عادي

لقـاحـات «كـورونـا» ضرورة للمواجهة وسبيل للحماية

01:44 صباحا
قراءة 8 دقائق
1

تحقيق: جيهان شعيب
في بعض القضايا المصيرية المتعلقة بالصحة العامة، قد يكون ترك الحرية فيها للفرد باختيار هذا الحل أو ذاك، مبدأ أخلاقياً، وتحضراً قائماً على الوعي، على الرغم من أن الإجبار ربما يحقق الفائدة المرجوّة، وذلك ما جادت به إمارات الرقي من توفير لقاح فيروس «كوفيد  19» مجاناً للجميع، تاركة لهم الخيار في أخذه من عدمه؛ لذا ومع كل الجهود التي بذلتها دولة العطاء في مواجهة الوباء منذ اجتاح دول العالم كلها، وأصاب وقضى على كثيرين، أضحى واجباً أن يسارع الجميع لأخذ اللقاح، تحقيقاً للسلامة العامة، ففيه تقليص وتحجيم لانتشار الفيروس القاتل، وفيه تأمين للمرء من نقل العدوى وإصابة المحيطين به، وبذلك أصبحت «الكرة في ملعب» من يعيشون على أرض الطيب والأصالة.
ومع التسليم بمخاوف من يتوجسون من تلقي اللقاح، قلقاً من الآثار الجانبية المتوقعة التي أدت أيضاً ببعض من أخذوا الجرعة الأولى، إلى الامتناع عن أخذ الجرعة الثانية، ففي ذلك خطأ، وتشويش فكري قائم على ما تطرحه بعض المواقع ووسائل التواصل من معلومات مغلوطة، عن الانعكاسات الصحية للقاح والأعراض التي قد تصيب متلقّيه، على الرغم من التأكيدات الطبية الواردة من منظمة الصحة العالمية، والجهات الطبية الموثوق بها في الدولة، بأنه لا خطورة قائمة ولا أعراض مؤذية.  ووفقاً للقاعدة «لا ضرر ولا ضرار»، فالأجدى صحياً ومجتمعياً، التوحد مع إجراءات الدولة الوقائية والاحترازية، وتنفيذ ما توجه به، حماية للصحة العامة، والسلامة المجتمعية، وعن ذلك يدور التحقيق التالي: 
في كلمات حاسمة محددة، قال عبيد الطنيجي، عضو المجلس الاستشاري لإمارة الشارقة: «في نهاية المطاف لا بد من أن يأخذ الفرد اللقاح، لأن في ذلك إعادة الحياة إلى طبيعتها قبل حلول جائحة «كورونا»، لذا لا بد من تفهم الناس لأهميته، حيث إن أضراره تكاد لا تذكر، وفقاً لمنظمة الصحة العالمية. من هنا نتمنى من جميع مواطني ومقيمي الدولة المسارعة بأخذه، لاسيما أن تحضر دولة الإمارات لم يدفعها لإجبار أي كان عليه، وتركت الأمر لحرية الفرد واختياره، لتبرهن بذلك على وعي أفراد المجتمع، وتحضرهم، وإحاطتهم بخطورة الوباء؛ لذا فعلى الجميع المبادرة إلى تلقيه ليأمنوا على معيشتهم وأسرهم والمحيطين بهم، ومن دون اللقاح لن ينتهي المرض؛ لأن العدوى تنتقل سريعاً من فرد إلى آخر، وفي أخذه تحجيم لتفشي الوباء ووقاية وحماية للكل، وسيفتح المجال للمرء للتنقل في الدولة، ومراجعة الدوائر الخدمية كافة، بحرية وأمان واطمئنان، والتزاور، والسفر إلى هنا وهناك، والإياب دونما مخاطر أو أضرار».
ينبغي التفاعل
وقال الدكتور عبدالله الدرمكي، عضو المجلس الاستشاري لإمارة الشارقة: «أود أن أعبر عن جزيل الشكر والتقدير لقيادتنا الرشيدة على ما توليه من مبادرات إنسانية تجاه الآثار التي أفرزتها جائحة كورونا، والوقفات المضيئة لدولة الإمارات في شتى مناحي حياة الإنسان على هذه البسيطة، ومن جهة أخرى نشكر الحرص الكبير على التركيز على مجتمعنا المحلي في الدولة بتوفير اللقاحات المختلفة، وأنا كنت مشاركاً ومتطوعاً في أخذ اللقاح ضمن التجارب السريرية التي قدمتها الدولة أثناء الجائحة، وأوكد أنني والحمد لله لم أتعرض لأية أعراض جانبيه. ولحرصنا على مجتمعنا وجعله أكثر صحة وأماناً، ينبغي أن يتفاعل الجميع مع توجهات قيادتنا الرشيدة، بالحصول على جرعات اللقاح المقدمة، تحقيقاً للإجراءات الوقائية تجاه التصدي للوباء».
اتباع الإجراءات
ووجهت د. مروة عبدالله، الشكر للقطاع الصحي في الدولة التي تعد واحدة من أفضل الدول في التعامل بتميز شديد مع فيروس كورونا، قائلة: «هذا يرجع إلى رؤية قيادتها الرشيدة الهادفة دائماً إلى تطوير المنظومة الصحية لمواجهة الجائحة، بداية من تطبيق الإجراءات الاحترازية والوقائية، إلى توفير اللقاح المضاد للفيروس، حيث الإمارات من أوائل الدول التي وفرت اللقاح مجاناً للمواطنين والمقيمين كافة.
والحقيقة أن الوباء شديد الخطورة، فالمرض يؤثر بطرق مختلفة، وأعراضه متباينة في حدتها؛ إذ قد تظهر بصورة أعراض نزلات البرد، ويمكن أن تصل إلى إصابة الفرد بالتهاب رئوي حاد، فللأسف حدثت أكثر من مليون ونصف وفاه منذ نهاية ديسمبر الماضي بسبب هذا الوباء، لذا علينا اتباع الإجراءات الوقائية الصادرة عن وزارة الصحة، ويجب على كل أفراد المجتمع التوجه إلى المراكز الخاصة لأخذ اللقاح، وللحفاظ على السلامة العامة لكل من يعيش على هذه الأرض الطيبة».
الوعي المجتمعي
وشدد عثمان النقبي (رجل أعمال) على أن أخذ اللقاح واجب على كل أفراد مجتمع الإمارات، لأهميته في تقوية مناعة الفرد في مواجهة الإصابة بالوباء، قائلاً: «الدولة لم تقصر في إقرار كثير من الخطط المدروسة في مواجهة هذا الفيروس منذ غزا العام كله، وكانت سباقة إلى قرارات ريادية، وواجهت بحزم انتشاره، ووفرت كل ما يمكنها لتقليص حجم الإصابة به؛ لذا يجب على الجميع أخذ اللقاح، حماية لأنفسهم ومن حولهم، ولإثبات الوعي المجتمعي بإجابة كل ما تنصح به الجهات الصحية في الدولة، في ضوء حرصها على حماية الفرد، وسلامته العامة».
اشتراطات معينة
وعن إمكانية فرض عقوبة ما على المتراجعين عن أخذ اللقاح، للدفع باتجاه تحصين المجتمع، وتقليص حجم الإصابة به، قال د. عبدالله بن ساحوه السويدي، لواء شرطة متقاعد: «بداية أرى أن الأغلبية تكونت لديهم القناعة حالياً بضرورة أخذ التطعيم ضد فيروس كورونا، ومما لاشك فيه أن حكومة دولة الإمارات تسعى لإسعاد الإنسان مواطناً أو مقيماً، وأعلنت ذلك قبل سنين في قمتها الحكومية بدبي دانة الدنيا، ولطالما سعت إلى توفير اللقاح، ومن المؤكد أن ذلك يتطلب قنوات دبلوماسية، وجهداً قيادياً كبيراً، ولم يكن أمراً سهلاً، فكل ذلك لأن حكومتنا تحبنا، وتنشد سلامتنا جميعاً مواطنين ومقيمين، لاسيما وقد درست ورأت أن مصلحة الجميع تتمثل في أخذ اللقاح، وإلا لما تكبدت العناء وتحملت التكاليف لجلبه من الدول المنتجة، بمجرد جاهزيته، قبل دول أخرى عديدة، مما يبرهن على مكانة الدولة وقيادتها لدى باقي الدول والشعوب؛ لذا فنحن يداً بيد مع قرارات وتوجه حكومتنا الرشيدة في ما تقرره. وعلى الجميع التعاون لتحقيق المصلحة العامة التي من المؤكد أن الدولة تحرص عليها، ومن باب أولى أن نبادر نحن المواطنين أولاً بتنفيذ قراراتها ليحذو حذونا الآخرون.
والحقيقة أن دولة الإمارات تكبدت، ولا تزال منذ اللحظات الأولى لانتشار الوباء، الكثير من العناء والتضحيات في كل الاتجاهات، التي لم تقتصر على جنس أو جنسية معينة، حيث استهدفت الإنسان أولاً وأخيراً.
أما بشأن فرض عقوبات على من لا يأخذ اللقاح، أو يتأخر في أخذه، فمن وجهة نظري لا أرى أنه يستوجب تطبيق عقوبة عليه، بمعنى العقوبة، لعدم ارتكابه جريمة، وإن كان بالفعل أهمل اتخاذ القرار المناسب من أجل الحفاظ على صحته، غير واضع في الحسبان مصلحة الآخرين وسلامتهم من أفراد أسرته ومحيطه الاجتماعي، وكذا باقي أفراد المجتمع، والآثار السلبية التي قد تتحملها الدولة، والمجتمع، جراء انتشار الوباء، حفظ الله الجميع منه، وحفظ لنا قيادتنا الرشيدة التي تبذل الغالي والنفيس من أجلنا جميعاً. ولكن بإمكان المؤسسات أن تضع اشتراطات معينة للاستفادة من خدماتها، بتوجيه غير مباشر للناس للاهتمام بصحتهم وسلامة أفراد المجتمع، وكذلك مثالاً بالنسبة لخطوط الطيران، عليها اتخاذ قرار بعدم السماح للذين لم يأخذوا اللقاح، وليست لديهم شهادات بذلك، بالسفر عبر خطوطها، وهكذا في المؤسسات ذات التعامل مع أفراد الجمهور، ولديها عدد كبير من الموظفين».
استخدام العقل
وعن كيفية تهيئة أفراد المجتمع لتقبل أخذ اللقاح دون خوف من الأعراض الجانبية، ودون التراجع خشية عواقب صحية من أي نوع، ذهبت د. ليلى محمود، استشارية طب نفسي إلى أنه في زمن جائحة «كورونا» الحالية، ومع ظهور اللقاح وفي ظل انتشار الشائعات عن الفصيلة الجديدة المتحوّرة، يتخبط الناس بين مصدق ومكذب لفائدة اللقاح، ومدى فاعليته، وآثاره الجانبية، لافتة إلى أنه نظراً لأن وسائل التواصل  للأسف  لا تتحقق مما تنشره، ولاعتماد كثير من الناس عليها مصدراً للمعلومات، فقد تصدرَ المواقع كثير من المعلومات المغلوطة عن اللقاح، ما أثار بلبلة بين الناس حوله، ما بين مؤيد ومعارض خوفاً من الأثر الجانبي له، أو لعدم فاعليته، ولتجنب هذا الوضع السيئ، يجب التفكر واستخدام العقل، وليس تقييم الأمر وفق مشاعر القلق والتوتر، التي ستزيد الوضع حدة، وتؤدي إلى التخبط، وعدم اتخاذ القرار الصحيح، قائلة: «يجب اتباع الآتي»:
أولاً: يجب الحصول على المعلومات من مصادر موثوقة، كمنظمة الصحة العالمية، وهيئه دبي الصحية، أو وزارة الصحة، لاسيما أن هناك معلومات خطأ عن التطعيم، من أنه مخلص جينياً، ما يكون له أثر سلبي، أو لأنه قد يغير الحمض النووي للشخص الذي يحصل عليه، وهذا قول مناف للمنطق؛ لأن التطعيم ليس إلا ناقلاً يسمي «MRNA» وهو قصير العمر لا يظل في جسم الإنسان أكثر من أربع ساعات، وكل دوره هو تحفيز الجهاز المناعي لتكوين أجسام مضادة للفيروس، حيث يضع الجسم في حالة تشبه إصابته بالفيروس.
ثانياً: ليس من المنطقي أن لقاحاً معترفاً به عالمياً، وتقرّه دول العالم كافة، قد يحتمل أن يمثل خطراً؛ لذا يجب الخروج من نظرية المؤامرة، إلى عالم واحد، يجب أن نتكاتف ويشجع بعضنا بعضاً، لأخد التطعيم لنصبح عالماً خالياً من «كوفيد  19».
ثالثاً: أول تطعيم ظهر هو التطعيم الصيني، الذي أضحت معه الصين دولة خالية من الفيروس.
رابعاً: معظم الذين تعاطوا التطعيم لم تحدث لهم أي مضاعفات إلا ما ندر، وتكون في صورة أعراض خفيفة لا تتعدى أياماً، وهذا يحدث مع كثير من التطعيمات الأخرى التي تضع الجسم في صورة تشبه الإصابة.
خامساً: التطعيم المخلّق جينياً ليس جديداً، فهذه التكنولوجيا مستخدمة من قبل في تطعيم «الإيبولا»، وأثبتت فاعليتها في القضاء على المرض، وعلى الجميع التكاتف للقضاء على الفيروس، والخطوة الأولى لذلك تبدأ بأخذ اللقاح، وتجنب نشر الشائعات، ومعاً بقلب وبحب وبعقلانية، لنخرج العالم من الوباء، ونعود جميعاً إلى حياتنا السابقة وبر الأمان.
أعراض خفيفة
وفقاً لمنظمة الصحة العالمية، فإنه من السابق لأوانه معرفة ما إذا كانت لقاحات «كورونا» ستوفر حماية طويلة الأمد، واستناداً إلى البيانات المتاحة، فمعظم الذين يتعافون من المرض تكون لديهم مناعة توفر على الأقل بعض الحماية من الإصابة به. ويقول الدكتور جان بول هامون، رئيس اتحاد أطباء فرنسا: «إن لقاح كورونا مثل أي دواء، فاللقاحات عادة تسبب آثاراً جانبية، ولقاح فيروس «كورونا» لن يكون خارجاً عن القاعدة، وقد تظهر الآثار الجانبية في أعراض حمى وآلام في العضلات وتعب»، فيما ذكر برونو بيتارد أن ما يقرب من 40% من المرضى الذين تلقوا جرعتين من اللقاح قد يعانون أعراضاً متوسطة، تتمثل في الحمى، والإحساس بالتعب، وآلام العضلات أو المفاصل، وقشعريرة في بعض الأحيان، وفي حالات نادرة قد يظهر احمرار، ويحقن اللقاح في العضلات من أجل جهاز المناعة، وهناك آثار جانبية شائعة، وليست مفاجئة.
ومن جانب ثانٍ، وعما إذا كانت هناك تأثيرات أخرى للقاح، يحتمل أن تظهر بشكل منتظم فيما بعد، ذكرت السلطات الصحية في العالم، أن جميع الآثار الجانبية، إن حدثت، تكون خفيفة، وتحدث في غضون 40 يوماً من الحقن، والمدة النهائية هي 60 يوماً لظهورها، بعد أخذ الجرعة الثانية؛ لذلك ينبغي أن لا تكون هناك أي مفاجآت لظهور آثار جانبية خفيفة وشائعة.

 

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"