عادي

«كوب 26».. خطوة على الطريق الصحيح

23:01 مساء
قراءة 4 دقائق

كتب - بنيمين زرزور:
عزز تمديد أعمال قمة جلاسكو من أجل توقيع اتفاقية في الساعة الأخيرة، الآمال بأن يسفر الزخم الذي حظي به المؤتمر، وحرص دول العالم على استمرار جهود التعاون الذي عكسه قرار استضافة دولة الإمارات العربية المتحدة لدورة عام 2023 «كوب 28»، عن تحول عملي في استراتيجيات الكثير من دول العالم لجهة حماية كوكب الأرض من كارثة وشيكة.

كانت مسودة البيان الختامي للمؤتمر التي تضمنت عبارات مثل «تلاحظ القمة بقلق بالغ...»، تشعر المراقب بأن القمة تطلق نداء استغاثة. وعندما تقرأ في نص البيان عبارات مثل «تحذر القمة من كذا وكذا...» تشعر بحالة من الذعر لم تكن سائدة في مؤتمرات سابقة. ولكن بعد عامين من التحضير و13 يوماً من المحادثات الصعبة، هل أنقذ المفاوضون في جلاسكو الكوكب؟

عندما تؤكد كل التقارير العلمية والبحثية أن استمرار الانبعاثات بالمعدلات الحالية يعني أنها مرشحة للزيادة بنسبة 13.7% بحلول عام 2030، فهذا يؤكد الحاجة الملحّة إلى تحرك سريع إذا كان لا بد من ضمان تحقيق هدف كبح ارتفاع درجة حرارة الأرض عند 1.5% فوق مستوى العصر الصناعي، حتى نهاية هذا القرن.

وجاءت الصفقة نتيجة أسبوعين من المفاوضات في جلاسكو والتي كان لا بد من تمديدها ليوم إضافي لتحقيق التوازن بين مطالب الدول المعرّضة للتغير المناخي، والقوى الصناعية الكبرى من جهة، وتلك التي يعتبر استهلاكها من الوقود التقليدي أمراً حيوياً لتنميتها الاقتصادية.

وانتهت القمة باتفاق عالمي يهدف على الأقل، إلى الحفاظ على الآمال الحية في وضع حد لظاهرة الاحتباس الحراري عند 1.5 درجة مئوية، وبالتالي الحفاظ على فرصة واقعية لإنقاذ العالم من تغير المناخ الكارثي.

وكرر ألوك شارما، رئيس المؤتمر، الضرب بمطرقته للإشارة إلى عدم وجود اعتراضات من نحو 200 وفد في جلاسكو. وأقرت مسودة اتفاق تم تعميمها في وقت مبكر، يوم السبت الماضي، بأن الالتزامات التي تم التعهد بها حتى الآن لخفض انبعاثات غازات الاحتباس الحراري «ليست كافية»، وطلبت من الدول وضع تعهدات مناخية أكثر صرامة تتم مراجعتها سنوياً، بدءاً من العام المقبل، بدلاً من كل خمس سنوات، كما هي حالياً.

الالتزامات

وحثت المسودة الدول الغنية على مضاعفة تمويل التكيف مع المناخ بحلول عام 2025 مقارنة بمستويات عام 2019، وتقديم التمويل الذي كان مطلباً رئيسياً للدول الصغيرة.

ومربط الفرس، هو أن التعهدات الاستثنائية التي أعلن عنها في جلاسكو لا تحظى باليقين العملي الذي يزيل الريبة من صدور شعوب العالم، ولا حكامه، رغم أن كل ما أحيط بالمؤتمر من هالات التفاؤل مدعومة بسبعين قراراً رسمياً وتعهدات 200 دولة، عززت الشعور الإيجابي بالقدرة على صنع القرار عالمياً عندما تلتقي الأهداف والغايات على ضرورة التصدي للطوارئ. ونشير هنا إلى أن هذه الالتزامات إذا تم الوفاء بها، كفيلة بالتخلص من 9 جيجا طن من ثاني أكسيد الكربون، من أصل 22 جيجا طن تتراكم في الغلاف الغازي للأرض.

وقالت بريطانيا أيضاً، إن لجنة تابعة للأمم المتحدة يجب أن تقدم العام المقبل تقريراً عن التقدم الذي يتم إحرازه في ما يتعلق بتقديم 100 مليار دولار سنويا من إجمالي التمويل السنوي للمناخ الذي وعدت به الدول الغنية سابقاً بحلول عام 2020 لكنها فشلت في تحقيقه. وقالت إن الحكومات يجب أن تجتمع بشكل دوري كل عامين حتى عام 2026 لمناقشة تمويل المناخ.

نتائج مفترضة

عند الدخول في محادثات جلاسكو، أعلنت معظم الدول عن أهداف جديدة وأكثر طموحاً لخفض الانبعاثات. وأعلن البعض، مثل الهند، عن تدابير إضافية في الاجتماع نفسه. كما شملت الصفقات الجانبية التي توسطت فيها بريطانيا، قضايا مثل استبدال إزالة الغابات بزرعها، وتعزيز برامج إنتاج المركبات الكهربائية، والتخلص التدريجي من الفحم، وتضييق الخناق على انبعاثات الميثان، ومساهمة أموال المستثمرين في برامج مكافحة تغير المناخ.

كما اتفق المجتمعون على معالجة استخدام الفحم بشكل صريح والدعم الذي تقدمه بعض الحكومات لمشاريع الوقود الأحفوري، على الرغم من أن المقترحات الأصلية تم تخفيفها بشكل كبير.

ومنح البيان المشترك الصيني الأمريكي الآمال المعقودة على نتائج «كوب 26» زخماً إضافياً بعد أن أعلن المبعوث الأمريكي للمناخ جون كيري، ونظيره الصيني شي جينهوا، عن اتفاقية الإطار التي تم الاتفاق بشأنها بين البلدين والتي وصفها كلاهما بأنها «وسيلة لزيادة فرص نجاح القمة».

لكن الاجتماعات سادها جو مشحون بالتوتر، لأن الدول الغنية فشلت في الوفاء بتعهدها بتقديم 100 مليار دولار كل عام بحلول عام 2020 لمساعدة الدول الفقيرة على التكيف مع تغير المناخ. وعبّر الاتفاق النهائي عن «الأسف العميق» لفشل التمويل وحث الدول الغنية على تقديم الأموال في أسرع وقت ممكن.

ورفضت الدول الغنية، مثل الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي، مقترحاً بإنشاء صندوق لتعويض الدول الفقيرة عن الدمار الذي أحدثه تغير المناخ، والذي تتحمل الدول المتقدمة مسؤولية كبيرة عنه بسبب انبعاثاتها السابقة.

وظلت عملية تحديد قواعد التعاون الدولي للحد من الانبعاثات، بما في ذلك أسواق الكربون، التي استعصت على الدول منذ مؤتمر باريس، من أصعب القضايا التي تناولتها المفاوضات خلال الأسبوعين الماضيين.

وفي حين تم التوصل إلى حل وسط يمكن أن يضيف تريليونات من الدولارات إلى المعركة ضد تغير المناخ، تخشى بعض الدول والجماعات البيئية من أن الصفقة تركت ثغرات كبيرة يمكن أن تقوض سلامة نظام حصص الكربون من خلال السماح باحتساب الخفض على الانبعاثات مرتين.

وفي الجانب التقني، وافقت البلدان على العديد من التعديلات على القواعد المتعلقة بكيفية الإبلاغ عما تفعله لتقليل الانبعاثات وعدد حالات الإفصاح سنوياً.

وكانت الصين حذرة بشكل خاص من جعل الآخرين يدققون في جهودها عن كثب. إلى جانب الاقتصادات المتقدمة والناشئة الأخرى.

وأخيراً، لا يحمل البيان الختامي سلطة فرض التنفيذ على الموقعين عليه، لكنه يحمل في طياته ثقلاً مرجحاً استمده من إجماع 200 دولة على ما جاء فيه.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"