ليكن اللطف منهجاً

00:16 صباحا
قراءة دقيقتين
صباح الخير

حياتنا اليومية فيها كثير من التعاملات مع الآخرين، ممّن يشغلون مهامّ عامة أو خاصة، يلبّون فيها مصالح الناس ويقضون أشغالهم.. وما يريده المتعامل أن تنجز مهمّته على الوجه الأكمل، وفي الوقت الذي يتوافق مع تفاصيل حياته الأخرى وانشغالاته، لكن ما أجمل وأرقى أن يكون إنجاز هذه المعاملة أو المهمّة بكياسة ولطف!!
اللطف في التعامل يشيع أجواء من المودّة والوئام، ويوحي بأن هناك من يهمّه أمرك، أو يمشي بحاجتك، أو يتبسّم في وجهك، أو يفرّج عنك كربة، أو يحترم رأيك.. وحتى لو خالفك الرّأي، فإنه يوصل إليك ذلك بلطف.. واللطيف في لغتنا، هو الَّذِي يُوصل إِلَيْك أَربك في رفْقٍ؛ وَاللطف مِنَ اللَّه، التَّوْفِيقُ وَالْعِصْمَةُ، فكيف لا يكون التعامل عموماً بهذا الهدي؟
وحتّى لو أراد أحدنا توجيه ملاحظة أو الاعتراض على أمر ما، فليكن النقد بنّاء يدعم العلاقات ولا يهدمها. وسلوكنا اللطيف يدفع آخرين إلى فعل الخير، حتى يصل تأثيره إلى نحو أربعة أشخاص على الأقل. وهذا نتيجة أبحاث ودراسات اجتماعية ونفسية موثّقة.
واللطفُ سلوك مُعدٍ ينتشر أريجه في كل الأرجاء؛ فقد يكون بداية صداقة جديدة. وهو سلوك يمكن اكتسابه بالمران والتعوّد، مثلما يحدث في عالم الفندقة ومبيعات التجزئة التي يتحول فيها الفرد من عبوس إلى بشوش ينتقي كلماته بحذر وذكاء؛ لأن هذا جزء مهم من عمله لجذب الناس. والكلام اللطيف لا يكلّف شيئاً، هو الجهد نفسه الذي يبذله المرء، بالقول الخشن الفظّ، والقول اللطيف الراقي. ولو كان ذا قيمة، لرأينا من البخلاء عجباً!! 
واللطف يمكن أن يكون بالسلوك والحركة أو حتى النظرة، فثمّة نظرة صادقة تتابع فيها من يتحدث بحرقة أو بألم أو بسعادة غامرة، أن تدخل البهجة في قلبه بحسن اهتمامك وتفاعلك. 
 وهناك يوم عالميّ للطف، تحتفل فيه كثير من الدول، ليشيعوه ثقافةً وسلوكاً مهذباً، ولنذكّر أنفسنا بقوة أن نفعل شيئاً لطيفاً، ولو ليوم واحد، وسيكون بلا شكّ ثقافةً ومنهجاً، وبخاصّة لدى موظفي خدمة الزّبائن، فهناك من يستقبلك برحابة صدر وابتسامة لطيفة، فتشعر بالغبطة، حتى لو لم تنجز معاملتك، وهناك الفظّ الذي حتى لو أنجز معاملتك، فستخرج مقطّباً ممتعضاً.
وكذلك اللطف في المدارس والحضانات التي تتعامل لساعات تصل إلى ست أو سبع يومياً، إذا لم يكن المعلّم أو المعلّمة أو المربّي أو المربّية يتمتعان بالروح اللطيفة الجاذبة، لانفضّ التلاميذ من حولهما، ولكرهوا التعليم أساساً.
فاللين أو اللطف فضيلة نرقق بها قلوب من حولنا؛ فكم من فظ فرّ منه القاضي والداني، وكم من لطيف تقاطر الناس إليه وتحلّقوا حوله!!.. ولا خسارة في ذلك ولا تعب. 
[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"