عادي
جلستان ضمن أيام الشارقة الأدبية في إسبانيا

القهوة والماء.. كرم وصفاء في مسار التواصل الحضاري

00:29 صباحا
قراءة 3 دقائق
عبد العزيز المسلم يتحدث عن القهوة العربية

شهدت أيام الشارقة الأدبية التي تنظمها هيئة الشارقة للكتاب، بالتعاون مع «البيت العربي» في إسبانيا، جلستين، جاءت الأولى بعنوان «رحلة القهوة العربية» تحدث خلالها د.عبد العزيز المسلم، رئيس معهد الشارقة للتراث، وإنكارنا جوتيريز، وألفونسو كوبادو.

واستهل المسلم حديثه عن القهوة، بالقول: «تعد أساساً للضيافة في المجالس العربية، هي رمز من رموز الكرم، كما أنه توجد مهنة خاصة لمن يعد القهوة يسمى (القهوجي)، يحمل الدرهم الإماراتي واحداً من أشكال وأنواع الدلال المعروفة في المنطقة العربية، وهي الدلة القريشية، التي تصنع من النحاس، وتوضع لها أقراط كأقراط النساء».
أشار المسلم إلى أن أول دلة استخدمت في الإمارات تاريخياً صنعت من الفخار في وادي حقيل (حجيل) برأس الخيمة.

وعن أنواع دلال القهوة، أوضح المسلم أنها في الإمارات ثلاث، وهي الدلة الكبيرة التي تسمى الخمرة، لأن القهوة تختمر بها، والدلة الثانية هي المزلة، والثالثة هي التلجيمة، التي تلقم فيها القهوة بالمطيبات، لافتاً إلى أن مطيبات القهوة عديدة، منها الزعفران، والهال، وماء الورد، والقرنفل، وللمبالغة تضيف بعض القبائل العود في القهوة، وتسمى حينها (قهوة العود).

وتحدث عن ما يعرف في القهوة الإماراتية العربية بالفنجان المسبوع، وهو الذي يضاف إليه عدة نكهات.. ماء الورد، والزعفران، والقرنفل، والهال، وجوزة الطيب، والبن، ولفت إلى أن المغفور له بإذن الله الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان طيب الله ثراه كان يطلب هذا الفنجان ويحبه.

واستعرض المسلم أسماء فناجين القهوة في التقاليد الإماراتية، بقوله: «لدينا تسميات لها، منها فناجين الضيف، والكيف، والسيف، والحيف، وكلها لها حكايات مرتبطة بتقاليد».

دور تاريخي

توقف إنكارنا جوتيريز عند الدور التاريخي للقهوة في بناء جسور للتواصل والتبادل الثقافي بين العرب والإسبان، مؤكداً أن القهوة ظهرت في الحبشة وانتقلت إلى اليمن ثم منطقة الخليج، ليتسع انتشاها وتصل بعد ذلك إلى شمال إفريقيا ومنطقة الشرق الأوسط كاملة، في حين وصلت إلى أوروبا في القرن السادس عشر وتعزز حضورها في القرن السابع عشر، وهو ما فتح الباب لعلاقات استيراد قوية بين المنطقة العربية وأوروبا عامة.

وأبدى ألفونسو كوبادو إعجابه الشديد بثقافة القهوة في الدول العربية، خصوصاً دول منطقة الخليج، وقال: «تعد القهوة من أهم رموز الضيافة لدى العرب، نتيجة ارتباطها بتاريخهم العريق، حتى أصبح لها تقاليد لإعدادها وطقوس لتناولها، بينما الأمر مختلف في أوروبا وشبه الجزيرة الإيبيرية، فهذه الثقافة ليست متجذرة وراسخة».

دلالات الماء

جاءت الجلسة الثانية بعنوان «الماء في الشعر العربي والأندلسي» وتحدث خلالها كل من عوض خليفة بن حاسوم الدرمكي، وخوسيه ميجيل بويرتا، وخوان أنطونيو بيرنييه، بحضور أحمد بن ركاض العامري، رئيس هيئة الشارقة للكتاب.

وأكد بويرتا أنه مع ظهور الإسلام في الأندلس، بدأ استخدام الماء ودلالاته في الشعر والأدب وفي النصوص الصوفية الأندلسية بكثرة، معيداً ذلك إلى أن ثقافة الإسلام قائمة على الصفاء والسلام والحياة، ومؤكداً أن ذلك يمكن تلمسه في تأمل قصور الأمويين التي تتزين جدرانها بأبيات شعرية تتغنى بجماليات الماء، بالإضافة إلى أنماطها المعمارية التي تستند إلى البرك والنوافير.

وتوقف بويرتا عند حضور الماء في العمارة الأندلسية، والشعر الذي تغنى بالقصور في غرناطة، مشيراً إلى أن الماء تمظهر في عدة أوصاف، ووظف الشعراء جمالياته في الغزل، وفي المديح، وفي الرثاء وفي وصف الأمكنة، للحد الذي بات فيه الماء مقابلاً للجنة في الأدب الأندلسي، والنار مقابلاً للجحيم.

بدوره، استحضر الشاعر والمترجم خوان أنطونيو بيرنييه مجموعة من النصوص التي تكشف حضور الماء في الشعر العربي والأندلسي، مؤكداً أن الماء يمكن أن يشكل جسراً يربط الماضي بالحاضر من خلال التجربة الشعرية. واستعرض بيرنييه تجربة شاعرين قرطبيين.. الأول قديم عاش في قرطبة قبل أكثر من ألف عام، والثاني معاصر، حيث بين وجه التشابه في تناولهما لمدينة قرطبة في نصوصهما الشعرية وتوقفهما عند الجماليات المتعلقة بالأنهار والبرك والنوافير والحدائق، وأكد أن حضور الماء لدى الشعراء في هذه المدينة لم يكن في الشعر القديم وحسب، وإنما هو موضوع متجدد يمكن قراءته وتلمسه في أعمال الشعراء المعاصرين حتى يومنا هذا.

من جانبه أشار عوض الدرمكي إلى مكانة الشعر والشعراء عامة في الثقافة العربية، موضحاً أن القبيلة العربية كان إذا نبغ فيها شاعر تتوافد إليها القبائل وتهنئها به، لأنه سيحفظ ذاكرتها ويروي أمجادها، لهذا كانت تقام الأسواق للاحتفاء بالشعر والشعراء قديماً.

واعتبر الدرمكي أن العرب أهل عمارة وبناء تاريخياً، لافتاً إلى أنهم حين عاشوا في الأندلس نقلوا فنون العمارة معهم، الأمر الذي كشف حجم عنايتهم بالشعر والشعراء، إذ باتت القصور تحمل القصائد على جدرانها، وباتت المعالم المعمارية والساحات يظهر ذكرها في قصائد كبار الشعراء الأندلسيين.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"