عادي

آثار فيضانات قديمة على المريخ

20:50 مساء
قراءة دقيقتين

منذ عقود، كان التصور المعتاد عن المريخ بسيطاً وواضحاً للغاية، ففي الوقت الحالي هو كوكب قاحل ومتجمد إلى درجة الجفاف، مصبوغ بلون الصدأ الأحمر، أمَا قبل دهور، فكان أكثر دفئاً ومياهاً، ويزخر بالحياة البحرية، وفيه أنهار وبحيرات ومحيطات، بل ربما وُجِدت الحياة على سطحه، وبذلك تصير هذه النظرة للمريخ أقرب إلى عملة معدنية، لها وجه أزرق وآخر أحمر، ويسعى العلماء إلى فهم أسباب هذا الانقلاب الكوكبي العظيم من هذا الوجه إلى ذاك، لكنهم كلما أمعنوا النظر اتضح أكثر أن هذه النظرة بوجهيها المتناقضَين تناقضاً صارخاً، لا يمكن أن تكون صحيحة بالكلية، فالمريخ، مثل كوكب الأرض، كان، وسيظل عبارة عن عوالم عدة مختلفة، وربما كان من الأفضل أن نرى قصة صلاحيته للحياة لا باعتبارها عملية تحولٍ عالمية واحدة بين الوجهين، بل باعتبارها سلسلة من القفزات عبر مزيج إقليمي من الظروف المتباينة المعقدة والمتغيرة.

وعن ذلك يقول مات بالم، من الجامعة المفتوحة في إنجلترا: «من السهل للغاية أن ترى كوكب المريخ كأنه وحدة واحدة في أي نقطة زمنية، لكنه كان يتضمن مناطق دافئة وأخرى باردة، ومناطق مبتلة وغيرها جافة، كل ذلك في آنٍ واحد».

وتوضح ورقة بحثية نُشِرت، أمس الجمعة، في دورية «سيانس» هذه النظرة الأدق إلى الكوكب بتفصيل مذهل. وتقدم هذه الورقة نتائج أولية مبنية على استطلاع بصري أُجري في موقع «أوكتافيا إي باتلر»، موقع هبوط مركبة «بيرسيفيرانس» الجوالة لتابعة لوكالة «ناسا»، والتي هبطت في فوهة جيزيرو في فبراير/ شباط. واختار مخططو البعثة فوهة جيزيرو لأن الصور المدارية أشارت إلى أن فيها دلتا نهرية قديمة، ونظام بحيرات نحتته المياه المتدفقة قبل مليارات السنين، والآن، لم تؤكد التحليلات التي أجرتها مركبة «بيرسيفيرانس» صحة هذا الأمر فحسب، بل كشفت وقوع أحداث قصيرة الأجل انطوت على تغيرات مفاجئة في تلك المنطقة.

وبقيادة باحثين منهم نيكولاس مانجولد من جامعة «نانت» بفرنسا، استعان فريق الدراسة بصور التقطتها المركبة «بيرسيفيرانس»، لفحص حجم الصخور المتناثرة حول المركبة، والمغروسة في طبقات الرواسب على الأسطح الصخرية والجوانب المكشوفة للجرف على بُعد عدة كيلومترات، كما فحص الفريق اتجاه تلك الصخور وتوزيعها، وتُظهر النتائج أنه قبل 3.7 مليار عام مضت، كان هناك نهر يتدفق إلى هذه المنطقة بالفعل، بسرعة تبلغ عدة أمتار في الثانية، وكان يصب في بحيرة تملأ الفوهة البالغ عرضها 45 كيلومتراً حتى عمق 100 متر في بعض مواضعها، لكن تحليل الفريق كشف أيضاً تباينات غير متوقعة في قاع البحيرة، والذي بدا كأنه يزيد أو يقل بضعة أمتار بين الحين والآخر، وكان ذلك على الأرجح نتيجة للتقلبات الموسمية.

(سيانتفيك أمريكان)

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"