عادي

تعرف إلى عالم مجنون يحول الحيوانات إلى بشر

18:28 مساء
قراءة دقيقتين
الشارقة: «الخليج»
تحتشد في رواية «جزيرة الدكتور مورو»، لهربرت جورج ويلز أفكار القرن التاسع عشر بأكمله، الرواية صدرت عام 1896، فيها ظلال نيتشه وماركس وداروين وبرام ستوكر وماري شيلي وغيرهم، وفيها الحبكة الممتعة التي تجعل عينيك تتعلقان بتلك الرواية الصغيرة من أول صفحة حتى نهايتها، وتتميز عن الروايات الأخرى التي تناولت ثيمة الجزيرة المعزولة في وجود الكثير من الشخصيات، ولكننا لا نستطيع الفرار من أسر شخصيتين متقابلتين، يورطك ويلز في السرد حتى أكثر من منتصفه من دون أن يلتقيا، الأولى الراوي أو الحكّاء إدوارد برينديك، أحد الأرستقراطيين الإنجليز الذي يعيش في جزيرة الدكتور مورو لمدة عام، والثاني الدكتور مورو ذلك العالم، المجنون، الذي يسعى إلى تحويل الحيوانات إلى بشر.
يبدأ ويلز روايته برسالة من ابن أخ برينديك، يسرد فيها قصة عمه، التي عثر عليها في أوراقه بعد وفاته، هذا العم بعد عودته إلى لندن، سيروي قصة غاية في الغرابة، ولن يصدقه أحد وسيتهمونه بالجنون، مما سيدفعه لتدوينها، ليجدها وريثه، ويذهب إلى الجزيرة التي وصفها العم، بجزيرة صغيرة في المحيط الهادي ليجد العث الأبيض الصغير وبعض الخنازير والأرانب وعدداً من الفئران العجيبة فقط، ولا وجود لأي حيوان تم تحويله إلى بشر.
من أين تقرأ هذه الرواية؟، هي رواية الأمل والعزلة، كما اختتمها برينديك نفسه «ولذا بالأمل والعزلة تنتهي قصتي»، الأمل الناتج عما يسمو فوق الروح المادية/ الحيوانية داخل الإنسان، والأمل كشعور لا يمكن الوصول إليه أو الإحساس به في رواية ويلز. أما العزلة فتجعل برينديك يفكر في عدم العودة إلى موطنه، وفي نص بالغ الدلالة على أجواء لندن القرن التاسع عشر وصعود التصنيع ومحنة الطبقات العاملة، يقول برينديك مبرراً تفكيره في اختيار العزلة: «كنت أخرج إلى الشوارع لأتغلب على وهمي، فأجد النساء الهائمات في الشوارع، والعمال المتعبون يمرون من حولي وهم يسعلون وعيونهم متعبة وخطواتهم سريعة متلهفة كالغزلان المجروحة التي يتقاطر الدم من أجسامها، وكبار السن محنيون وشاحبون يسيرون وهم يغمغمون لأنفسهم، وجميعهم غير مهتمين بالطابور غير المنظم من الأطفال المتهكمين الذين يسيرون خلفهم».
هل الأمل في عالم آخر يمكن الوصول إليه؟، حيث يستطيع مورو وقوانينه التي يفرضها على حيواناته، النصف بشرية، أن توقف «سفك الدماء» ومسألة سفك الدماء هذه يؤكدها ويلز للتمييز بين الإنسان والحيوان، ولكن تنبت العزلة في رأس برينديك عندما تفشل هذه القوانين، حيث لا تلبث هذه الحيوانات التي تردد كل يوم «نحن نحافظ على القانون»، أن تقتل مورو نفسه، ثم ترتد إلى طبيعتها المتوحشة، وتعيش في حالة فوضي وهمجية ثم يقتل فيها القوي الضعيف، فشبه الإنسان المصنوع من الذئب يقتل نظيره المصنوع من الثور وهكذا، في رؤية مرعبة لنظرية داروين في التطور.
التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"