لعلّها مرحلة تطوّر جديدة

00:22 صباحا
قراءة دقيقتين

هل البشرية على عتبة مرحلة جديدة من التطوّر بمعناه الكبير؟ لا مزاح في المطروح إذا لاح فيه جنوح. قد يبدو التطرق إلى التطور دارويني الهوى، في حين أن الداروينية اجتزائية، بمعنى أنه لولا الفيزياء ما كانت الكيمياء، ولولا الكيمياء ما كانت الأحياء.
كيف يمكن الحديث عن تطور الكائنات الحية، ونسيان مكوّناتها: الهيدروجين، الأوكسجين، الكربون، الأزوت، الفوسفور...كل هذه أقدم من الأرض والمنظومة الشمسية وكل المجرّات. المرجع الأول ومضة الانفجار العظيم، ذلك هو مولد مسيرة التطور.
العالم اليوم في مفرق طرق، ولكنها تؤدي إلى بوصلة مستقبلية واحدة، لهذا من الصعب أن نتصور تباينات كبيرة بين الحضارات في العقود والقرون المقبلة. بديهي بقاء التقدم والتخلف، ستبقى الصراعات آماداً مديدة، من العسير السيطرة على الغرائز. ثمة قائمة طويلة من أسباب النزاعات يجب أن تحل، في مقدماتها الطاقة، النفوذ...إلخ.
لكن إمكانات الإنسان في الحاضر والآتي، تبعث على التصور الرصين أن البشرية دخلت مرحلة من التطور مختلفة تماماً.
خذ الأمور بروية: لم يشهد التاريخ قط، حتى قبل نصف قرن، أن استأسد في الميدان العلمان: الذكاء الاصطناعي والعلوم العصبية. ماذا يعني أن يصير للآلة، ولو بعد بضعة عقود، وعي؟ ماذا يعني أن يتبوّأ الدماغ البشري مكانته الكونية كأعظم حاسوب في الكون، وأن يغدو نظامه بوصلة البحث العلمي والاكتشاف والتجارب؟
إذا بدت النقلة النوعية التطورية ضبابية وبروقها لا تخطف الأبصار، فماذا عن الدماغ البشري إذا عانقته شرائح ورقائق نانوية وحتى ميكرونية رقمية وغداً كوانتومية؟
يجلس في مكتبه فتى بني ذكاءين (بيولوجي واصطناعي)، في زاوية ضئيلة من دماغه مكتبة الكونجرس، ومكتبات مئتي لغة، وكل ما أبدع البشر من موسيقى وفنون، مع تقوية رقمية وكمومية تجعل خوارزميات الدماغ تعالج مئات تريليونات العمليات في ثانية؟ سيكون التفكير مبنياً على وهم خاطئ إذا قسنا سرعة ما يحدث في الزمن على الماضي. البشرية وصلت إلى التطور العلمي اليوم في ثلاثة آلاف عام. لكن، فلنتأمل ما حدث منذ 1950. ثم ما جرى مع الحاسوب الشخصي والشبكة منذ 1990. يعجز كل علماء العالم عن أدنى تخيل لعام 2100.
لزوم ما يلزم: النتيجة الأسطورية: التخلف عن موكب العلوم الريادية سيجعل المتخلفين عام 2100 بمثابة إنسان «نياندرتال».
[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"