أوروبا منقسمة حول «كبريائها»

00:53 صباحا
قراءة دقيقتين

د. حسن مدن

لعل آخر ما توقعته أوروبا أن تجد نفسها منقسمة في الموقف من مسألة سياسية، حتى لو بدت، في ظاهرها، محض طبيّة، ونعني به الموقف من اللقاحات المضادة لوباء «كوفيد – 19»، غير المنتَجة في أوروبا نفسها، وبالتحديد من اللقاحات الروسية والصينية.
المفوضية الأوروبية أعلنت، مطالع هذا الشهر، أنّ «جواز السفر الأخضر» الإلكتروني الذي تزمع إصداره سيأخذ في الاعتبار اللقاحات المرخصة من قبل وكالة الأدوية الأوروبية فقط، أي «فايزر/بايونتيك»، «موديرنا»، «أسترازينيكا»، و«جونسون أند جونسون»، وغاية هذا الجواز هي بيان وضع الأشخاص الذين تلقوا اللقاحات، كي يسهل لمواطنيها «التحرك بأمان داخل الاتحاد الأوروبي أو خارجه للعمل أو السياحة».
وبالنسبة إلى المفوضية تبدو اللقاحات الصينية مستبعدة تماماً، رغم أن رئيس وزراء إحدى دول الاتحاد، وهي المجر، أكّد تلقيه لقاح «سينوفارم» الصيني، فيما تناقش بولندا، أيضاً، شراء اللقاح الصيني، لكن الانقسام الأوروبي يظهر أكثر في الموقف من اللقاح الروسي «سبوتنيك في»، ففيما تُراجع وكالة الأدوية الأوروبية بيانات مرتبطة به، فإن المفوضية لا ترجّح إضافته للائحة الاتحاد الأوروبي للقاحات المعتمدة، حتى إذا حصل على موافقة وكالة الأدوية.
وفي السياق نفسه، طالب وزير الشؤون الأوروبية الفرنسي دول الاتحاد الأوروبي بالامتناع عن استخدام اللقاحات الروسية أو الصينية ضد فيروس كورونا، محذراً من أن هناك خطراً يهدد وحدة التكتل، قائلاً إذا اختارت دول أوروبية هذه اللقاحات «سيكون الوضع خطيراً للغاية».
وغير آبهة بكل هذه التحذيرات، فإن أهم وأقوى دولة أوروبية اقتصادياً اليوم، أي ألمانيا، باتت قاب قوسين أو أدنى من شراء ما لا يقل عن ثلاثين مليون جرعة من لقاح «سبوتنيك في» الروسي، بمعدل عشرة ملايين جرعة في الفترة ما بين يونيو/ حزيران، وأغسطس/ آب المقبلين.
ولأن ذلك يتم في ذروة تفاقم الخلاف الأوروبي الروسي حول الوضع في أوكرانيا، وسواها من الملفات، فإن السّجال حول الأمر ازداد حدة. ومغلّبين صحة مواطنيهم، لا يبدو القادة الألمان مكترثين للانتقادات الموجهة إليهم. وعلى موقع ألماني، وليس روسيّاً، نقرأ التالي: «لم يعد هناك وقت للكبرياء والغطرسة والألعاب السياسية. يجب الآن الحصول على اللقاحات الفعالة حيثما كانت متوفرة. إذا لزم الأمر من روسيا كذلك. بالطبع، هذا يمنح موسكو انتصاراً، لكن هذا أمر يمكن تحمّله. ومن خلال شراء لقاحات «سبوتنيك»، لن تصبح أوروبا معتمدة على روسيا على المدى الطويل، فالعرض سيكون كافياً بحلول نهاية هذا العام لتغطية الطلب. وفي الوضع الحالي المزري، يجب الترحيب بكل صفقة تلقيح».
[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

كاتب من البحرين من مواليد 1956 عمل في دائرة الثقافية بالشارقة، وهيئة البحرين للثقافة والتراث الوطني. وشغل منصب مدير تحرير عدد من الدوريات الثقافية بينها "الرافد" و"البحرين الثقافية". وأصدر عدة مؤلفات منها: "ترميم الذاكرة" و"خارج السرب" و"الكتابة بحبر أسود".

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"