأنه لا يشبه أي منزل آخر في بلدة الشاعر بلبنان، بشرّي، الذي قضى فيه نحو 12 عاماً من طفولته، ويضم ـ حسب ذلك التقرير ـ أغراض الحياة البسيطة التي رافقته حتى آخر يوم في حياته.
وعلى الرغم من أن البيت الذي غدا متحفاً لم يعد بالصورة التي كان عليها قبل أكثر من قرن، فإن المتعلقات الشخصية للشاعر كالسرير الذي كان ينام عليه، والطاولة التي كان يجلس أمامها، والإبريق الذي شرب منه، والقنديل الذي أضاء غرفته، كلها أمور تُعطي فكرة عن حياته البسيطة.
صيت جبران الشاعر هو الغالب، ولكن العارفين بسيرته يعلمون أن له وجهاً إبداعياً آخر لا يقل أهمية، هو وجه جبران الفنان التشكيلي، حيث بالوسع مشاهدة كثير من لوحاته المعروضة.
في المتحف لا تحضر روح جبران ومحطات إبداعه المختلفة فقط، فهو أيضاً، المكان الذي وُوري فيه جثمانه، وبجواره علقت يافطة تقول: «أنا حي مثلك، وأنا واقف الآن إلى جانبك، فاغمض عينيك والتفت، تراني أمامك».
على خلاف متحف جبران، لا يضم بيت الشاعر أحمد شوقي في الجيزة بمصر ـ الذي أصبح بدوره متحفاً ـ جثمان الشاعر، ويشار إلى اللون الأبيض لهذا البيت، والحديقة التي يقف فيها تمثال ضخم لشوقي نفسه نحته الفنان جمال السجيني.
وبحكم العلاقة المميزة بين الشاعر والموسيقار الكبير محمد عبد الوهاب، فإن المتحف يحتوي على جناح خاص بعبد الوهاب، به مكتبة تحتوي على مئات الكتب، فضلاً عن مسودات بخط يد شوقي، ومجموعة لوحات زيتية وتحف وصور لحياته الشخصية والعملية، وخصصت إحدى غرف المتحف لعرض الجوائز والأوسمة وشهادات التقدير والهدايا التي حصل عليها شوقي.
فيمَ تختلف بيوت كبار المبدعين، عرباً كانوا أو أجانب، عن بقية البيوت؟ الحق أن هذه البيوت قد لا تختلف في مظهرها الخارجي، ولا حتى في تنسيق غرفها في الداخل عن البيوت الأخرى، وليست بيوت هؤلاء المبدعين أفخم وأكثر أناقة من غيرها بالضرورة، فهناك ما يفوقها جمالاً وأناقة، ولكننا في هذه البيوت بالذات، نعيش تجربة أصحابها، ونتعرف إلى جوانب مثيرة للفضول في حيواتهم، قد تعيننا على ولوج عوالمهم الإبداعية.
أكثر من ذلك، فإن ما هو معروض في هذه البيوت، وقد غدت متاحف، يصبح بمثابة النوافذ الرحبة التي منها نطلّ على العصر الذي عاش فيه هؤلاء المبدعون، خاصة أنه بمقدار ما ترك أصحابها من بصمات في عصورهم، فإنهم كانوا ـ بالمقابل ـ أبناء لهذه العصور.

[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

كاتب من البحرين من مواليد 1956 عمل في دائرة الثقافية بالشارقة، وهيئة البحرين للثقافة والتراث الوطني. وشغل منصب مدير تحرير عدد من الدوريات الثقافية بينها "الرافد" و"البحرين الثقافية". وأصدر عدة مؤلفات منها: "ترميم الذاكرة" و"خارج السرب" و"الكتابة بحبر أسود".

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"