آندي هوم *
أيقظ أسبوع بورصة لندن للمعادن هذا العام، وهو أكبر تجمع سنوي لصناعة المعادن في العالم، بطريقة ما ذكريات الأشهر الماضية، حيث عززت العودة المرحب بها للصينيين أعداد الحضور الرسمي للحدث بعد ثلاث سنوات من قيود السفر. ومع ذلك، لا تزال أزمة النيكل المستمرة من العام الماضي تلقي بظلالها على البورصة التي يبلغ عمرها 146 عاماً.
فالدعاوى القضائية المرفوعة من قبل صندوق التحوط «إليوت أسوشيتس» و«جين ستريت غلوبال تريدينغ» ضد بورصة لندن للمعادن، بشأن إلغائها المثير للجدل لصفقات تداول النيكل في مارس/آذار العام الماضي، لم تُغلق بعد. كما لا تزال البورصة تمر بمرحلة إعادة التأهيل، وتركيزها منصبٌّ على تعزيز أنظمة التداول والمقاصة وصقل مؤهلاتها البيئية والاجتماعية والحوكمة، في محاولة لاستعادة الثقة مع المستثمرين والصناعيين على حد سواء.
وفي ضوء ذلك، طمأن الرئيس التنفيذي ل «بورصة هونغ كونغ للتبادل والمقاصة»، المشغل الرئيسي لبورصة لندن للمعادن، نيكولا أغوزين، المستثمرين أن الأخيرة «في مقدمة وصلب طموحاتنا واهتماماتنا». لكن في حين أن بورصة لندن تتجه نحو التعافي، إلا أنها تخاطر بالتخلف عن الركب في ظل وجود منافسين يتطلعون إلى الاستفادة من الطفرة الانتقالية للمعادن الخضراء.
لقد اكتسبت بورصة لندن للمعادن بعض الزخم من عودة نمو أحجام النيكل طوال الأشهر التسعة الماضية، فقد ارتفع نشاط التداول بنسبة 5.2% على أساس سنوي خلال تلك الفترة، بعد انخفاضه بنسبة 8.3% في عام 2022. إذ يجذب المعدن الاستراتيجي الكثير من اهتمام المستثمرين، خصوصاً بعد إدراجه في مؤشر «بلومبيرغ» للسلع مطلع هذا العام. ومع ذلك، لم يكن مستغرباً تخلف النيكل عن التعافي العالمي الأوسع للمعادن.
صحيح أن متوسط الأحجام اليومية في الربع الثالث ارتفع، لكن النسبة انخفضت 26% على أساس سنوي خلال الأشهر التسعة الأولى من العام. وبالمثل، ارتفعت الفائدة المفتوحة للعقود الآجلة للنيكل من 140166 عقداً في نهاية يناير/كانون الثاني إلى 184571 عقداً في نهاية سبتمبر/أيلول، لكن الأرقام لا تزال بعيدة بعض الشيء عن مستويات ما قبل مارس/آذار من العام الماضي. كما لا تزال مخزونات بورصة لندن للمعادن منخفضة أيضاً، عند 42800 طن متري، وهذا هو السبب في أن البورصة تعمل على تسريع تطبيق العلامات التجارية للمنتجين، وخاصة القادمين من الصين، حيث يقود المشغلون هناك وفورات النيكل الجديدة القابلة للتسليم في لندن.
وفي الوقت نفسه، يتطلع آخرون إلى استكشاف أسعار النيكل في بورصة لندن للمعادن. حيث تواصل شركة وساطة السلع عبر الإنترنت «غلوبال كومودتيز هولدينغز» العمل على مؤشر فوري للنيكل المكرر من الفئة الأولى، والذي من شأنه أن يسمح لها بإنشاء سوق للعقود الآجلة. وتخطط أيضاً بورصة «أباكس كومودتيز» في سنغافورة، لإطلاق عقد كبريتات النيكل، وهو الأول من نوعه في العالم لنوع النيكل المستخدم في صناعة بطاريات «الليثيوم أيون» في السيارات الكهربائية.
كما تتطلع بورصة شنغهاي للعقود الآجلة لإطلاق عروضها الخاصة بالنيكل، وذلك على الرغم من أن مصالحها تتلاقى بشكل كبير مع مصالح بورصة لندن للمعادن. فالاثنتان تتيحان تداول النيكل المكرر عالي النقاء من الدرجة الأولى، والذي تتناقص أحجامه في السوق العالمية.
وكانت بورصة شنغهاي أخذت نصيبها الوافر من الاضطرابات الحاصلة في لندن، حيث انهارت أحجام عقود النيكل لديها بنسبة 53% في العام الماضي مقارنة بعام 2021. وبهذا الصدد يتطلع السوقان لبدء فصل جديد من التعاون وتعميق العلاقات بشكل أكبر في عام 2024، حيث يتصدر النيكل جدول الأعمال الثنائي.
وفي السياق، لا يخلو أي اجتماع عن المعادن هذه الأيام من حديث سوق السيارات الكهربائية المزدهر. وبما أن النيكل يعتبر عنصراً أساسياً في صناعة بطاريات السيارات الكهربائية، فهناك الكثير مما يمكن البناء عليه من مخرجات «أسبوع بورصة لندن للمعادن» وخصوصاً الأسعار.
ولكن عندما يتعلق الأمر بمعادن البطاريات الأخرى مثل الكوبالت والليثيوم، فإن القطار قد فات بورصة لندن للمعادن؛ إذ إنه لم يتم تداول عقود الكوبالت داخل البورصة منذ شهر مارس، كما لم يتم تداول عقود الليثيوم على الإطلاق.
أما بالنسبة للمستثمرين الذين يريدون بعض الزخم على تداولات المعادن الخاصة بقطاع السيارات الكهربائية، فقد تحولوا إلى بورصة شيكاغو التجارية، والتي أطلقت عقود الكوبالت الخاصة بها عام 2020، وشهدت نشاطاً متزايداً خلال العام الماضي، وتضاعفت أحجام الفائدة المفتوحة لديها أكثر من ثلاثة أضعاف في الأشهر التسعة الأولى من عام 2023. بالإضافة إلى ذلك، سجلت عقود الفائدة المفتوحة لكربونات الليثيوم في بورصة شيكاغو حجماً شهرياً قياسياً في سبتمبر، عند 7532 عقداً، ارتفاعاً من 429 عقداً فقط في بداية يناير.
ولعل ما يقضّ مضجع بورصة لندن للمعادن أكثر هو ازدياد تأثير عقود الألمنيوم الخاصة بالبورصة الأمريكية وارتفاعها إلى مستوى قياسي جديد، بنسبة 176%، الشهر الفائت، وانخراطها مع المزيد من اللاعبين الرئيسيين والمستثمرين في الصناعة.
لقد أدى انهيار عقود النيكل في بورصة لندن للمعادن، وما قد تتعرض له الأخيرة من ضربات إضافية جرّاء الدعاوى القضائية والتحقيقات الجارية من قبل المنظمين البريطانيين، إلى إضعاف الثقة في السوق التاريخية كملاذ آمن أخير.
* كاتب في (رويترز)