إدارة مالية

00:13 صباحا
قراءة دقيقتين

المتأمل لسلوك المستهلكين، والراصد لما يدور في الأسواق ومراكز التسوّق الكبرى، يُدرك أن ثمة ممارسات خطأ تجري في تعاطينا مع احتياجاتنا، والتخطيط الشرائي الذي تعمل به كثير من الأسر ويؤدي إلى خسائر كبيرة في الأموال بسبب المبالغة في التسوق، فضلاً عن نوعية الشراء والوقوع  بسهولة  في فخّ العروض الخاصة والتخفيضات التي تخدم التاجر أكثر من المستهلك، وتؤدي بكمية كبيرة من تلك المشتريات إلى النفايات؛ لأنه لم تكن هناك حاجة حقيقية إليها، وإنما وهم وسلوك سلبي وعادات خطأ.
في الحقيقة نحن بحاجة إلى تدريس أبنائنا مفاهيم جديدة تتعلق بالتسوق وإدارة البيوت، والتنظيم المالي لحياتهم؛ لأن هناك من يمتلك أسرة وبيتاً، ويعاني أشد المعاناة من إدارة موارده بشكل سليم. وعلى الرغم من أنها كافية لجميع المتطلبات، فإنها لا تصمد إلى نهاية الشهر وتتعرض لانتكاسات قاتلة خلال المواسم والمناسبات، بسبب سوء التصرف، وعدم التخطيط السليم والاستعداد للطوارئ، وتكوين موارد يمكن استخدامها لما قد يستجد من أمور لم تكن في الحسبان؛ بل إن كثيراً من هؤلاء يعملون بمبدأ «اصرف ما في الجيب يأتك ما في الغيب»، وهي مقولة أدت كثيراً ليكونوا أسرى القروض البنكية وبطاقات الائتمان.
في السلوك الشرائي اليوم، هناك من يذهب بقائمة مسبقة للمشتريات محددة بحسب احتياجاته، وبكميات مدروسة تتناسب مع حجم أسرته وتراعي مدة الصلاحية، بحيث تُستخدم قبل أن تفسد. وهناك من يذهب لشراء «ربطة» خبز، فيعود بجهاز تلفزيون نجح البائع في إقناعه بأن هناك تخفيضات كبيرة عليه، ودعاه إلى استغلال الفرصة فاستغلها دون أن يفكر أو يعي حقيقة أنه لا يحتاج فعلياً إليه، وهو الأمر الذي ينعكس على أنماط الشراء غير المخطط له، وغالباً ما يكون خلال جولة لم تحدد لها أهداف، وإنما تعتمد على المصادفة.
اليوم دخل التسوق الإلكتروني على الخط، وبات أكثر سهولة وبمجرد كبسة زر دون أن تبارح باب بيتك، ومن ثم حوّله بعضهم أيضاً إلى ما يشبه السياحة الشرائية التي لا ترتكز على حاجة، وإنما على عادة تؤثر في النهاية في الاستقرار المالي الحالي والمستقبلي، وتجعل الناس أسرى لعواطف وتقاليد وموضة، بينما يظل المستقبل بلا تخطيط ولا توظيف جيد للموارد، من أجل استفادة حقيقية.
في النهاية، فإن كثيراً من شبابنا، على سبيل الخصوص، بحاجة إلى تأهيل نفسي في مجال التخطيط المالي للشاب ولأسرته، عبر تنظيم نفقاته ووضع أهداف يسعى إلى تحقيقها، فضلاً عن التركيز على الاحتفاظ بمدخرات، والابتعاد عن الصرف غير المنظّم، واتخاذ قرارات الشراء المدروسة وليس العاطفية التي سرعان ما يزول مفعولها وتتبخر قيمتها.
[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"