عادي

الأطفال والشباب محور اهتمام متاحف الشارقة

22:35 مساء
قراءة 4 دقائق

منال عطايا
ترافقت رؤية صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي، عضو المجلس الأعلى، حاكم الشارقة، الثاقبة والاستباقية لقضية التنمية الشاملة والمستدامة، وأهمية دور ومكانة الأطفال والشباب في إنجازها، مع سلسلة من المبادرات التي أطلقها سموه لتعزيز دورهم وتمكينهم، إيماناً من سموه بأن الارتقاء بالنشء واليافعين والشباب، هو الضمانة الأكيدة لمواصلة تحقيق الازدهار والنمو المستدام.

لضمان تحقيق تلك الرؤى وتفعيل مختلف المبادرات، عززت الإمارة، بتوجيهات من صاحب السمو، حاكم الشارقة، الأسس المجتمعية، وحوّلت الأفكار وترجمتها على أرض الواقع، فأسست برلمان الطفل، والناشئة والشباب، واحتضنت أطفال العرب بعد أن وافق مجلس جامعة الدول العربية على أن تستضيف المقر الدائم للبرلمان العربي للطفل في عام 2016، لترسخ بذلك مكانتها وتعزز مساهماتها ضمن محيطها العربي الكبير في ما يتعلق بقضايا المجتمع والثقافة والفنون والآداب والعلوم، مع الاستمرار في إطلاق وتفعيل المبادرات الأخرى التي تُعنى بهذا الجانب.

1

ومن تلك المبادرات، تبرز جائزة الشيخ سلطان لطاقات الشباب، التي تعد الأولى من نوعها على مستوى المنطقة، باعتبارها إحدى أهم المبادرات في مضمار تمكين الأطفال والشباب، كما جاءت تأكيداً لحرص سموه على رعايته لهم، وإيماناً منه بضرورة صقل مواهبهم وقدراتهم، وإتاحة الفرصة لهم لخوض التجارب والتحديات في شتى المجالات.

وانطلاقاً من تركيز الجائزة على دمج المعرفة الأكاديمية بالموهبة والإرادة والمهارات، عبر التعلم الذهني والجسدي والمعنوي، فقد جاءت منسجمة تماماً مع رؤيته الثاقبة والشمولية حول أهمية المتاحف في دعم المنظومة التعليمية في الدولة، لسد الفجوات المحتملة، وتحقيق نظام تعليمي شمولي؛ الأمر الذي جعل الزيارات المدرسية للمتاحف إلزامية، باعتبارها مراكز تعليمية غير رسمية قادرة على إحداث التأثير والتغيير الإيجابي لدى الطلبة، عبر تمكينهم من التعرف إلى التعددية الثقافية والتعبير العاطفي من خلال الفن.

وفي موازاة ذلك عملت هيئة الشارقة للمتاحف بدأب وجهد شديدين، على تطوير أساليبها التعليمية الشائقة، من خلال استقطاب مزيد من الموظفين، بما في ذلك المختصون التعليميون المتمرّسون لتصميم وإعداد وإطلاق البرامج المخصصة للأطفال والعائلات.

ولم يتوقف الأمر عند هذا الحد؛ إذ أصبح تدريب المعلمين على استخدام المتاحف كمصدر، وسد الثغرات في المناهج، أمراً أساسياً، صاحبه على مدى نحو عشر سنوات، إطلاق حزمة من البرامج الشبابية الملائمة لمختلف الفئات العمرية، لتلبية احتياجاتهم وتدعيم قدراتهم وتمكينهم، وتطوير مواهبهم المتنوعة.

برامج وأنشطة

شهدت السنوات العشر الماضية، تعزيزاً للجهود وتنويعاً في البرامج والأنشطة لتشمل التنوع الثقافي لدى الجمهور في الدولة، ترسيخاً لعلاقات التعاون المشترك مع مختلف المؤسسات التعليمية كالمدارس والجامعات، ومع مجموعات ومنظمات المجتمع الأخرى، فضلاً عن المؤسسات الدولية.

وفي ضوء العمل الشمولي، فقد حرصت الهيئة على تجويد حياة الأشخاص ذوي الإعاقة، وتوفير احتياجاتهم، وتسهيل زياراتهم للمتاحف، والمشاركة في برامج الهيئة، بما في ذلك برامج المكفوفين والصم والتوحد باللغتين الإنجليزية والعربية.

ونحن إذ نسعى حثيثاً من خلال هذه الجهود إلى جعل المتاحف متاحة بسهولة ويسر للجميع، فإننا نستهدف تمكين الأطفال والشباب وتطوير مهاراتهم ليس على المستوى التعليمي فحسب؛ بل على المستويين العاطفي والاجتماعي أيضاً. ولهذا عمدنا على مدار العام، إلى تنظيم برامج تستهدف الأطفال في جميع متاحفنا.

وعلى سبيل المثال لا الحصر، نظمنا في مختلف المتاحف التابعة للهيئة في 2018، أكثر من 870 برنامجاً، بالشراكة مع مختلف المدارس والجامعات ومراكز الرعاية المتخصصة في الإمارة، أتبعناها في العام التالي بتنظيم 3815 نشاطاً مختلفاً بما في ذلك الأنشطة المخصصة لتلاميذ المدارس الزائرين، بينما في 2020 وبعد تفشي «كوفيد 19» أطلقت الهيئة 267 ورشة عمل ومحاضرة عبر الإنترنت، إيماناً منا بضرورة عدم الانقطاع عن جمهورنا تحت أي ظرف.

قدرات معرفية

نراعي في برامجنا مرونتها وملاءمتها لمختلف الفئات العمرية، إضافة إلى انسجامها مع القدرات المعرفية، في حين أن بعضها الآخر تم تصميمه خصيصاً لتلبية الزيارات المدرسية لبعض الفئات العمرية مثل الأطفال الذين تراوح أعمارهم بين 4 و18 عاماً، أو بين 6 و13 عاماً للزيارات العائلية.ونسعى من خلال تنويع البرامج ومصادر المعلومة، إلى تحقيق غايتين، تتمثل الأولى في تحويل التعليم إلى واقع ممتع لدى الطلبة، أما الثانية فتتمحور حول غرس الشعور بالفضول لديهم في سن مبكرة، لتنمو هذه الثقافة معهم، وتتيح لهم سعة الاطلاع والتعرف إلى العالم الذي يعيشون فيه، بما يسهم في تعزيز هويتهم الوطنية.

كما استلهمنا في طريقنا نحو تحقيق أهدافنا، رؤى وتوجيهات قرينة صاحب السمو حاكم الشارقة، سمو الشيخة جواهر بنت محمد القاسمي، رئيسة المجلس الأعلى لشؤون الأسرة، التي حثت الجميع بدعمها وتشجيعها على بذل الطاقات لتعزيز مكانة الأسرة، باعتبارها البوابة الأولى التي ترسخ لدى الأبناء قيم الانتماء للهوية والوطن، وتدفعهم ليكونوا شركاء فاعلين في النهضة التنموية الشاملة التي يشهدها المجتمع.

وإلى جانب ذلك، فقد اتجهنا كدأبنا إلى توسيع قاعدة الشركاء المعنيين بتمكين قدرات الشباب والشابات، فوقّعنا العديد من مذكرات التفاهم، واتفاقيات التعاون المشترك، منها مذكرة تفاهم مع «سجايا فتيات الشارقة»، بهدف تشجيع الأجيال الشابة على معرفة المزيد عن ثقافة وتاريخ الشارقة، ونشر الوعي العام حول دور الشارقة الثقافي.

كما وقعنا مذكرة تفاهم مع مدينة الشارقة للخدمات الإنسانية، بهدف تمكين المئات من الأشخاص ذوي الإعاقة ومنحهم فرصة زيارة المتاحف المتعددة والمشاركة في الأنشطة والبرامج التعليمية والثقافية المتنوعة التي تنظمها وتستضيفها متاحف الشارقة على الدوام. وكذلك أبرمنا مع الجامعة الأمريكية في الشارقة، مذكرة تفاهم لتوسيع آفاق التعاون المشترك، وتعزيز مجالات التبادل المعرفي الثنائي بين الجانبين.

وختاماً، فإننا نؤكد حرصنا والتزامنا بالارتقاء بوعي الناشئة والشباب، والسعي دوماً إلى خلق بيئة جاذبة لهم من خلال إطلاق مبادرات جديدة، وتوسيع آفاق التعاون والشراكة مع المؤسسات التعليمية لإلهام الطلاب على درب العلم والفن والإبداع، ما دفعنا إلى جعل جميع متاحفنا صديقة للأطفال.
مدير عام هيئة الشارقة للمتاحف

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"