مصهر الزنك الأوروبي وأزمة الطاقة

22:42 مساء
قراءة 4 دقائق

آندي هوم *

من المتوقع أن يسجل سوق الزنك المكرر العالمي عجزاً في المعروض يبلغ 292 ألف طن هذا العام وبالتالي، ستكون هذه هي السنة الثانية على التوالي التي تشهد تراجعاً حاداً بعد أن انخفض الإنتاج العالمي عن مستوى الطلب البالغ 193 ألف طن في عام 2021، وذلك وفقاً لمجموعة دراسة الرصاص والزنك الدولية.

ويمثل آخر تحليل سنوي للمشهد الإحصائي إعادة تقييم رئيسية لديناميكيات سوق الزنك، ففي أكتوبر من العام الماضي، توقعت المجموعة فائضاً تراكمياً قدره 261 ألف طن خلال عامي 2021 و2022

وكان التغيير الأهم خلال الأشهر الست التي تلت ذلك هو إيقاف تشغيل المصاهر الأوروبية لمواجهة أسعار الطاقة المرتفعة تاريخياً والتي تفاقمت بسبب الحرب في أوكرانيا وليس خافياً أن أوروبا تمثل حوالي 15% من قدرة تكرير الزنك العالمية، ما يعني أن للقارة دوراً كبيراً في معدلات التشغيل العالمية ومثل هذا الاختناق الكبير في المصهر هو أمر غير معتاد في سوق الزنك، الذي كانت أسعاره تاريخياً تحوم حول إنتاج المناجم لا دورات التكرير.

لقد استفاد كل من إنتاج الزنك واستخداماته من انتعاش ما بعد «كوفيد» القوي، حيث ارتفع الإنتاج بنسبة 4.1% إلى 5.7%، بحسب المجموعة الدولية. ومع ذلك، فإن المعادن المكررة الأخرى لم تستفد بالمثل، إذ ارتفع الإنتاج العالمي بنسبة 0.4% مقارنة بعام 2020 كما أعقبت قيود الطاقة الصينية مشاكل أكبر بكثير في أوروبا، حيث كانت تكاليف الطاقة ترتفع حتى قبل أن تبدأ التوترات الروسية الأوكرانية.

وقد أوقفت شركة «جلينكور» للتعدين مصهرها Porto vesme في إيطاليا، وأدارت هي وشركة «نيرستار» مصاهر أوروبية أخرى بقدرة استيعابية أقل من المعتاد خلال فترات تسعير الطاقة القصوى، حتى قدر محللون في «سيتي» تقييد حوالي 660 ألف طن من قدرة المصهر السنوية إلى حد ما واليوم ومع بدء الطقس الأكثر دفئاً، تبددت الآمال في انخفاض الأسعار بسبب تصاعد أزمة الطاقة الطاحنة بين أوروبا وروسيا وتتوقع مجموعة دراسة الرصاص والزنك الدولية عاماً آخر من نمو الإنتاج العالمي المكرر المتواضع للسلعة بدرجة كبيرة وبنسبة 0.9% فقط، وهو ليس كافياً بالطبع لمواكبة نمو الطلب المتوقع بنسبة 1.6%.

ومع مكافحة المصاهر في أوروبا، واقتراب مصهر «فلين فلون» في كندا من حقبة إغلاقه هو الآخر، سيكون الطريق ممهداً أمام المصاهر الصينية لتقود الإنتاج العالمي هذا العام، حيث إنه من المتوقع أن تنتج الصين 2.5% أكثر من الزنك المكرر هذا العام بعد نمو بنسبة 1% في عام 2021، في الوقت الذي قلص فيه العديد من المشغلين عملياتهم خلال أزمة الطاقة المتفاقمة وتأتي هذه التوقعات بالرغم من تحذيرات انتشار فيروس كورونا المستجد، وبالنظر إلى أن جولة الإغلاق الحالية في الصين أوجدت جميع أنواع المشاكل اللوجستية لمصاهر الزنك مع انخفاض الإنتاج الوطني فعلياً بنسبة 1% على أساس سنوي في الأشهر الأربعة الأولى من عام 2022.

عموماً، يمر الإنتاج العالمي للزنك حالياً بمرحلة ازدهار، حيث تتوقع مجموعة دراسة الرصاص والزنك الدولية أن يُمثل 2022 عاماً آخر من النمو القوي وبنسبة 3.9% وسيأتي معظم هذا الإنتاج الإضافي من خارج الصين، في ظل ارتفاع رسوم معالجة المصهر القياسية لهذا العام إلى 230 دولاراً للطن من 159 دولاراً قبل عام.

مثل هذا الإنتاج القوي لمناجم الزنك كان سيشكل في الماضي قصة السوق الرئيسية، ويفترض بأن التوافر الأكبر من شأنه أن يرفع شروط معالجة المصهر ويحفز زيادة الإنتاج المكرر كما أن فائض الإنتاج يُعد مؤشراً رئيسياً لفائض المعدن الخاضع لوقت الشحن والمعالجة ومع ذلك، فالأمر ليس بهذه البساطة، إذ كان جزء كبير من قدرة المصهر العالمية لا يستطيع تغطية تكاليف الطاقة حتى مع ارتفاع رسوم المعالجة والأقساط المادية المرتفعة للمعادن نفسها ويحدد توافر المعدن المكرر حالياً السعر بقدر ما يحدد رصيد المنجم الأساسي، سواء من حيث السعر الأساسي في بورصة لندن للمعادن أم من حيث الأقساط المادية الفائقة الارتفاع في أوروبا والولايات المتحدة.

انخفض المخزون الرئيسي للزنك في بورصة لندن للمعادن بنسبة 57% إلى 86225 طناً حتى الآن هذا العام ومعظم الكمية تلك بانتظار التحميل المادي للخارج ويوجد الكثير من الزنك في الصين والذي يمكن تصديره إلى بقية العالم، ولكن استمرار الاضطراب في الخدمات اللوجستية العالمية قد يبطئ وقت الاستجابة لفرصة موازنة التصدير المواتية كما انخفضت عقود الزنك الآجلة في البورصة ذاتها لمدة ثلاثة أشهر إلى 3575 دولاراً للطن، وبنسبة 27% عن ذروة مارس/آذار عند 4896 دولاراً للطن مع ذلك، وحتى بعد هذا الانزلاق الشديد، يتم تداول الزنك بالقرب من أعلى مستوياته في 15 سنة.

في بداية العام بدا أن انخفاض إنتاج المعادن المكررة في أوروبا ظاهرة عابرة، ومجرد عقبة صغيرة في طريق إمدادات مناجم الزنك العالمية لكن بعد خمسة أشهر، وبعد ارتفاع أسعار الطاقة أكثر، خفتت التوقعات بالعودة إلى طاقة الصهر الكاملة التي اعتدنا عليها ويبدو أن مشهد المصهر في مسلسل الزنك في تطور مستمر ولن يختفي في وقت قريب.

* كاتب في «رويترز»

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

كاتب في «رويترز»

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"