الإمارات نموذج إنساني وحضاري

00:35 صباحا
قراءة 3 دقائق

محمد خليفة

تتدافع الأحداث بقوة فتثير العقول وتخطف الأبصار، وعندما نتأمل الماضي الذي سلف، والحاضر الذي نعيشة، والمستقبل الذي نتطلع إليه، نجد بين الأزمنة ترابطاً أزلياً وارتباطاً حتمياً من خلال التسلسل الزمني عبر الدورة الفلكية المحتومة.

  يرى العلماء أن البشرية لا تطرح على نفسها إلا المشكلات القادرة على حلها. فها هي البشرية تواجه مشكلات عديدة قد تبدو، للوهلة الأولى، عصية الحل، إلا أننا اعتدنا على أنه كلما تأسس واقع جديد أنتج قيمه الجديدة في سرعة عجيبة لم يكن العقل البشري مهيأ لها.  

   وخلال القرن العشرين، وبشكل أدق، في الربع الأخير منه، شهدنا ظواهر لم تطفُ على سطح البشرية من قبل،  حيث فقد العالم في القرن العشرين توازنه، وانزلق نحو هاوية التطرف، وعدم الاستقرار بعد أن عرف فترة ذهبية بعد الحرب العالمية الثانية، حتى منتصف التسعينات، حيث نجمت طفرات اقتصادية واجتماعية هائلة، فتسارعت وتأثر النمو الاقتصادي، إضافة إلى ذلك تدهور الجماهيرية المنظمة على أساس طبقي أو إيديولوجي.

 وإذا كانت هذه حال الزمان السياسي تدل خصوصاً على الحركة العقلية الخاصة بالديالكتيك أو الحركة الفيزيائية، وبالتالي التطورات الاجتماعية والسياسية، تفقد المركبات اللابسة ثوبي الزمان والمكان وفق زوايا جديدة ومعطيات مختلفة؛ لأجل كشف بواعث هذه الظواهر، التي أدت إلى نقلة كبرى في تداول أوسع للأفكار، وتناقل أوثق عبر الأجيال، فأصبحت الأفكار لا تتقادم مهما انصرم من الزمان، يبقى، عبر صفحاته التي لا تنتهي، مجالاً لهذه الأفكار والتحولات السياسية والاقتصادية والاجتماعية، وهي من أعظم الموضوعات الإنسانية، لأن اللاحق من الأفكار يتعقب السابق منه. فالأفكار لم تعد كما مضى محصورة في المكتوب أو المنطوق، بل أصبحت متاحة لكل متابع، حتى أصبح التقارب بين كافة بني البشر يمثل صورة عالية من التماس، في وقائع الزمان الروحي، الذي يشتمل في داخله على التركيبات الروحية والتحققات الواقعية التي تمت في الماضي، والتي يعلى عليها في الحاضر ثم المستقبل.

   وعلى مر الزمان تبلغ الروح كمال واقعيتها، وخلال هذا التطور كله تؤكد الصورة كل معناها، وتحقق كل ما في مضمونها، وتمتلئ شعوراً بذاتها. فالروح الإنسانية الشاملة تظهر بالضرورة في الزمان، حيث أن الوجود في مشاقة مع نفسه، ويحتوي في داخله على عراك باطن، ولكنه عراك ينتهي في الخطوة التالية، لا يلبث أن يرفع ثم يعود من جديد، والنتيجة العامة هي التطور المتقدم للروح المطلقة على مدى الزمان، وهو منطق يعلو على الزمان المجرد، إلى عالم الحقائق وتحرير الإنسان من الوثوق المطلق ومن الأحكام المسبقة والانتقال إلى الثقافة الإنسانية، وبذلك يتحقق التقدم والانفتاح الكامل بعد معرفة عوامل التقدم من داخل المجتمعات المتقدمة علمياً واقتصادياً، ومن غير استسلام لقيود الماضي وعقده ومعوقاته، وبذلك يتحقق الازدهار من خلال موارده الطبيعية، فالطاقة الإنسانية المدججة بالمعارف والمهارات أصبحت هي الثروة الإنسانية المتجددة، وأي مجتمع مرتهن بمقدار رغبته الصادقة في التعلم من الآخرين والاستفادة من تجاربهم وانفتاحه عليهم وإزالة الحواجز النفسية والذهنية والوجدانية التي تفصله عنهم، مع الإيمان المطلق بأنفسنا، ذلك الشعور الإنساني الأرقى بالإنسان والحياة. 

   وهكذا ارتفعت دولة الإمارات بالأفق الذي يكبر فيه الإنسان، ومع هذا الانطلاق والعمل لنصرة الخير وتحقيق الحق وعمارة الأرض وترقية الحياة، بقيادة رشيدة بانية عادلة خيّرة،  أشرق الوطن وبلغ من العظمة والقوة والوجود الكبير. وقدمت القيادة للعالم بأكمله أبرز وأهم النماذج المدنية وأسهمت في تأسيس وتكوين معرفي وثقافي واسع وحقيقي. وأضافت للوطن والإنسان عبر منجزات ضخمة هي مداميك نمو ونماء وتنمية.

رحم الله الراحل المؤسس الشيخ زايد، طيب الله ثراه، شع نوره، وبإيماناته ونضالاته أسس هذا الفضاء المترامي، وأقام كياناً موحداً ينعم بمقومات الأمن والرخاء، وتبعه أبناؤه في حمل الرسالة والأمانة يقدمون التميز في كل تفاصيل حياة الوطن ويحصنون منجزه الحضاري والتنموي.

[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

إعلامي وكاتب إماراتي، يشغل منصب المستشار الإعلامي لنائب رئيس مجلس الوزراء في الإمارات. نشر عدداً من المؤلفات في القصة والرواية والتاريخ. وكان عضو اللجنة الدائمة للإعلام العربي في جامعة الدول العربية، وعضو المجموعة العربية والشرق أوسطية لعلوم الفضاء في الولايات المتحدة الأمريكية.

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"