سوق النشر المحلية مرة ثانية

01:14 صباحا
قراءة دقيقتين

على الرغم من الظلال الثقيلة التي ألقت بها تداعيات كورونا على العديد من قطاعات الاقتصاد والتجارة والوظائف الحكومية، ووظائف القطاع الخاص، فإن قطاعات حيوية أخرى في الإمارات واجهت تحديات تداعيات الوباء الكوني، وبقيت صامدة ومنتجة في مجالاتها العديدة، ومن الأمثلة على ذلك ـ وعلى صعيد النشر في الإمارات ـ يشار إلى مدينة الشارقة للنشر التي استقطبت 100 شركة في عام 2020 من 23 دولة عربية وأجنبية، فضلاً عن استقطاب شركات أخرى متخصصة في القطاعات الإبداعية، بحسب تقرير نُشر مؤخراً حول المنطقة الحرة في مدينة الشارقة للنشر، وفيه قال سالم عمر سالم إن المنطقة قدّمت مجموعة من التسهيلات للمستثمرين في جميع القطاعات، ومن بينها إعفاءات من رسوم الإيجار.
نشير إلى تجربة مدينة الشارقة للنشر خلال الظروف الاستثنائية الصعبة في 2020، كما نشير إلى تسهيلات أخرى وفّرتها الكثير من المؤسسات المتخصصة في سوق النشر في الإمارات، لأطراف صناعة الكتاب أو الصناعات الإبداعية مثل المسرح والدراما، وقد أثبتت هذه الإجراءات المساعدة مادياً ومعنوياً لقطاع الإنتاج النشري والإبداعي في الإمارات، مسؤولية المؤسسات الداعمة وجديتها في التعامل مع التداعيات السلبية للوباء.
نريد دائماً تأكيد عافية النشر في الإمارات، ونمو مشاريعه الصغيرة والتي يقوم عليها في الغالب، كتّاب شباب يرون أن عملية النشر هي الأقرب إلى الكاتب، بوصفها مهنة محلية مكفولة من حيث الربح بشكل خاص، بحزمة من القوانين والتسهيلات والمساعدات التي تعمل على إنجاح هذه المشاريع الجريئة.
في معرض الشارقة الدولي للكتاب، وفي معرض أبوظبي الدولي للكتاب، تظهر هذه المشاريع التي تؤكد للمراقب الثقافي أنها تعود لكتّاب مغامرين في هذا الحقل بشكل خاص، فمن يتملك الشجاعة والجرأة ليضع أمواله في مشروع نشر؟ مقابل سوق استهلاكية مفتوحة يمكن أن يربح فيها أي مشروع آخر غير النشر وصناعة الكتاب، ولكن الأمر مختلف تماماً بالنسبة إلى كاتب «يستثمر» في النشر، فهو أولاً ليس تاجراً بالمعنى الحرفي للكلمة، وقد يستثمر في النشر لأنه جزء مهم من البنية الثقافية للبيئة التي يعيش فيها، وأخيراً وربما أولاً؛ لأن النشر مهنة حضارية أخلاقية تجذب إليها الكثير من الكتّاب الذين لا يتحوّلون إلى ناشرين بالمعنى المادي الصرف للكلمة، وإنما يظل في داخلهم شعور بالمسؤولية الثقافية أولاً، في مهنة تختلف في أخلاقياتها عن أي احتراف آخر.
في كل الأحوال يظل الكاتب الذي يختار قطاع النشر كمهنة، بحاجة إلى الربح أو على الأقل المحافظة على مشروعه من الإحباط، وحين ننظر إلى طاقة المؤسسات الثقافية والنشرية في الإمارات على استقطاب شركات ومشاريع ناجحة، وتوفير بيئة عمل حرّة ومفتوحة لها، نشعر في هذه الحال بالتفاؤل الذي يعزز الجرأة والشجاعة المطلوبتين لأي ناشر، خاصة إذا كان شاباً.

[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"