عادي
رسخت قواعد تحفظ للمجتمع استقراره وأمنه

50 عاماً من العدالة وإعلاء كلمة الحق

20:42 مساء
قراءة 7 دقائق
استقبال الشيخ زايد للراحل الدكتور عبدالله عمران والقضاة

عيد الاتحاد الخمسون: آية الديب
حققت الإمارات وهي تحتفل بمرور 50 عاماً على إنشائها إنجازات في العدالة والقضاء، وصولاً إلى تحقيق الريادة والتنافسية العالمية، الذي وضع الإمارات في صدارة دول الشرق الأوسط والكثير من دول العالم في شفافية نظامها القضائي. وتحقيقاً لرؤية القائد المؤسس المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيّب الله ثراه، بإرساء القضاء الناجز والعادل في الدولة، قامت وزارة العدل منذ إنشائها مع تأسيس الدولة بوضع خططها لتقديم خدمات متميزة ترقى لأفضل الممارسات العالمية، وتحقق رضا المتعاملين وفقاً لرؤية تجعلها نموذجاً يحتذى في تحقيق العدالة، وتقديم الخدمات القانونية، وسارت على النهج ذاته القيادة الرشيدة برئاسة صاحب السموّ الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة، حفظه الله، وأخيه صاحب السموّ الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة، رئيس مجلس الوزراء، حاكم دبي، رعاه الله، وصاحب السموّ الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، ولي عهد أبوظبي، نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة.

للمرة الأولى في العالم أصدر صاحب السموّ الشيخ خليفة بن زايد، بصفته حاكماً لإمارة أبوظبي، في مطلع نوفمبر الماضي، قانوناً ينظّم مسائل الأحوال الشخصية لغير المسلمين في إمارة أبوظبي، بما يحقق الريادة في إصدار أول قانون مدني لتنظيم مسائل الأسرة لغير المسلمين، وفقاً لأفضل الممارسات الدولية، وكفالة حق غير المسلم في خضوعه لقانون متعارف عليه دولياً، وقريب له من حيث الثقافة والعادات واللغة، فضلاً عن حماية المصالح الفضلى للطفل، ولاسيما في حال انفصال الأبوين.

وحصلت دولة الإمارات على مراتب عالمية متقدمة في مختلف المؤشرات، لا سيما في العدل والأمن، بما يمثل نتاجاً للرؤية الطموحة للقيادة الرشيدة التي رسخت أطر العدالة الناجزة التي حفظت للمجتمع استقراره وأمنه ويحترم فيها القانون، وتصان فيها حقوق البشر.

ووفقاً لمؤشر «سيادة القانون» 2021 الذي أصدرته مؤسسة مشروع العدالة العالمية في واشنطن، ويقيّم سيادة القانون في 139 دولة ومقاطعة، فقد حافظت دولة الإمارات على ترتيبها العالمي، واحتلت المركز 37 من 139 دولة ومقاطعة في جميع أنحاء العالم، واحتلت المركز الأول للدول في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا.

وكانت وزارة العدل من أوائل الوزارات التي رافقت قيام الاتحاد، وتعززت إنجازاتها في ميادين العدالة والقضاء.

القضاء العادل

ومنذ بداية سنوات الاتحاد المجيد وحتى اليوم، كان القضاء العادل في دولة الإمارات وما يزال حريصاً على حقوق الدفاع، لضمان إجراء محاكمات عادلة لكافة المواطنين والمقيمين على أرض الإمارات، وحرصت الدولة منذ تأسيسها على يد المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيّب الله ثراه، وإخوانه حكام الإمارات على سيادة القانون.

وتوجيهات القيادة الرشيدة المستمرة المتعلقة بتطوير القضاء الإماراتي نابعة من الحرص على أن يصبح القضاء من الأفضل في العالم، انطلاقاً من ضرورة تحقيق العدالة بين الناس دون خشية أو محاباة؛ حيث سبق أن أكد صاحب السموّ رئيس الدولة، حفظه الله، أن العدالة حق للجميع، وأن سيادة القانون فوق كل اعتبار، فضلاً عن تأكيداته الدائمة للقضاة أن يكونوا مثالاً للنزاهة والحياد والإخلاص في عملهم.

مسيرة تشريعية

بدأت أول نقلة نوعية في العمل القضائي، مع صدور إعلان العمل بأحكام دستور دولة الإمارات في الثاني من ديسمبرعام 1971؛ حيث تضمن الدستور فصلاً خاصاً للقضاء في الاتحاد والإمارات، وحدد محاكم الاتحاد وتشكيل المحكمة الاتحادية العليا واختصاصاتها وولاية قضاها ومكان انعقادها.

كما بيّن اختصاص المحاكم الاتحادية الابتدائية وأحال إلى القوانين التي ستصدر لاحقاً الكثير من الأمور المتصلة بالعملية القضائية.

وتحددت مسيرة الدولة التشريعية بعد صدور إعلان العمل بأحكام الدستور، وانتخاب المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، رئيساً للدولة، وكذلك انتخاب المغفور له الشيخ راشد بن سعيد آل مكتوم نائباً لرئيس الدولة؛ حيث تم تشكيل أول مجلس للوزراء في التاسع من ديسمبر عام 1971 الذي عين بموجبه المغفور له الدكتور عبدالله عمران تريم، رحمه الله، أول وزيراً للعدل.

حوار مع القضاة

التقى المغفور له الشيخ زايد، رئيس وأعضاء المحكمة الاتحادية العليا في أول أيام عيد الفطر المبارك عام 1975، وفي هذا اللقاء أجرى حواراً مستفيضاً مع القضاة عن أحكام الشريعة الإسلامية وضرورة تطبيقها، والعرف ومدى تطبيقه، والحرية ومداها، وقال لهم: «عليكم قضاة ورجال قانون أن تتجهوا للشريعة الإسلامية، وتستمدوا من الشرع أحكامكم، وإننا نباهي العالم بما احتوته شريعتنا من أحكام، ولا نرضى لأنفسنا أن نحيد عنها».

المحاكم الاتحادية

ويعدّ تشييد المحاكم الاتحادية في مختلف أنحاء الإمارات من أبرز معالم إنجازات العدل الراسخة في ظل دولة الاتحاد؛ حيث رصدت الدولة الميزانيات الضخمة لأبنية المحاكم والنيابات كي تكون صروحاً شامخة ورموزاً فريدة، كما أنشأت الأجهزة القضائية على المستوى الاتحادي والمحلي سواء محاكم أو نيابات أو لجان قضائية وتحكيمية.

قضاء أبوظبي

وحققت دائرة القضاء نقلة نوعية في تقديم الخدمات القضائية والعدلية عبر منظومة متكاملة ومتطورة، تلبي التطورات التنموية المتسارعة في إمارة أبوظبي وتعزز تنافسيتها، وتستكمل إطلاق مبادراتها وخططها التشغيلية.

وأثبتت دائرة القضاء في أبوظبي خلال العام الجاري جاهزيتها الإدارية والتقنية وقدرتها على مواصلة تقديم خدماتها في جميع الظروف والأوقات بكفاءة وجودة عالية، بنجاحها في التحول إلى التقاضي عن بُعد، بنسبة 100% في محاكم أبوظبي، بما يضمن استدامة الخدمات القضائية وتقديمها وفق أرقى المعايير العالمية.

الاتحادية العليا

تعد المحكمة الاتحادية العليا أول جهاز قضائي يمارس ولايته القضائية في إطار السلطة القضائية الاتحادية بالدولة، فقد صدر قانون إنشائها في 25 يوليو عام 1973، وفي يوم 29 نوفمبر، من العام نفسه، أصدرت المحكمة أول حكم دستوري في تاريخ القضاء الإماراتي، وقد مارست المحكمة دورها الفاعل في تطوير الفكر القضائي الإماراتي، وترسيخ مفاهيم وقيم العدالة في المجتمع.

ونظرت 3071 طعناً خلال العام الماضي تم الفصل في 2795 طعناً منها، فيما تم تأجيل 276 طعناً؛ بينما نظرت المحاكم الاتحادية الاستئنافية والابتدائية خلال العام الماضي 47 ألفاً و205 قضايا، تم الفصل في 41 ألفاً و906 منها، وأجّلت 5 آلاف و299 قضية.

ويُعدّ القاضي الدكتور عبد الوهاب عبدول، خامس رئيس للمحكمة الاتحادية العليا، وأول رئيس مواطن لها، وهو كذلك أول قاض مواطن تم تعيينه قاضياً بالمحكمة الاتحادية العليا المرسوم الاتحادي.

النيابة العامة

ومنذ أن عين أول نائب عام للدولة في 25 يوليو، عام 1973، عملت النيابة العامة على رفع الدعاوى الجزائية وباشرت اختصاصها حيال الدعاوى الجزائية بوصفها نائبة عن المجتمع وممثلة لمصالحه.

وفي بداية الاتحاد كان عدد أعضاء النيابة العامة لا يتجاوز عدد الأصابع، واليوم أصبحت تضم إضافة إلى النائب العام، عدداً كبيراً من رؤساء ووكلاء النيابة العامة والمحامين العامين.

لجان التوفيق والمصالحة

وتعدّ الإمارات أول دولة عربية تقنن فكرة الصلح طريقاً لحل المنازعات؛ حيث حظيت الحلول البديلة للتقاضي كلجان التوفيق والمصالحة والتوجيه الأسري باهتمام بالغ، وشهدت تطوراً متسارعاً سعياً لحل الخلافات، بعيداً عن ساحات المحاكم وإعادة المودة والتآلف والقربى ونبذ التخاصم والخلاف، وإحلال المحبة والتآخي والرحمة بين أبناء المجتمع الواحد.

وأنشأت أول لجان للتوفيق والمصالحة في جميع محاكم الدولة عام 1999 وهو ما مثل نقلة نوعية في تطبيق القضاء الشعبي، واعتماد الصلح كطريق لحل المنازعات المدنية والتجارية بين أفراد المجتمع، وعاملاً مهماً في توطيد الأمن الاجتماعي.

وانطلاقاً من ضرورة المحافظة على الأسرة كونها اللبنة الأولى في المجتمع، وأن بناءها أساس بناء كل مجتمع سليم، صدرت التوجيهات بإنشاء لجان للتوجيه الأسري في كل محاكم الدولة مهمتها بذل كل ما باستطاعتها من جهود في سبيل إعادة الوئام وإصلاح ذات البين مع الزوجين المتخاصمين وإعادة الأمور إلى نصابها والعمل على المحافظة على كيان الأسرة.

جائحة كورونا

ومنذ سنوات تسعى وزارة العدل إلى تعزيز الابتكار والتميز القضائي، والتحول الرقمي في تقديم الخدمات القانونية والقضائية، وصياغة التشريعات بما يواكب أفضل وأحدث التشريعات عالمياً، فقبل ظهور فيروس «كورونا» ومحاربة انتشاره بدأت وزارة العدل في تقديم الخدمات الحكومية عبر الهواتف الذكية، وأطلقت مبادرة المحاكم التجارية بتقنية المحاكمة عن بُعد، ومن بعدها بدأ عقد جلسات الصلح بالتوجيه الأسري، عبر الهاتف الذكي في قضايا الأحوال الشخصية والتوجيه الأسري سعياً لتحقيق العدالة السريعة.

كما أطلقت الوزارة مشروع «المحاكمة عن بُعد» في المحاكم الاتحادية بالدولة، وعممت المشروع ليشمل قضايا الأحوال الشخصية والتوجيه الأسري، ودشنت الحاسبة الذكية التي تيسر إطلاع المتعاملين على الملفات والقضايا المالية الخاصة بهم وما تم تنفيذه فيها، فيما ساهمت مبادرة «نيابة بلا ورق» في الاستغناء عن الأوراق العادية في الدعاوى الجزائية. وبالتزامن مع محاربة انتشار الفيروس بذلت وزارة العدل والنيابة العامة الاتحادية جهوداً ملموسة في سبيل استمرارية العمل القضائي، وتوفير أفضل الخدمات الحكومية عن بعد، ووضعت الوزارة خططها لتقديم خدمات متميزة «عن بُعد» ترقى لأفضل الممارسات العالمية.

وتوفر الوزارة، خدمة عقود الزواج عن بُعد، وخلال العام الماضي بلغت نسبة الاستخدام الإلكتروني لتقديم طلبات عقود الزواج في المحاكم الاتحادية 100% وبلغت نسبة عقود الزواج المنجزة إلكترونياً 99%.

وأطلقت الوزارة كذلك منصة إلكترونية تفاعلية للاستشارات القانونية، تجمع بين المحامين على مختلف درجات التقاضي، والمتعاملين في جميع أنحاء الدولة؛ إذ تمكن الأفراد من التواصل مع مكاتب المحاماة عن بُعْد، من دون الحاجة إلى زيارة مكاتبهم، فيما أتاحت مبادرة المرافعة الرقمية الافتراضية التي أطلقتها الوزارة لأطراف الدعوى، إبداء أقوالهم وطلباتهم أمام المحاكم بطريقة رقمية، في إطار تحقيق مستهدفات استراتيجية الإمارات للخدمات الحكومية.

ولسرعة الفصل في قضايا الجنح الخفيفة وافق المجلس الأعلى للقضاء الاتحادي على إنشاء محاكم اتحادية جديدة بكل دور قضاء تحت مسمّى «محكمة جنح اليوم الواحد» وتختص هذه المحاكم بالفصل في أكثر من (50) جنحة متنوعة.

تمكين المرأة

إيماناً بجهد الإماراتية وكفاءتها وقدرتها على الإنجاز في كل القطاعات، عُينت أول قاضية إماراتية في الدولة بموجب مرسوم أميري أصدره صاحب السموّ الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة، حفظه الله، عام 2008، لتتولى خلود الظاهري أول إماراتية منصب قاضية بمحكمة الاستئناف.

وسبق ذلك إصدار سموّه، مرسوماً في نهاية عام 2007 بتعيين عالية الكعبي، وعاتقة الكثيري، أول وكيلتي نيابة للعمل بدائرة القضاء في أبوظبي، كما عيّنت كثير من بنات الإمارات في قطاع القضاء، تأكيداً لاهتمام القيادة الرشيدة بإشراك العنصر النسائي في العمل القضائي وإحداث تكامل بين الجنسين في القطاع.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"