تهدئة مع روسيا وتصعيد مع الصين

00:43 صباحا
قراءة 3 دقائق

«كان الاجتماع مثمراً ومباشراً»، قال الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بعد اجتماعه مع الرئيس الأمريكي جو بايدن في جنيف و«لم نتحدث عن العواطف، بل عن المصالح الوطنية» بهذه الكلمات لخص بوتين اجتماعه الأول مع بايدن. 
 الرئيس الأمريكي يعي تماماً المحاباة السابقة لسلفه الرئيس ترامب للرئيس الروسي الذي يعي تماماً أن العلاقات الشخصية والمصالح الشخصية التي طبعت مرحلة ترامب قد انتهت، وأن الإدارة الديمقراطية تختلف عن الجمهورية من حيث الحدة في التعامل مع روسيا. كان الرئيسان تبادلا الاتهامات بالقتل وخرق حقوق الإنسان كل في بلاد الآخر، إلاّ أنهما على ما يبدو خففا في الاجتماع بينهما من الاتهامات، وانتقلا إلى بحث سبل التعاون وتخفيف حدة التوتر بشأن القضايا المختلفة. 
 فالطرفان اجتمعا في ظلال التنين الصيني الذي تعتبره واشنطن التحدي أو الخطر الأكبر، بينما يرى فيه الروس حالياً حليفاً. فالروس ليست لديهم طموحات الصين التي تتمدد اقتصادياً في العالم، بل في محيطها فقط، بينما سبق للرئيس الأمريكي أن حذر في لقاء له مع النخبة العسكرية الأمريكية من خطر الصين، وقال في كلمة أمام مجموعة من العسكريين، أن الصين تفكر بالسيطرة على أمريكا وامتلاكها في السنوات ال15 المقبلة. 
 وما أدى دوراً إيجابياً أيضاً أن التوقعات في شأن المحادثات الروسية الأمريكية كانت منخفضة كثيراً، فقد أكد الرئيس بوتين ألاّ «عداء» بين الجانبين وأن محادثاتهما جرت «بروح بنّاءة». وقال الرئيس بايدن «فعلت ما جئت لأفعله»، وأضاف أن «الاجتماع الشخصي مهم كي لا يحصل أي خطأ في شأن نواياه».
 وتقرر أن تعود العلاقات الدبلوماسية الطبيعية إلى سابق عهدها من جديد، مع عودة سفيري البلدين إلى مركزيهما في واشنطن وموسكو.
 وفي الوقت الذي انعقد فيه اجتماع جنيف، أقر الكونجرس تخصيص 250 مليار دولار في ميزانية العام المقبل لتطوير تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي والروبوتات وصناعة أشباه الموصلات لمجابهة الصين، كما أعلنت وزارة الدفاع الأمريكية، أنها انتهت من مراجعة استراتيجية الأمن القومي للولايات المتحدة تجاه الصين، وحددت حكومة الولايات المتحدة بأكملها، هدفها الشامل المتمثل في الاستعداد لاستراتيجية طويلة المدى لمنافسة الصين، وهو ما كان بايدن نفسه قد أشار إليه عدة مرات، محذراً من صعود الصين، باعتبارها التحدي المركزي للولايات المتحدة هذا القرن.
 وحتى خلال الاجتماعات التي عُقدت في بريطانيا وبروكسل مع زعماء مجموعة السبع وقادة حلف شمال الأطلسي، ظلت الصين في مقدمة اهتمامات بايدن ومركزها، بعد أن نجح نسبياً على الأقل في حشد كلا المجموعتين لإنشاء جبهة موحدة ضد التحدي طويل الأمد الذي تمثله بكين، ووافق قادة الحلف على تضمين حاجتهم لمواجهة الصين في وثيقة المفهوم الاستراتيجي، حينما أكدوا في بيانهم الختامي أن طموحات الصين المعلنة وسلوكها يمثل تحديات منهجية للنظام الدولي القائم على القواعد وللمجالات المتعلقة بأمن التحالف.
لكن، جهود واشنطن لتوسيع مهمة الناتو باتجاه الصين، أحاطتها بعض التحفظات، فقد أوضح بوريس جونسون رئيس الوزراء البريطاني، أنه على الرغم من أن الحلف يجب أن يتعامل مع نفوذ بكين المتزايد باعتباره حقيقة هائلة في حياتنا واعتباراً استراتيجياً مهمّاً، فإن قادة الناتو لا ينظرون إلى الصين على أنها خصم بنفس الطريقة التي ينظرون بها إلى روسيا، لأن لا أحد يريد الانزلاق إلى حرب باردة جديدة مع الصين.
على أن الرئيس بايدن أعلن وفقاً لسياسته وجهاً لوجه عن استعداده للقاء الرئيس الصيني لبحث العلاقات بينهما.
 وقال جيك سوليفان مستشار الأمن القومي الأمريكي إنّ بايدن قاد مجموعة السبع نحو مخطط بنية تحتية بديل لمبادرة الحزام والطريق الصينية، كما أنّ قمّة حلف شمال الأطلسي نجحت للمرة الأولى في «التعامل بجدية مع التحدّي الأمني الذي تشكّله الصين».

[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"