أندي هوم*
تعتبر «حزمة البنية التحتية» أو مشروع القانون الذي قدمته الولايات المتحدة بقيمة تريليون دولار، خبراً طيباً بلا شك تطرب له آذان المستثمرين في قطاع المعادن الصناعية.
فالمزيد من الأموال لتطوير الطرق السريعة، والسكك الحديدية، وأنظمة شبكات الطاقة الكهربائية، يعني المزيد من الطلب على الصلب والنحاس والألمنيوم. ولكن عندما يتعلق الأمر بمعادن البطاريات والمعادن الحيوية المهمة الأخرى، فعلى مشروع القانون الجديد تعزيز العرض المحلي النادر ليتماشى مع الطلب الجامح.
شمل القانون تخصيص 6 مليارات دولار لمشاريع معالجة وتصنيع مواد البطاريات، مع 140 مليون دولار أخرى لبناء مصنع تجريبي لمعالجة المعادن الأرضية النادرة، وهذا جزء من حملة استثمارية أوسع لكامل سلسلة التوريد المرتبطة بالمعادن وعمليات البحث والتطوير التي تجريها وزارة الطاقة.
وتدرك إدارة بايدن أنه بدون الاستثمار في قدرة إنتاج المعادن الحيوية المحلية، فإنها ستعاني للوفاء بالتزاماتها المزدوجة لإعادة البناء الأكثر اخضراراً من جهة، وشراء المنتجات الأمريكية من جهة ثانية.
ووفقاً لهيئة المسح الجيولوجي الأمريكية، استوردت الولايات المتحدة نحو 80% من شحنات المعادن الأرضية النادرة العام الماضي من الصين، الأمر الذي يعني اعتمادها بشكل شبه كامل على الخارج دون أي اكتفاء ذاتي.
سيوفر المصنع الجديد منافع بيئية مهمة من خلال استخدام المواد الأولية المشتقة من تصريف المناجم الحمضية، ونفايات المناجم، وغيرها من المواد الضارة لاحقاً. والعناصر الأرضية النادرة ليست سوى مادة واحدة في قائمة الولايات المتحدة الطويلة لسلاسل التوريد المعدنية الحيوية المعرضة للخطر.
كما يخصص مشروع القانون التريليوني أيضاً 100 مليون دولار «سنوياً» حتى عام 2024 على شكل منح لتطوير ومعالجة المعادن الحيوية المهمة، وسيتم تخصيص 30% على الأقل لمشاريع إعادة التدوير، مع إعطاء الأولوية لأي مشروع مقره في الولايات المتحدة، ولن يُسمح لأي منها بالتصدير إلى كيان أجنبي آخر.
وبعد توقيع الرئيس الأمريكي جو بايدن مؤخراً على أمر تنفيذي يهدف إلى أن تكون نصف مبيعات السيارات الجديدة في الولايات المتحدة كهربائية بحلول عام 2030. يبقى السؤال، هل سيكون لدى البلد ما يكفي من الليثيوم والنيكل والكوبالت لصنع البطاريات اللازمة لتشغيل هذه المركبات؟
كان الجواب على لسان الحكومة الأمريكية مجسداً بمشروع قانون البنية التحتية الجديد الذي خصص 3 مليارات دولار لمعالجة مواد البطاريات ومشاريع التصنيع ذات الصلة، وتأسيس مرافق تجارية كاملة، وتطوير المرافق الحالية.
وإذا كانت هناك فرص للولايات المتحدة لاستهداف جزء واحد من سلسلة توريد البطاريات، فمن المحتمل أن يكون هذا الجانب هو الأكثر أهمية لتوفير استقرار سلسلة التوريد على المدى القصير والمتوسط.
ومع ذلك، فإن الحصول على مناجم جديدة وتشغيلها على الأراضي الأمريكية يمكن أن يكون مهمة صعبة للغاية، نظراً لتعقيد عمليات التصريح، ومهمة بطيئة للغاية أيضاً إذا قررت البلاد الوصول لمرحلة إنتاج معادن كافية للثورة الخضراء القادمة.
ولا ننسى المعارضة البيئية لمشاريع تعدين المعادن الخضراء، والتي تمثل مشكلة كبيرة حول العالم وليس فقط في أمريكا. وأحد الأمثلة على ذلك، المعارضة الشرسة التي تقف في وجه تمرير مشروع الليثيوم الضخم في صربيا من قبل جماعات محلية.
إلى ذلك، تعتبر المخلفات القديمة ومكبات النفايات إحدى المشاكل الأزلية التي يعانيها قطاع التعدين أيضاً، ناهيك عن أنها تتسرب في كثير من الأحيان إلى إمدادات المياه النقية للسكان. وقد ساهم ارتفاع أهمية المعادن الحيوية خلال العامين الماضيين في إعادة التفكير بشكل صريح في ماهية «نفايات» المناجم. فهذه «النفايات» بالتحديد هي التي ستغذي مصنع معالجة المعادن الأرضية النادرة المقترح إنشاؤه. خصوصاً وأن مشروع قانون البنية التحتية، وفي حال تمريره، يطلب من هيئة المسح الجيولوجي الأمريكية تعيين وجمع البيانات للمناطق التي تحتوي على نفايات المناجم لدراسة الموارد المعدنية الحيوية فوق الأرض بشكل أعمق.
* كاتب في «رويترز»