حلقة ضعيفة أخرى في سلاسل التوريد العالمية

21:34 مساء
قراءة 3 دقائق
قناة السويس

دانيال يرجين *

تقدم سفينة الحاويات الضخمة «إيفر جيفن»، والعالقة في قناة السويس، صورة حية عن الاقتصاد العالمي الذي تعطلت سلاسل توريده العالمية بالفعل.
وبهذه الحادثة، سلّطت «إيفر جيفن» الضوء على واحدة من أكثر النقاط الجغرافية أهمية في الاقتصاد والتجارة العالميين، «قناة السويس». وهي الطريق الحيوي والمختصر الذي يربط الشرق بالغرب، وتمر عبره الرحلات البحرية القادمة من آسيا إلى أوروبا وبالعكس، وهو معرض لخطر الاضطراب الناتج عن الحرب أو الإرهاب. ولسبب وجيه، تم إغلاق القناة مرتين، الأولى إبّان حرب السويس عام 1956، والثانية أثناء حرب عام 1967، واستمر الإغلاق مدة ثماني سنوات.
وعلى الرغم من حدوث انقطاعات وجيزة بالشحن من قبل، لم يكن هناك شيء يشبه العائق الحالي الذي يعطل التجارة العالمية بمليارات الدولارات.
ازدادت أهمية قناة السويس أكثر خلال العقود السابقة بوصفها المعبر الحسّاس لإمدادات النفط المتجهة غرباً من الشرق الأوسط.
فلطالما كانت قناة السويس طريقاً مهماً للنفط والغاز الطبيعي المسال المتجه غرباً وإلى جميع أنحاء العالم. وأثناء حرب السويس عام 1956 وإثر إغلاق القناة، خشي رئيس الوزراء البريطاني آنذاك أن تُخنق أوروبا حتى الموت بدون نفط الشرق الأوسط.
ولكن أهمية القناة مختلفة اليوم، وليست قائمة فقط على الناقلات التي تحمل النفط من الشرق الأوسط إلى أوروبا وأمريكا الشمالية، بل بوصفها الخيار الأول أيضاً لعبور سفن الحاويات التجارية. حيث إن 50% من الحمولة التي تمر عبر القناة اليوم هي سفن حاويات، مقابل 18% للنفط. وهذا يعكس جزئياً النمط المتغير لتجارة النفط العالمية، وسط اتجاه مزيد من خام الشرق الأوسط الآن إلى آسيا.
يُذكر أن آلية نقل البضائع باستخدام الحاويات المغلقة قد بدأت في العام 1956، مع تحميل أول سفينة في ميناء نيوارك في نيو جيرسي. تعتبر «إيفر جيفن» واحدة من أكبر سفن الحاويات في العالم، وتحمل على متنها في هذه الرحلة نحو 20 ألف صندوق فولاذي (حاوية) تضم داخلها كل شيء من الملابس والأثاث إلى أجهزة الكمبيوتر المحمولة والهواتف الذكية والألواح الشمسية. وقد غادرت شنجهاي، أكبر ميناء للحاويات في العالم، في طريقها إلى روتردام، حيث سيتم توزيع الحاويات إلى جميع أنحاء أوروبا. ويبرز تعطيلها، بعد أن جنحت، نقطة ضعف أخرى في سلاسل التوريد العالمية.
تشكل عملية النقل بالحاويات العمود الفقري للتجارة العالمية، وهي مهمة للتقدم الاقتصادي للصين ودورها الكبير بوصفها «مصنعاً للعالم». إذ لم يكن النمو الاقتصادي السريع للصين ليتحقق لولا أساطيل الحاويات التي تنقل بضائعها إلى الأسواق العالمية بتكلفة إضافية قليلة جداً.
تضم الصين اليوم سبعة من أكبر عشرة موانئ للحاويات في العالم، وشنجهاي أكبرها، وتشكل البلاد عادة أكثر من 40% من نسبة شحنات الحاويات العالمية.
لقد تجلى اعتماد العالم على النقل بالحاويات بوضوح أكثر عندما أغلق فيروس كورونا جزءاً كبيراً من مرافق التجارة العالمية مؤقتاً في عام 2020، ولا يزال الشعور بآثاره مستمراً إلى اليوم. ولكن اليوم في عام 2021، تُظهر الأهمية الاستراتيجية لقناة السويس بشكل أكبر مدى الترابط بين الاقتصاد العالمي، بالرغم من التوترات القائمة بين الحكومات.
وفي حين أن الحجم كان أمراً حاسماً لتسهيل التجارة العالمية، فإن طول سفينة الحاويات «إيفر جيفن»، الذي يفوق طول برج إيفل الشهير، قد وصل إلى مستوى مزعج للتجارة العالمية، على الأقل في الأيام القليلة الماضية.

* نائب رئيس «آي إتش إس ماركيت» (سي إن بي سي)

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

نائب رئيس «آي إتش إس ماركيت»

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"