عادي

كريم معتوق: هناك مشكلة في الشعر بمناهج التعليم

22:49 مساء
قراءة 4 دقائق
1

الشارقة: علاء الدين محمود

يقلب الشاعر كريم معتوق أوراقاً ناضرة من العمر الجميل، ويتوقف طويلاً عند لحظة اكتشافه للشاعر الذي بداخله، ويمر بمعالم وأفكار كان لها الأثر الكبير في تكوينه المعرفي والثقافي.

يؤكد معتوق أنه يتذكر تماماً أول نص كتبه في حياته، وكان ذلك خلال الدراسة في المرحلة الثانوية في مطلع ثمانينات القرن الماضي، وهو نص حمل عنوان «الطيف الزائر»، ويشير إلى أن قصة تلك القصيدة بدأت مع اطلاعه خلال يومين كاملين على ديوان الشاعر إيليا أبو ماضي؛ حيث شعر بعد القراءة أنه قد أصبح شاعراً، فكان أن كتب ذلك النص، موضحاً أن علاقته باللغة العربية كانت ضعيفة، فلم تكن ضمن المواد المحببة له، إلى أن بدأ يقلب في كتاب مقرر الأدب، فوجد قصيدة «الطلاسم»، لإيليا أبو ماضي فشدته بقوة وأعجب بها، فقرر أن يشتري الديوان كاملاً.

الكتابات الأولى

ويذكر معتوق أنه ظل يحمل وداً دائماً للقصيدة الأولى، على الرغم من أنها تزخر بكل أنواع الخلل والاضطراب الفني، لكنه تركها حتى تكون حافزاً للكتّاب الشباب الذين تحتشد نصوص البدايات لديهم بالأخطاء، ويذكر معتوق أنه قد أقام أمسية في اتحاد الكتّاب أطلق عليها اسم «الكتابات الأولى»، وطلب من الشعراء المشاركين أن يحضروا معهم نصوص البدايات حتى تحفز الشباب على الاستمرار في الشعر، وعدم هجره نتيجة الإحباط الذي يشعرون به بسبب الأخطاء، ويقول معتوق عن نص «الطيف الزائر»: «هو الشرارة الأولى التي أعلنت عني كشاعر فكان أن احتفظت به كما هو ووثقته في كتابي (سيرة ذاتية تشبهني)، والذي صدر مؤخراً».

 أزمة منهج

 ويشير معتوق إلى أن علاقته الفاترة مع اللغة العربية في البدايات، جعلته يكتشف أن ما يقدم لطلبة المدارس في اللغة العربية، لا يسهم في تكوين ذائقة فنية تحبب الطلاب في اللغة؛ حيث إن بعض النصوص فوق قدرتهم الاستيعابية، خاصة تلك التي تنتمي إلى الشعر القديم، الجاهلي والعباسي، فهناك مشكلة في اختيار النصوص، فبينما لا يستطيع الطالب أن يحفظ بعض القصائد التي تنتمي إلى العصر الجاهلي، على سبيل المثال، فإنه يُقبل بسعادة على حفظ القصائد الحديثة؛ وذلك يشير إلى أن بعض النصوص بها حيوية، فهي تبقى في ذاكرة الطلاب، ويستطيعون هضمها وفهمها، بينما هناك قصائد أخرى جافة ومنفرة، وتسقط من الذاكرة، موضحاً أنه لم يتصالح مع اللغة العربية إلا بعد اطلاعه على قصيدة «الطلاسم».

ويستمر معتوق في الحديث عن تلك المرحلة، ويشير إلى أنه وبعد أن أيقن بأنه قد أصبح شاعراً، صار عاكفاً على قراءة الشعر العربي، خاصة المعاصر مثل أعمال نزار قباني، وأحمد الصافي النجفي، وكل ما يقع في يده من دواوين حتى تشرّب الشعر، وشعر بأن هنالك علاقة تربطه بالشعراء المعاصرين من أمثال: عمر أبو ريشة، ومحمد سعيد الجواهري، وقباني وغيرهم، ويوضح معتوق أن تلك المرحلة قد سبقت اطلاعه على الشعر العربي القديم الذي لم يشعر بانجذاب تجاهه في البداية، نسبة لضعف قاموسه اللغوي.

وفي معرض حديثه عن أول دواوينه الشعرية، ذكر معتوق أن أول مجموعة أصدرها حملت اسم «مناهل»، وحينها كان لديه الكثير من القصائد، لكنه لم يكن مقتنعاً بضرورة أن يجمعها في ديوان، إلا أن صديقه سالم أبو جمهور أقنعه بأهمية أن يكون للشاعر مجموعة شعرية، فهي التي تعرف به كمبدع، فكان أن أصدر ذلك الديوان لتتوالى بعده الإصدارات حتى صار لديه 17 مجموعة شعرية، إضافة إلى روايتين، وكتاب في السيرة الذاتية.

ويشير معتوق إلى أنه أصبح في ذلك الوقت في مرحلة الثمانينات، صديقاً دائماً للمكتبة، حتى أنهى في فترة وجيزة قراءة كل ما تحمله من مؤلفات في الشعر؛ حيث كان يذهب إليها من الصباح إلى الظهر، ومن العصر حتى قدوم الليل، فيما كان رفاقه في ذلك الوقت ينشغلون بألعابهم، وكان البعض منهم لا يأتي إلى المكتبة إلا للتسلية، بينما خلق بعضهم رويداً رويداً علاقة بالكتب والقراءة، ويلفت معتوق إلى أنه لم يكن يقبل إلا على قراءة المؤلفات المتعلقة بالشعر فقط، ولا يجد فائدة في أي كتب أخرى.

وذكر معتوق أنه صار شيئاً فشيئاً يقرأ في كل شيء، بدلاً من الاكتفاء بالشعر فقط، فكان أن أقبل على الاطلاع على الرواية، وكانت البداية مع الطيب صالح في روايته «موسم الهجرة إلى الشمال»؛ ذلك العمل الذي يصفه بالعبقري، فقد انجذب إليه وحببه في السرد، ثم كانت تجربته الثانية مع رواية «البؤساء» لفيكتور هوجو؛ حيث وجدها هي الأخرى رائعة وجذابة، فتولد عنده ظن بأن جميع الأعمال السردية بتلك الروعة وذلك الجمال، غير أنه اكتشف عند قراءته لعدد من الأعمال الروائية الأخرى، أن ظنه ذلك غير صحيح، وأوضح أنه بدأ بعد ذلك في الدخول في تجربة الكتابة في مجال السرد، وخلص منها بأن التأليف في مجال الرواية ممتع للقارئ ومحبط للكاتب، فهي مجهدة ومرهقة، لكنه احتال على ذلك الأمر بأن جعل أبطال روايتيه «رحلة ابن الخراز»، و«حدث في إسطنبول»، شعراء، حتى يستطيع أن يكتب الشعر داخل النص الروائي، ويقول عن تلك التجربة: لم أشعر بأن الشعر مقحم في العملين السرديين؛ بل كان نسيجاً حرفياً متقناً، ويشدد معتوق على أنه لا يزال يرى أن مهمة كتابة الرواية قاسية، ولكنه قد يعود إليها مرة أخرى.

أعمال جديدة

وحول ما إذا كان هنالك أي نص أو مجموعة شعرية جديدة، ذكر معتوق أنه قد أصدر مؤخراً ديواناً جديداً بعنوان: «ولدي أقوال أخرى»، يضم قصائد جديدة كتبها بعد الانتهاء من كتابة سيرته الذاتية، موضحاً أنه يعمل كذلك على تأسيس شركة توزيع لأعماله تحمل اسم «منشورات كريم معتوق»، من أجل أن تجد الانتشار، مشيراً إلى أن الدولة لا تعاني شحاً في دور النشر، بقدر ما أن هناك مشكلة في التوزيع، وهذه القضية أثرت كثيراً في مستوى انتشار الأعمال الإماراتية في العالم العربي.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"