إكسبو.. إبداع التواصل

00:31 صباحا
قراءة دقيقتين

إكسبو 2020 دبي الأكبر على مر تاريخ معارض إكسبو، والدرس الذي تقدمه الإمارات للعالم في مقاومة الصعب، والقفز على المألوف، وقيادة التغيير الذي يطال الإنسان قبل الأماكن والقوانين والسياسات. أما الناظر لصور مشاركة أبوظبي في إكسبو أوساكا- اليابان قبل الاتحاد عام 1970، فيستشعر هذا الجسر الزمني العابر عبر كثير من التغيرات والتحديات والإنجازات، خلال خمسة عقود وحسب. فكيف تمكن هذا الحدث العالمي من استثمار عناصر مثل الفن، روح الفريق، الاستدامة والفرص، لاحتضان ما يزيد على 190 دولة على امتداد ستة أشهر؟
لا يمكن أن نبدأ العمل في مشروع مهما كان حجمه دون العودة إلى فلسفة تمثل قاعدة للانطلاق والتوسع، ومرجعية في حال وضعتنا الحياة والظروف أمام اختبارات صعبة. وقد اختارت دبي فلسفة «تواصل العقول» بشقيها الإنساني والابتكاري. فتم اختيار الفن كجزء من النسيج العام للحدث، سواء من خلال خيارات مصممي الأجنحة المختلفة والتي تعكس هويات متعددة، وثقافات هي في صميم تقاليد وثقافات شعوب العالم، أو من جهة برنامج الفنون البصرية بمشاركة فنانين إماراتيين وعالميين، والذي استلهم أعمال الكبار عبر التاريخ مثل عالم الرياضيات الشهير ابن الهيثم صاحب كتاب المناظر. هذه الرمزية التي تمثل العودة للجذور من خلال أرقى أنواع التعبير الإنساني، والانطلاق منها إلى الغد، ليكون الامتداد للمدينة الحضارية المستقبلية، وهي مدينة متكاملة تنطق فناً، وتعبر عن فكر الاستدامة والتواصل في الوقت نفسه.
التواصل كذلك هو قيمة أساسية وهي صنو الإبداع بكل أشكاله، حيث يتواصل المبدعون لا لنقل رسائلهم وحسب، ولكن أيضاً لرصد الأفكار والمشاهد المختلفة، وتحويل كل هذا المزيج من اليومي والروتيني، إلى تفاصيل خارج الصندوق. إن شعار الحدث الذي تم اختياره والذي تمثله قبة الوصل على الأرض استلهم تصميمه من قطعة أثرية عُثر عليه أثناء واحدة من عمليات التنقيب في موقع ساروق الحديد، وهي عبارة عن حلقة ذهبية تمتد جذورها إلى مئات السنين، وتصرح بأن الإمارات كانت وما زالت ملتقى للحضارات والثقافات المتنوعة، أما خيارات الأسماء للأجنحة المشاركة، والحملات التسويقية التي تمت «جمهرة العنصر البشري» حول محتواها الثري بصرياً وصوتياً إضافة إلى الهوية الصوتية التي تعتمد على «شعار» موسيقي موحد يعكس الأصالة والعالمية في آن، كل تلك العناصر عبرت عن فلسفة دبي بشكل خاص، التي قدمت للعالم أحداثاً متتالية كان التواصل هو جوهرها.
إن هذه فرصة لا تتكرر لبناء جيل جديد من المبدعين من خلال فرص التلاقي والتلاقح مع الثقافات الأخرى والشعوب واللغات، وعندما يكتشف أبناؤنا هذه العظمة في المنجز الإنساني، فهم سيحملون في عقولهم وقلوبهم شعلة الإبداع التي لا تنطفئ، وفي أرواحهم نور المعرفة المستقبلية.

[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"