صناديق النحاس الاستثمارية

22:44 مساء
قراءة 3 دقائق

آندي هوم *

تتبنى صناديق الاستثمار والتحوط العالمية الكبرى موقفاً هبوطياً بشكل متزايد في سوق النحاس وتداولاته، مفضلة التركيز على صورة الطلب الضعيف عالمياً بدلاً من علامات الضغط على سلسلة التوريد من جانب العرض.

وفي ضوء ذلك، تأرجحت مراكز مديري الأصول على عقود النحاس في بورصة شيكاغو التجارية من «صافي الشراء» في بداية العام إلى أكبر «صافي بيع» منذ منتصف عام 2022، وذلك خلال محاولتها التنقل في حركة الأسعار المتقلبة ذات النطاق المحدد.

وتحوّل هذا التحيز إلى الجانب الطويل في نوفمبر/ تشرين الثاني الماضي، بعد أن احتفظ سعر بورصة لندن للمعادن بدعم فني رئيسي حول مستوى 7870 دولاراً للطن ولمدة ثلاثة أشهر. بعد ذلك، بدأ في التحرك نحو الأعلى حتى وصل سعر النحاس لثلاثة أشهر في البورصة إلى أعلى مستوى له في خمسة شهور، عند 8716 دولاراً للطن المتري الواحد في أواخر ديسمبر/ كانون الأول، لكنه تراجع منذ ذلك الحين، حيث تم تداول آخر سعر حول 8400 دولار للطن.

وتسببت سلسلة من الضربات في إمدادات المناجم بمراجعة المحللين لتوقعاتهم بخصوص الفائض هذا العام، لكن الديناميكيات الجزئية للنحاس طغت عليها صورة قاتمة إلى حد بعيد.

في الأثناء، بلغ صافي مراكز عقود الصناديق طويلة الأجل على النحاس في بورصة شيكاغو التجارية نحو 15 ألف عقد في نهاية ديسمبر الفائت، ومع ذلك، جلب العام الجديد معه عملية إعادة تقييم جماعية، تحولت خلالها صافي المراكز بشكل حاسم إلى الجانب المكشوف في النصف الأول من شهر يناير/ كانون الثاني.

وبلغ صافي البيع على المكشوف 25309 عقود اعتباراً من آخر إغلاق قبل أسبوع، وهو أكبر رهان على الانخفاض منذ يوليو 2022. وتم تقليص المراكز الطويلة إلى 44634 عقداً، وهو أدنى مستوى منذ يونيو/ حزيران من العام الماضي، في حين أدت عمليات البيع الجديدة إلى رفع المراكز القصيرة إلى 69943 عقداً من 45127 نهاية ديسمبر.

ويبدو أن الرهان الجماعي على انخفاض الأسعار لا يتوافق مع التطورات الأخيرة على جانب العرض، في حين انخفضت رسوم المعالجة التي تفرضها المصاهر لتحويل المُركزات المستخرجة إلى نحاس مكرر بسرعة مع انحسار التوافر. ويتم حالياً تقييم الشروط الفورية من قبل وكالة التسعير «فاست ماركيتس» بسعر منخفض يبلغ 30 دولاراً للطن، مقارنة بشروط 2024 القياسية البالغة 80 دولاراً للطن التي تم التفاوض عليها في نوفمبر.

ويتنافس عدد كبير من المصاهر للحصول على كميات قليلة جداً من المركزات. حيث أدى إغلاق منجم كوبري بنما التابع لشركة «فيرست كوانتوم» في ديسمبر إلى فتح فجوة في سلسلة توريد المواد الخام.

علاوة على ذلك، فإن انخفاض توجيهات الإنتاج من قبل كل من شركتي التعدين «أنغلو أميركان» و«فايل» فاقم توقعات المحللين سوءاً في ما يخص الإمدادات على المدى المتوسط. في إشارة إلى عجز أكبر في التركيز وفائض في المعدن الأصفر أقل مما كان متوقعاً سابقاً لعام 2024.

ومع ذلك، يبدو أن التركيز المتجدد على ديناميكيات العرض غير المتوقعة للنحاس لم يترك أثراً يذكر في مديري الصناديق. ومن المرجح أن يكونوا أكثر قلقاً بشأن توقعات الطلب على النحاس والمعادن الصناعية الأخرى.

وفي السياق ذاته، تواجه الصين، أكبر مستخدم للنحاس في العالم، أزمة ثقة المستثمرين مع تراجع أسواق الأسهم لديها مؤخراً.

ووفقاً لكتاب «بيج» للأسواق في الصين، فإن «التعافي من كوفيد-19، رغم أنه كان مخيباً للآمال، قد انتهى». ويُظهر أحدث تحليل للكتاب، أنه وعلى الرغم من تحقيق قطاع التصنيع العملاق في الصين أداء قوياً، فإنه كان أقل من الممتاز. وبخصوص بيانات الربع الرابع من عام 2023 تراجع نمو الإيرادات الوطنية والأرباح حتى نهاية العام، وكذلك الاستثمار والتوظيف وحجم المبيعات والإنتاج والطلبات المحلية والأجنبية. ويبدو أن المستثمرين الغربيين فقدوا أي أمل في أن يتمكن صناع السياسات في بكين من إيجاد حل سريع.

يُذكر أن نشاط المصانع العالمي مستمر في الانكماش. وقد ظلت مؤشرات التصنيع في أوروبا في المنطقة السلبية لمدة 18 شهراً على التوالي، في حين انكمش النشاط الأمريكي ل14 شهراً.

في المقابل، تواصل قطاعات التحول في مجال الطاقة، مثل توليد طاقة الرياح والطاقة الشمسية والمركبات الكهربائية، تحقيق الزخم والتفوق في الأداء، ومع ذلك، لا يمكن أن يتلاشى الطلب على المعادن الصناعية بالكامل من أجندات الاقتصاد القديم. وإلى أن ينتعش التصنيع العالمي، سيتطلب الأمر المزيد من انقطاع الإمدادات لمديري الصناديق لتغيير رأيهم والإقرار بأن توصيات النحاس هي أي شيء آخر غير «البيع».

* كاتب في «رويترز» متخصص بأسواق المعادن الصناعية

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
http://tinyurl.com/5cwkt95p

عن الكاتب

كاتب في «رويترز»

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"