لقاء شعراء العالم على مائدة الصيف

00:06 صباحا
قراءة دقيقتين

تعجبني الاختيارات الشعرية العالمية التي ينقلها إلى العربية الشاعر المغربي محمدّ قنور، اختيارات تكشف عن خفّة إبداعية شفافة، وذكاء في المعنى والمبنى، وهي في المجمل شعر العالم والحياة، وليست مغلقة على بلد أو على شعب أو ثقافة ضيّقة في حدّ ذاتها، ولذلك، فنحن في مثل هذا الشعر الإنساني الكوني نجد أنفسنا في اللغة والصور والجمال الأدبي واللياقة الإبداعية، العربي يجد نفسه في قصيدة لشاعر أوروبي، بل في أبعد نقطة باردة في أوروبا، والإفريقي يجد نفسه في قصيدة يابانية، والآسيوي يجد نفسه في قصيدة لشاعر أمريكي أو أسترالي أو روسي من دون أي تمييز .
موضوع القصيدة، أيضاً، هو الذي يُحدّد عالميتها ويسقط عنها الجنسيات الأحادية الأنانية، مثل موضوع٬ «الصيف» على سبيل المثال لا الحصر، الصيف للصيني الأمريكي، والهندي والإسباني على السواء، وحين يكتب شاعر، أي شاعر في العالم قصيدة عن الصيف فهو يكتب للبشرية كلّها أو الأصح للبشر كلهم، ويصبح هو في ذاته كأنه مجموعة من الناس يجمعهم فعل واحد بلا تذمّر، وبلا ضيق زمن ولا ضيق نفس.
حضرت كل هذه التداعيات عند قراءة قصائد لشعراء من العالم موضوعها واحد هو: «الصيف» من اختيار وترجمة الشاعر المغربي محمدّ قنور صاحب النظرة اللمّاحة المرنة في الاختيار وفي الترجمة «الاتحاد الثقافي 8 يوليو 2021».
شعراء الصيف هؤلاء، أو شعراء المظّلات الشمسية يعود ميلاد بعضهم إلى نهايات القرن التاسع عشر، والبعض مولود في ثلاثينات القرن العشرين ومازال على قيد الحياة، تخيل مثلاً الشاعر البريطاني توني كونور المولود في العام 1930 ماذا يقول عن الصيف وهو في التسعين من عمره:
يقول:...«.. مُتراخٍ على أريكة خشنة./. في ليلة صيف رطبة./ أصغيت لكلاب خافتة../.. بلا هوادة../.. تنبح مسرورة في أقصى الشارع../..».
الشاعر الأمريكي من أصل صربي تشارلز سيميك (1938).
يجعل من شجرة في الصيف امرأة اسمها: «شهرزاد».
يقول.. «..جاء الصيف../.. وصارت كل شجرة../.. في شارعي شهرزاد../.. وأضحت لياليّ الخاصّة../.. جزءاً من وحشية سردها القصصي..).
لكل شاعر صيفه، ليصير الصيف الواحد صيف المدن والقارّات والشعوب، لا بل، صنعت الشعوب أساطير للصيف وحكايات وتراثيات تختلف من ثقافة إلى أخرى، وإن كان يجمع هذه الجماليات والسرديات الصيفية خيط لاظم واحد يظهر أكثر ما يظهر في الغناء الإنساني الجامع.. الشعر.
[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"