عادي

الثقافة الشعبية.. روح الدول النامية

01:42 صباحا
قراءة 5 دقائق
جناح دولة جامايكا

إكسبو 2020 دبي: علاء الدين محمود

كثير من بلدان العالم تعيش بعيدة في الظلال لا يعرف الناس الكثير عن عاداتها وثقافاتها، ومناسبة كبيرة مثل إكسبو دبي، تعتبر فرصة للتعرف عن قرب إلى تلك البلدان من خلال أجنحتها التي تعكس العديد من أنشطتها الاجتماعية والاقتصادية والثقافية، وقد حرصت الكثير من تلك الأجنحة على أن تظهر بثوب قشيب وبديع، برموز وشعارات من عمق حضارتها، تعكس هويتها وخصوصيتها، ولئن ظن الكثيرون باختفاء الخصوصيات في زمن العولمة، فإن توجهاً جديداً يسود الآن في العالم وهو الاحتفاء بالثقافات المحلية وإبراز العادات والتقاليد والهوية الحضارية لكل بلد، من أجل التعارف والتقارب بين الشعوب.

حرصت الدول المشاركة في إكسبو دبي، خاصة الفقيرة، إلى التعريف بثقافاتها، باعتبار أن ذلك هو أقصر طريق للإعلان عن نفسها في محفل تشارك فيه بلدان عظمى تتفوق في مجالات الصناعة والاقتصاد والتكنولوجيا الحديثة، بالتالي اتجهت معظم البلدان النامية إلى إبراز أفضل ما لديها من ممارسات ثقافية وتاريخية وحضارية، باعتبار أن ذلك يشكل مكمن تفوق وحضور بالنسبة لها، ومما سهل تلك المهمة أن الأجنحة مزودة بتقنيات من أجل تسهيل الزيارات الافتراضية إلى مناطق عديدة في البلد المعين من أجل التعرف عن قرب إلى عاداته وتقاليده، لذلك فإن المعرض كان يعني الكثير لتلك الدول، بالتالي فإن الثقافة كانت كلمة السر في معرض «إكسبو دبي»؛ حيث كان لها الوجود الكبير والحاسم، فحتى البلدان الغنية حرصت على إظهار ذلك الجانب؛ حيث أصبح المعرض كرنفالاً لإظهار التفوق الثقافي والإبداعي في مختلف المجالات؛ حيث سعت العديد من البلدان إلى إظهار تفوقها في مجال الموسيقى الشعبية والمركبة «التي تجمع بين التقليدية والحديثة»، إلى جانب الرقص وفنون الأداء، وأخرى في جوانب الأدب والفنون المختلفة.

عبق العديد من أجنحة الدول المشاركة، حملت في واجهتها رسومات وإبداعات تظهر رغبتها الملحة في أن تتعرف بقية شعوب العالم إلى تراثها وفنونها ومختلف إبداعاتها، فدولة مثل جامايكا، على الرغم من أن لها محاولات كبيرة في النهوض الاقتصادي والتجاري، فإنها قد حرصت بشدة على إبراز الجانب الثقافي، فالجناح جاء يحمل رسومات وصورة كبيرة لمغني الشهير «بوب مارلي»، فعلى الرغم من مرور ما يقارب الأربعين عاماً على وفاته، فإن الشعب الجامايكي لا يزال يحمل له الكثير من المحبة والتقدير، فهو الصوت الذي استطاع أن ينقل أهم الإبداعات الجاميكية إلى العالم «موسيقى الريغي»، وإذا كانت دول العالم المتقدمة تحرص على تصدير بضائعها ومنتجاتها إلى مختلف أنحاء الأرض، فإن نفس ذلك الحرض موجود لدى الجمايكيين تجاه بضاعتهم الأثمن ألا وهي الموسيقى بصورة عامة، وفي داخل الجناح نجد مساحة مخصصة ل«استوديو موسيقي»، لتحلق موسيقى جامايكا بكل أشكالها في فضاء المعرض، وهي تحمل أصوات العديد من الفنانين والمطربين، وقد حرصت تلك الدولة الكاريبية على أن يعتمد الجناح في فكرة تصميمه على عدد من حاويات الشحن المزينة بتصميمات بأعمال فنية خاصة بالمسابقة الدولية السنوية لملصقات موسيقى ريغي وهو أقرب إلى تصميم حفلات الشارع التي اشتهرت بها تلك البلاد الثرية بالفنون والتي حرصت كذلك على إبراز تفوقها في جوانب إبداعية أخرى مثل الرسم، والتعريف بالعديد من العادات مثل شراب «بلو ماونتن»، الأمر الذي جعل من جناح جاميكا واحداً من أبرز وأجمل الأجنحة في إكسبو دبي.

لوحات جاءت واجهة جناح مالي وهي تحمل عملاً فنياً ضخماً للفنان عبدالله كوناتي، وهو شخصية بارزة في الفن المعاصر في مالي، ومن الذين أثروا في تطور الفن المعاصر في إفريقيا، وتبرز تلك اللوحة التاريخ الحضاري لبلد متعدد في أعراقه وثقافاته، إضافة إلى أن الجناح يعرف كذلك بموسيقى مالي وأشكالها المتعددة، إلى جانب الأزياء والتعريف بالطقوس والممارسات الاجتماعية، والحكايات التقليدية الشفاهية التي تتناقل من جيل إلى آخر؛ حيث ضم الجناح «صندوق المفاجآت»، وتضمن في داخله العديد من التحف الفنية والتاريخية الثمينة التي تعرف بحضارات مالي.

«الماساي» وعلى الرغم من النهضة الاقتصادية التي تشهدها دولة كينيا في عدد من المجالات، فإن جناحها أبرز العديد من الأنشطة الثقافية، خاصة فيما يتعلق بالتصميم وصناعة الأحذية والجلود والأقنعة والأزياء، وهو الجانب الذي برعت فيه قبائل تاريخية تستوطن ذلك البلد وهي قبائل «الماساي»، التي اشتهرت ببراعتها في الصناعات الفنية اليدوية المختلفة، وقد عملت تنزانيا كذلك على عكس مجموعة من الأنشطة الفنية والثقافية في جناحها، ومما ساعد على ذلك الأمر أن إدارة المعرض قد وفرت وسائل تقنية من أجل تصميم رحلات افتراضية إلى تلك البلدان مثل رحلات السفاري الافتراضية.

حكايات شعبيةدولة إفريقية مثل أنجولا، حرصت في جناحها على إبراز محاولاتها وتجربتها في إعادة إحياء الفن المندثر المتمثل في سرد القصص، والمقصود به تلك الحكايات المتوارثة عن الأجداد والتي تبرز الحكمة والشجاعة، ولئن كادت أن تختفي مثل هذه الممارسات الأدبية نسبة لانتشار التعليم والقراءة والتوثيق، فإن أنجولا تحاول أن تحيي تلك العادات الثقافية عبر «إكسبو»، من أجل أن تظهر ما لدى الشعوب الإفريقية من تراث أدبي ضخم، كما عملت أنجولا على إبراز العديد من أنشطتها الفنية القديمة في المعرض مثل «فن السونا»، القديم والذي يعتمد على الرسم بالرمال؛ حيث تمت استعادته وصنع ابتكارات منه من أجل نقل المعرفة لأجيال المستقبل.

أقنعة وطقوستنافس شديد بين الدول المشاركة في «إكسبو»، في جعل الأجنحة أكثر جاذبية ومشجعة على زيارتها من قبل جمهور المعرض، لذلك كان الابتكار والجمال حاضراً، فدولة مثل الجابون، عملت على أن تكون واجهة جناحها لافتة من خلال الاعتماد على الألوان الباهرة، وعرض أقنعة خشبية صنعت بإتقان شديد، وهي مستوحاة من ثقافة وحضارة القبائل والشعوب الإفريقية القديمة، فتلك الأقنعة لها خصوصيتها في القارة السمراء وقد أصبحت مع مرور الوقت بمثابة رموز تشير إلى الكثير من القبائل والأعراق المختلفة، وكذلك العادات والممارسات؛ حيث إن لكل قبيلة إفريقية أقنعتها، يتم ارتداؤها في طقوس متباينة مثل الحرب والزواج وبقية الاحتفالات، كما أنها ترتدى كذلك خلال الرقصات الطقسية، وذلك الاهتمام بالأقنعة نجده كذلك في عدد من أجنحة الدول الأخرى سواء كانت إفريقية أو من أمريكا الجنوبية التي تشتهر بعض قبائلها بلبس الأقنعة خلال بعض الاحتفالات والطقوس، كما اهتم جناح الجابون كذلك بالمنحوتات الخشبية لعدد من الحيوانات، لتبرز براعتها في مجال الفنون اليدوية، وذلك الأمر تجده أيضاً في جناح دول إفريقية عديدة مثل ساحل العاج والتي برعت في عرض قصص وراء الأزياء والأقمشة، خاصة التقليدية منها.

سحر

السحر والغرائبية والأساطير القديمة والفنون العريقة، كانت حاضرة في أجنحة العديد من دول إفريقية وأمريكا الجنوبية، الأمر الذي جعل من أجنحة تلك الدول قبلة للزوار

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"