الجوع والشبع

00:12 صباحا
قراءة دقيقتين

قريباً، ربما لن يعود هناك يوم في السنة غير عالمي، بمعنى أنه مخصص لمناسبة ما، أو لتكريم فئة من الفئات. في الوقت الحاضر لا يكاد يمر أسبوع دون أن يكون هناك يوم عالمي لأمر ما أو لتكريم فئة من فئات المجتمعات، أو لفت الأنظار إلى قضاياها ومطالبها ومعاناتها، فهناك يوم عالمي للمرأة وآخر للشباب والطلبة وثالث للعمال إلخ.
وهناك أيام عالمية للحب والسعادة والتسامح والديمقراطية، وهناك يوم عالمي للشعر وآخر للفلسفة، وهناك بالتأكيد يوم عالمي للصحة أيضاً، وعلى هذا قِس الكثير، ما يجعل مما قلناه عن أنه قد لا يجد العالم، في القريب، أياماً «غير محجوزة» في السنة ليخصصها لموضوع ما أمراً واقعياً.
أحدث يوم عالمي احتفى به العالم كان يوم الغذاء العالمي الذي صادف السادس عشر من شهر أكتوبر/ تشرين أول الجاري، وبالمناسبة حضرتُ حفلاً برعاية محافظ المنامة، عاصمة البحرين، الشيخ هشام بن عبدالرحمن آل خليفة، أقامه جاليري «مون لايت»، لإزاحة الستار عن عمل فني معبر نفذه مؤسس الجاليري ومديره الفنان حسن جناحي الذي حاول فيه تجسيد كارثة المجاعة في بلدان وقارات مختلفة. وحظي الحفل بتغطية إعلامية واسعة في الصحافة المحلية، وكذلك في تلفزيون البحرين، والغاية كانت إيصال رسالة في هذا اليوم، عبر الفن، بضرورة تضافر الجهود لمواجهة كارثة المجاعة، سواء في البلدان التي تعانيها، أو تلك التي يلوح شبحها فيها.
منظمة الأغذية والزراعة العالمية تقول إن هناك نجاحات تحققت في العقدين الماضيين على صعيد تخفيض نسبة الأشخاص الذين يعانون الجوع، ولكن المخاطر ما زالت كبيرة، وتؤدي النزاعات والحروب إلى تفاقمها واتساع نطاقها، ومن ذلك أن منظمة الأمم المتحدة تحذر من ارتفاع مخاطر المجاعات خلال الأشهر القادمة في 23 منطقة مضطربة في العالم. ويقول برنامج الأغذية العالمي إن ما لا يقل عن 155 مليون شخص واجهوا جوعاً حاداً في عام 2020، بما في ذلك 133 ألف شخص كانوا بحاجة إلى أغذية عاجلة لمنع انتشار الموت جوعاً، بزيادة قدرها 20 مليوناً عن عام 2019.
المفارقة أنه بمقدار ما تزداد مظاهر الاستهلاك البذخي في العالم، و«فوائض» المواد الغذائية في الكثير من المناطق، فإن معدلات الفقر والجوع تزداد بوتيرة لا تقل إن لم تكن أسرع، ما يجعل ضرورياً العمل من أجل تحقيق معادلة عادلة، تُرشد الإنفاق غير الضروري على حاجات غير ضرورية، من أجل تأمين الغداء لملايين البشر الذين لا يزالون يموتون من الجوع، لا من الأمراض أو الحروب وحدهما.
[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

كاتب من البحرين من مواليد 1956 عمل في دائرة الثقافية بالشارقة، وهيئة البحرين للثقافة والتراث الوطني. وشغل منصب مدير تحرير عدد من الدوريات الثقافية بينها "الرافد" و"البحرين الثقافية". وأصدر عدة مؤلفات منها: "ترميم الذاكرة" و"خارج السرب" و"الكتابة بحبر أسود".

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"