أسئلة في الفكر والمناهج

00:10 صباحا
قراءة دقيقتين

ما هي مكانة الفكر في المناهج؟ هل يعلم نظام التعليم الدارس كيف يستخدم دماغه؟ من يظن أن ذلك مطبّق في العالم العربي، يملك موهبة الدعابة. لا غرابة في ذلك، فليس في مسيرة تاريخنا أي دليل على وجود تربية العقل الناقد. لهذا لم تتطور الأخلاق وتترجم إلى قوانين ودساتير، ولهذا لم تقم للفكر السياسي والاقتصادي قائمة، وكانت الفلسفة سيئة السمعة، فابن رشد أحرقت كتبه ونجا هو بأعجوبة، ولم يعرف تاريخنا الحديث فلاسفة. أما «إخوان الصفا»، فعملهم في الخفاء برهان على طبيعة حريات الفكر والرأي والتعبير التي سادت القرنين الثالث والرابع الهجريين.
يثير هذا الكلام جدلاً ما له من نهاية، فالحضارة الإسلامية عرفت ألواناً لا نظير لها من الحريات، حتى ليقع العقل في مفارقات شديدة التناقض والتضارب في هذا المجال، لكن كل ذلك لا يغيّر شيئاً من أن تربية العقل الناقد المفكّر الحر، تحتاج إلى تأسيس جدي قائم على البحث العلمي، في المناهج العربية.
صفحة الماضي طويت، يجب التفكير في المستقبل الذي صار حاضراً في كل زاوية من الحياة اليومية. الأسئلة التي يجب أن تكون محور كل تخطيط تعليمي تربوي، هي من قبيل: ما مكانة تربية العقل الناقد في العصر الرقمي؟ أي دور للفكر في توجيه البرمجة المعلوماتية والذكاء الاصطناعي؟ هل البشرية سائرة قسراً نحو إنسان ليس سوى فرد ذي أداء روبوتي، ومجتمع قابل للتسيير تماماً مثلما يجري التحكم في سرب أو قطيع من الروبوتات؟ هذه التساؤلات التي تبدو فلسفية وغير ذات علاقة عضوية بالمناهج، يؤدي إهمالها وتجاهلها إلى عادة قديمة في تربيتنا القرونية، وهي الاعتقاد الخاطئ أن الدماغ وعاء، وأن العلوم والمعارف جوامد أو سوائل توضع بالصاع أو تصبّ بالمكيال، وأن المخ الجيد هو ذلك الذي يستظهر بها عند الحاجة غير منقوصة لم يضيع منها مثقال ذرة.
المعجزة المناهجية اليوم ومستقبلاً، هي إدراك أن الآلة صار لها ذكاء ومنطق وخوارزميات وقدرة على الإحصاء والترجمة والتأليف والاستشراف، فلا بد من نظام تعليمي يؤهل العقل بقدرات فوق بشرية، «سوبرمانية» في الابتكار والإبداع.
لزوم ما يلزم: النتيجة الفكرية: لا شيء أحوج إلى الفكر من الفكر ذاته.
[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"