كي لا نندم

01:33 صباحا
قراءة دقيقتين

ما يحصل في الهند مخيف ويدعونا لتأمل ما يحصل في كل مرة يشن الوباء هجمته الشرسة على بلد ما. هو لا يضع خطة لانتشاره، بل البشر هم الذين يفرشون أمامه الحرير ليهرول في التمدد في كل اتجاه، وليصل إلى أكبر عدد ممكن من الناس. كل بلد يغض الطرف ولو قليلاً في طريقة التعامل مع الفيروس وفق بروتوكول معين وإجراءات صارمة لردع الناس عن التهور في تحررهم من كل قيود الوقاية ومنعهم بقرار رسمي من الاختلاط بشكل عشوائي في الأعياد والمناسبات والعطلات، يصل إلى الكارثة الصحية التي يصعب السيطرة عليها قبل سقوط الكثير من الضحايا. 
«كوفيد-١٩» ما زال قادراً على التحوّر، ونحن نطوّر وسائل الوقاية واللقاح، ولكنه يفوقنا سرعة في التنقل بين البشر والدول، والإنسان بطبيعته يميل إلى التحرر من كل القيود ليعيش على سجيته، وينسى سريعاً أو يتناسى ما مر به العالم العام الماضي من عزلة شبه تامة شلت العالم وتقطعت سبل التواصل باستثناء الافتراضي الإلكتروني، وأننا وقفنا نتضامن ونؤازر بعضنا على الشرفات وعبر نوافذ التواصل الاجتماعي. 
نتضامن مع الهند ونتعاطف ونمد اليد للمساعدة، ولا بد من تأمل ما يحصل لنتعلم ونواصل الالتزام بكافة التدابير الاحترازية. مؤلم أن نرى شعباً يتألم وأعداد الإصابات والوفيات بالآلاف، خصوصاً أن «كورونا» الموجة الجديدة «بالحجم العائلي»، كما يقولون، أي أنه يصيب عائلات بأكملها، ولم يعد يفرق بين كبير وصغير. 
الإمارات تقف بجانب الهند كما تقف بجانب كل دولة تحتاج للمساعدة، ندعم ونتعاطف لكن المصاب كبير، ولن يقف عند حدود الهند فقط، وناقوس الخطر يدق ليسمعه العالم كله. 
لا فائدة من التذمر أو الإحساس بالملل من الحالة التي فرضها على العالم الوباء منذ ظهوره، فكلما هدأت موجة تأملنا في تراجع «كورونا» إلى حدود الاختفاء الكلي، ثم تأتي كارثة بحجم ما يحصل في الهند لتذكرنا بأننا بخير بفضل الإجراءات الاحترازية والوقاية والتباعد لا بسبب تراجع الوباء.. 
في الهند تخلّوا عن الإجراءات الوقائية للاحتفال بمناسبات دينية، دون الأخذ بالاعتبار وجود «كورونا»، فكانت النتيجة زيادة في الإصابات وتحورات الفيروس بشكل أخطر من الفيروس الأصلي. ونحن على مقربة من عيد الفطر، وطبيعي أن يحنّ الإنسان إلى لقاء الأحبة وزيارة أشقاء وأقرباء وربما أصدقاء.. لكن هل يكون للعيد معنى وفرحة لو أصيبت العائلة لا سمح الله بالوباء اللعين أو فقد أحد منها بسببه؟ فلنتعلم كي لا نندم.

[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

كاتبة وناقدة سينمائية. حاصلة على إجازة في الإعلام من كلية الإعلام والتوثيق في الجامعة اللبنانية. ساهمت في إصدار ملحق "دنيا" لجريدة الاتحاد ومن ثم توليت مسؤولية إصدار ملحق "فضائيات وفنون" لصحيفة الخليج عام 2002 فضلا عن كتابتها النقدية الاجتماعية والثقافية والفنية. وشاركت كعضو لجنة تحكيم في مهرجان العين السينمائي في دورته الأولى عام ٢٠١٩

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"