عادي

«كورونا» فرض أنماطاً استهلاكية تعتمد ترشيد الإنفاق

01:14 صباحا
قراءة 4 دقائق
1

الشارقة: هاني عوكل

أكد مشاركون في ندوة «كورونا» والسلوك الاستهلاكي التي عقدها «مركز الخليج للدراسات» في «دار الخليج للصحافة والطباعة والنشر» صباح أمس السبت، عبر تقنية «زوم»، أن جائحة «كورونا» فرضت أنماطاً استهلاكية جديدة قادت الناس إلى ترشيد الإنفاق، خصوصاً على السلع الكمالية وغير الضرورية.

وأوضحوا في الندوة التي أدارتها الدكتورة فاطمة الشامسي، الخبيرة الاقتصادية، أن «كورونا» كشفت الكثير من العادات الاستهلاكية، وغيّرت أنماط التسوق في الإمارات، وضبطت الاستهلاك التفاخري القائم على قرارات غير مدروسة، ما يؤثر سلباً في الادخار، ما أدى إلى التأثير في أساليب التسوق وترتيب أولويات الإنفاق. وأوصوا بأهمية ترشيد الاستهلاك، بعيداً عن ثقافة البذخ، والاتجاه إلى التركيز على المشروعات الصغيرة والمتوسطة، والتشجيع عليها، لأنها المستقبل في ظل محدودية الوظائف في القطاع الحكومي، فضلاً عن تحفيز سياسات الادخار والاستثمار، التي تعدّ مؤشراً رئيسياً لكفاءة الاقتصاد، وتسهم في النماء الاقتصادي.

تساءلت الدكتورة الشامسي، إن كان السلوك الاستهلاكي الحالي عقلانياً بقرارات رشيدة في ظل تفشي الجائحة؟ لافتةً إلى أن الكثير من الشباب، وخصوصاً المواطنين العاملين في القطاعات الحكومية، اشتروا سلعاً كمالية وغير ضرورية، مقابل الاقتراض من البنوك، ما ضغط على رواتبهم، ومسّ مسّاً كبيراً ثقافة الادخار والاستثمار. ونصحت المستثمرين في الدولة، وعلى رأسهم المواطنون، بالاستعانة بالمستشارين الماليين، لتجنب سرقة أموالهم من الشركات والمحافظ الوهمية.

استقرار الأمن الغذائي

الدكتور جمال السعيدي، الخبير الاقتصادي، وعضو جمعية رواد الأعمال الإماراتيين أكد في الندوة، أن استقرار الأمن الغذائي وتوافر السلال الغذائية من سياسات دولة الإمارات، منذ ما قبل «كورونا»، وفي بداياتها، ولم نشهد أي نقصان في موارد الدولة. وأثبتت منظومة الأمن الغذائي فعاليتها، والجائحة غيّرت الكثير من المفاهيم والأنماط الاستهلاكية.

وتطرق إلى جاهزية الدولة في التعامل الفوري مع الجائحة، وتوفير المستلزمات والسلع للمستهلكين. داعياً إلى تبني سلوكات أكثر حكمة من الأفراد، لترشيد النفقات والحفاظ على الموارد الطبيعية.

بيانات لمطاردة المستهلك

فيما تحدث الدكتور عبدالرحمن الشايب النقبي، المدير العام للدائرة الاقتصادية في رأس الخيمة، عن الأنماط الاستهلاكية الجديدة التي قال إنها نبعت من نماذج الأعمال الحديثة المعتمدة على مواقع التسوق الإلكتروني. مشيراً إلى أن نموذج الأعمال الجديد يستخدم البيانات لمطاردة المستهلك في كل مكان، بتوجيه الإعلانات نحوه، انطلاقاً من اهتماماته البحثية على الشبكة العنكبوتية.

وشدّد على أهمية ترشيد الاستهلاك، من جيل الشباب، والتعامل بذكاء مع المنتجات الاستهلاكية. كما تطرق إلى تفاقم النزعة الاستهلاكية التفاخرية بين الجيل، ما أدى إلى تفشي سلوك الاقتراض. وأكد أن من أبرز تحديات تحول المدخرات إلى استثمارات، هو أن عمر المواطن في النشاط التجاري قصير.

الثقة بالحكومة كبيرة

أما الدكتور هاشم النعيمي، الخبير في حماية المستهلك، فقد قال إن الدولة تستورد 97% من السلع من الخارج، ولم يحدث أن خلت أي سلعة، طوال الجائحة. وثقة المستهلكين بالحكومة كبيرة، مع أولوية وضع الخطط، لتوعيتهم بترشيد الاستهلاك، ابتداءً من رب الأسرة، وانتهاءً بترسيخ ثقافة الادخار.

ولفت إلى أن حجم الإنفاق الأسري في الإمارات، بلغ 26% من الدخل شهرياً. مشيراً إلى فوائد دراسة سلوك المستهلك ذات الأهمية القصوى للقطاع التجاري والحكومة، لتوعيته بالإنفاق الأمثل للراتب في الشراء. غير أنه أوضح أن المستهلكين في ظل الجائحة، اعتمدوا على الشراء الإلكتروني وسياسة التوصيل إلى المنازل، حيث كان الشراء الذكي في السابق 30%، غير أنه زاد بين 75% إلى 85% في ظل الجائحة.

 تغير الأولويات

ماجد سالم الجنيد، الرئيس التنفيذي لجمعية الشارقة التعاونية، أكد أن سلوك المستهلكين تأثر في وقت «كورونا»، وشهدنا ترشيداً أفضل في الإنفاق وتغيرت ثقافة الاستهلاك، ما أدى إلى تغير الأولويات، حيث تراجع الإنفاق على السفر والفندقة، وعلى السلع غير الضرورية، مثل مستحضرات التجميل والعطور والألبسة.

وفي المقابل تطرق إلى تزايد معدلات الإنفاق على المنظفات والمعقّمات الصحية، والسلع الاستهلاكية اليومية، والبستنة المرتبطة بالحدائق، منبهاً إلى ضرورة إعطاء الأولوية للاستثمار في التجارة الإلكترونية، ودعمها وترسيخ ثقافة التسوق الإلكتروني، والتركيز على دعم الإنتاج المحلي، وتحديث البيانات المتعلقة بثقافة الاستهلاك، لتحديد احتياجات المستهلكين.

الشراء غير المدروس

أما الدكتور سهيل البستكي، مدير إدارة السعادة والتسويق في «تعاونية الاتحاد»، فقد تحدث عن ضرورة الوقوف في وجه الشائعات التي أدت في بداية الجائحة إلى إقبال الناس على الشراء غير المدروس للمنتجات، خوفاً من نفادها. وذكر أن الثقافة الاستهلاكية بعد الجائحة أصبحت أكثر ثقة بالتسوق الإلكتروني والاكتفاء بشراء السلع الضرورية.

وتمنى من المجتمع أن يتعود على سلوكات معينة، من حيث ضبط الإنفاق وتغير الأنماط والعادات الاستهلاكية، بحسب الحاجات والأولويات، ووضع خطط للحفاظ على ميزانية الأسر وعدم تآكلها على الإنفاق غير الضروري.

انخفاض بعض المداخيل

محمد المهيري، رئيس مجلس إدارة جمعية الإمارات لحماية المستهلك، نبّه إلى أن الجائحة غيّرت العادات الاستهلاكية، ومعها أعيد النظر في الأولويات نتيجة انخفاض بعض المداخيل.

واتفق مع أغلب المشاركين بشأن توفير الدولة الإمكانيات اللازمة لتحقيق حياة آمنة لأفراد المجتمع، ووفّرت مختلف الخدمات ومكنّت البنية التحتية الإلكترونية التي أسهمت في زيادة التسوق الإلكتروني وقت الجائحة، مؤكداً ضرورة انتهاج أساليب جديدة في آليات الاستهلاك.

 بناء فكر استهلاكي

قال صلاح الحليان، المدير العام لمشروع «بيزات» المختص في التوعية المالية للأفراد، إنه لا يمكن تغيير ثقافة الاستهلاك بالحملات التوعوية فقط، مشيراً إلى أهمية بناء فكر استهلاكي بين الأطفال والشباب يبني لديهم أساليب القرار السليم في ترتيب الأولويات.

واستطرد أن الدولة تصرفت بحكمة في مواجهة الجائحة، بتحقيق الأمن الغذائي، معرباً عن تفاؤله بمواجهة هذه الأزمة، بتأكيد أولوية تنويع مصادر الدخل والاتجاه للعمل في القطاع الخاص، خصوصاً بين المواطنين، والاستثمار في المشروعات الصغيرة والمتوسطة، مع أهمية الاستدامة في اقتصاد الفرد والأسرة نحو الادخار ومن ثم الاستثمار.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"