نافذة التطوير

23:11 مساء
قراءة دقيقتين

علاء الدين محمود

يلعب الأدب دوراً أساسياً في الحفاظ على اللغة وتطورها والارتقاء بها، عبر أنماطه المختلفة من شعر وسرد وشذرات، وغير ذلك من الكتابات الأدبية القديم منها والحديث، فهذه الأنماط الإبداعية تجعل اللغة حية تأبى أن تموت، لكونها تبقى متداولة؛ حيث إن اللغة ليست فقط مجموعة من المفردات والعبارات والألفاظ؛ بل هي مكون أساسي للحياة الاجتماعية، فهي وسيلة للتعبير عن الذات وعن الحاجات والرغبات، وكذلك التواصل مع الآخر، وذلك يعني أن اللغة تتطور مع تطور المجتمعات، ومع ازدهار آداب الشعوب وثقافتها.

 الأدب يحتفي باللغة، ويحفظ ألفاظها ومفرداتها من الانقراض، لذلك نجد أن الشعر، على سبيل المثال، دائماً ما ترد فيه الكلمات القديمة المتروكة، على نحو ما كان يفعل أبو الطيب المتنبي من أجل جعل الألفاظ العربية القديمة حية باقية، وكذلك اعتبر الأدب، بصورة عامة، نافذة اللغة على التجديد، من حيث تطوير أساليبها وتوسيع معانيها؛ بل وحتى الابتكار والإضافة عبر النحت داخل المفردات والاشتقاق والتوليد، الأمر الذي يطور بالفعل من اللغة ومقدرتها على الصمود عبر الأزمنة والتحولات الاجتماعية.

 ولعل من أكثر الفلاسفة الذين تحدثوا عن اللغة وعلاقتها الجدلية بالأدب، هو الألماني هايدجر، والذي غاص في قضية أثر الشعر بصورة خاصة في تلك العلاقة، فهو يرى أن الشعر يظهر ما يظل خافياً في اللغة العادية؛ أي أنه يرفع من مستواها ويطورها؛ بل إن الشاعر يقوم بفتوحات على مستوى اللغة التي يستخدمها، فهو لا يظل حبيس تعابير ومفردات الاستخدام اليومي؛ بل يبتكر ويبدع، وبحسب هايدجر، أن كل شعر يقول جوهره؛ أي لغته الأصلية، وفي ذات الوقت فإن ذلك الجوهر الكشاف للغة هو القصيدة، فما يفعله الشعراء دائماً هو توسيع ضيق العبارة، عبر النحت العميق في اللغة، وصنع التعابير والإحاطة بغريب الألفاظ وإدراجها ضمن نصوصهم الإبداعية في يسر وسهولة، بالتالي تلك عملية تتضمن الاكتشاف والتطور.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

صحفي وكاتب سوداني، عمل في العديد من الصحف السودانية، وراسل إصدارات عربية، وعمل في قنوات فضائية، وكتب العديد من المقالات في الشأن الثقافي والسياسي، ويعمل الآن محررا في القسم الثقافي في صحيفة الخليج الإماراتية

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"