عادي

مصير المنحرف

22:17 مساء
قراءة 3 دقائق

كتب: أمير السني

وقع (و.ر) في قبضة الشرطة بعد أن ضبط وهو يقود سيارته وبحوزته حقنة مخدرة، ومن خلال التحري معه وعرضه للفحص الطبي تبين وجود مواد مخدرة في عينة البول وحكم عليه بالسجن، والالتزام بالذهاب إلى مركز طبي للفحص الدوري بعد انقضاء العقوبة، ووجد خلال مكوثه في السجن الإرشاد والتوجيه والتحذير من مخاطر المخدرات لعله يبتعد عنها.

وكان من الممكن أن تُصلح تلك الفترة حال هذا المنحرف وتجعله أباً صالحاً يتحمل المسؤولية ويرعى أبناءه الأربعة، فالابن الأول يدرس في كلية الهندسة ويطمح لأن يصبح مهندساً يرفع رأس والده وأسرته، أما الابن الأصغر فهو في المرحلة الثانوية يحلم بأن يدخل كلية الطب.

والابنة الوسطى تحلم بأن تعمل في مجال الإعلام، وتصبح إعلامية تظهر على شاشات القنوات الفضائية، فمنذ صغرها كانت تشارك في المدرسة لتقديم فقرات البرنامج الصباحي أمام الطالبات، والابن الرابع الأصغر المدلل في الأسرة هو أكثر المتعلقين بوالده، فما أن يبدأ الوالد في فتح باب الشارع لإدخال سيارته حتى يجد الابن الأصغر يهرع إليه ليحتضنه ويرافقه الى الداخل.

ولكن (و.ر) يبدو أن سم المخدرات لا يزال ينتشر في جسده، وهو يصر على الاستمرار في ذلك الطريق من دون أن يلتفت إلى أسرته، ويصبح إنساناً سوياً في المجتمع يقوم بأدوار إيجابية بدلاً من الجلوس مع أصدقاء السوء، فالإدمان على تعاطي المخدرات كان أقوى من إرادته، فبدلاً من أن يتعظ من انحرافه عاد مرة أخرى إلى أصدقاء السوء ليتعاطى معهم المخدرات، ويتخلى مرة أخرى عن واجباته المنزلية وعدم الاهتمام بالأبناء والذهاب في الطريق الخطأ الذي رسمه بيده ليذهب إلى سهراته وملذاته حتى منتصف الليل.

وذات يوم خرج من منزله وذهب إلى أصدقائه الذين كانوا ينتظرونه في إحدى المزارع، وقد أعدوا العشاء والمواد المخدرة التي يتناولونها عن طريق «الشيشة» وقضوا تلك الليلة حتى ساعات الصباح، ولما عاد إلى المنزل كان في حالة يرثى لها، وكانت زوجته في انتظاره وهي قلقة تخشى من أن يتناول تلك المخدرات، ولديه مواعيد مع مركز الأمل لمعاينته حتى يتأكدوا من توقفه عن تناولها، وصدمت الزوجة عندما رأته على حالته وصارحها بأنه تناول المخدرات.

وعندما حان موعد ذهابه لمراجعة حالته لدى مركز الفحص الدوري، رفض (و.ر) الذهاب خوفاً من أن يكتشف أمره، وكان لا يرد على مكالمات المسؤولين في المركز لتذكيره بالموعد وتحذيره من الغياب، وبعد أن فشلت الجهود في إقناعه بالذهاب إلى المركز، ألقي القبض عليه مرة أخرى وتم تقديمه للمحكمة، وعندما سأله القاضي عن أسباب تخلفه عن الفحص الدوري طلب من قاضي المحكمة مراعاة ظروفه الأسرية، مخبراً القاضي بأن لديه زوجة وأربعة أطفال في المدارس، ومطالباً بتخفيف الحكم عليه، فرد عليه القاضي مقدماً له نصيحة أثرت في نفوس الحضور في قاعة المحكمة قائلاً له: «إن لديك سابقة جنائية، حيث حكم عليك بالسجن وكانت فرصة لأن تعود لرشدك، وترجع إلى أبنائك الذين يحتاجون إليك، وتصبح إنساناً صالحاً، لكنك عدت مرة أخرى إلى ضلالك ولم تستفد من تجربتك السابقة».

وفي جلسة الحكم قررت المحكمة سجن المتهم عامين ومراجعته مركز الأمل الطبي بعد انقضاء العقوبة.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"