دعونا نتصارح.. هذه معوقات التوطين

00:08 صباحا
قراءة 4 دقائق

صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة، رئيس مجلس الوزراء، حاكم دبي، رعاه الله، أثار بشكل واضح ومباشر ملف توطين الوظائف في رسالة شهيرة قبل سنتين مخاطباً الجميع: «كثرت الشكاوى من ملف التوطين، ونحن نسمعها.. وانخفضت نسبة رضا الناس عن تعامل المسؤولين مع هذه الظاهرة، ونحن نرصدها.. توفير الوظائف للمواطنين كان وسيبقى أولوية.. حالنا حال جميع الدول في الشرق والغرب.. ولنا وقفة جادة في هذا الموسم مع هذا الملف ومحاسبة ومتابعة.. وقرارات جديدة بإذن الله».
 هكذا ترى الدولة أولوية الموضوع من وجهة نظرها، وتترك له حيزاً ملموساً في تفكيرها. لكن مثل كل شيء في دولتنا الفتية، يجب أن تتم التحولات على مراحل تراعي الانتقال من حال إلى آخر، من دون التأثير في المكتسبات، وبمشاركة الجميع.
 ويجب على كل الجهات المعنية بمتابعة ملف التوطين أن تساهم في متابعة ودعم وتذليل الصعوبات والتحديات مع المؤسسات والدوائر والشركات المحلية والاتحادية والقطاع المصرفي والقطاع الخاص، لدعم المواطنين والمواطنات في الدولة، والمساهمة في دعم وتنفيذ رؤية وقرارات الحكومة، والنجاح في تحقيق التوازن بين تنمية القدرات المحلية والاستعانة بالخبرات الخارجية من جهة، والأيدي العاملة، من جهة أخرى.
‎ كثيراً ما نسمع عن عاملين لمعت أسماؤهم من خلال تحقيقهم أكثر مما كان متوقعاً منهم، تماماً كما نسمع عن آخرين كانوا من المشهود لهم بكفاءاتهم، ولكنهم عجزوا عن تقديم الحدود الدنيا من العمل المطلوب منهم، فتعثروا (وتحطموا)، وشاركوا مؤسساتهم في دفع ثمن الخيبة.
‎ ندرك أن قيادة الدولة قطعت وعداً بأن تعالج هذه المشكلة بالاستثمار المستمر في الكوادر الوطنية للوصول إلى أرفع المستويات، وفرض توظيف الخريجين الجدد بشرط زيادة موازنات التدريب، وتخصيص أدوار وظيفية مناسبة لمهارات وخبرات المواطنين، ووضع برامج دوام تساعد المواطن على تحقيق توازن بين حياته الشخصية والمهنية، وتوفير الميزانيات المالية الكافية لتعيين المواطنين ليصبحوا كوادر مؤهلة لدخول سوق العمل.
 وعندما نقول إن تخطيط القيادة للانتقال بالإمارات إلى مرحلة توطين الوظائف بشكل أعمق وأكثر انتشاراً، ونربطه بالمشاركة من الجميع، لأن هذا هو المطلوب. فالسؤال الذي يدور في ذهن كل إماراتي: هل فعلاً إن القطاعات المعنية بدعم الخريجين الجدد تقوم بكامل دورها؟ وهل فعلاً هناك تعاون من المؤسسات والجهات والهيئات والشركات لدعم قرارات القيادة وتحقيق الأهداف المرجوة للمحافظة على ثروة الوطن المتمثلة في الكوادر الشابة؟
 إن الأمانة الوظيفية يجب أن تكون في ضمير كل مسؤول في أروقة العمل بمختلف التخصصات والجهات، فالمواطن الذي تقوم حياته على وظيفته يجب دعمه وتدريبه، كما يجب ترجمة جهود قيادتنا بدعم هذا الملف من خلال تحقيق التعاون المطلوب من الجميع، وإيجاد التوازن بين الخبرات العالمية للكوادر على عقود استشاريين، وبين مكان المواطن الحقيقية والصلاحيات التي يجب أن تعطى له.
 دعونا نتصارح. هناك العديد من الظواهر الواضحة للجميع. لا يوجد دعم للخريجين، ولا يوجد دعم للمواطنين داخل أروقة المؤسسات في حال تم تعيينهم. من المعني هنا؟ هل هي القيادة التي لم تبخل في توفير كل الإمكانات لدعم الوطن والمواطنين، أم المسؤولون الذين لا يؤمنون بجهود وقدرات المواطن؟ أم الجهات المعنية بالتوطين التي من الواجب متابعاتها لمؤشرات الأداء لنسبة التوطين في كل جهة؟
 ما يجب ذكره، أن تقصيرنا جميعاً يؤثر في مجتمعنا، ويؤثر في دعم مجهود قيادتنا. والمواطن ثروة، وهذا ما أكده صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة، حفظ الله، عندما قال «المواطن الثروة الحقيقية للدولة ومحور سياساتها». وهذا ما أكده وباركه صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، ولي عهد أبوظبي، نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة، بتشديده على «حرص قيادة الدولة على توفير أفضل سبل العيش الكريم لأبناء الإمارات وتلبية متطلباتهم»، وهذا ما أكده وباركه صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي، عضو المجلس الأعلى، حاكم الشارقة، من خلال متابعته المباشرة لمستوى صرف المواطن من خلال تصريحه «لو زادت مصاريف الحياة سنقوم بعمل دراسة جديدة وستكون المرتبات متناسبة مع متطلبات الحياة.. ولو وصل الحال للضرر للذين رواتبهم متدنية.. أنا لا أتركهم». وكذلك أصحاب السمو حكام الإمارات كافة.
 اذاً، ما هو العائق أمام المعنيين، وما هي الحلول، وهل عدد المواطنين في الدولة يفوق عدد الشواغر؟ لابد من وقفه جادة وصارمة. ويجب عدم الخلط بين الخبرات الخارجية ودورها، وبين المواطنين الخريجين، فهم رهان دولتنا، وهم من ستقع على عاتقه تكملة مسيرة الإمارات. يجب ألا نفكر في انفسنا فقط، بل يجب التفكير في كوادرنا الوطنية، فهي الأحق بالدعم.
 تضع القيادة في دولة الإمارات دعم الكوادر الوطنية على أعلى سلم أولوياتها لتحقيق التنمية بما يخدم المواطنين، ويحافظ على ديمومة الاستقرار والرفاهية اللذين يعيشهما أبناء الإمارات، انطلاقاً من كون المواطن حجر الأساس، والمحور الأهم في تقدم الوطن واستقراره في شتى مجالات الحياة.

[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"