العربية.. أنماط غير مستثمرة

00:23 صباحا
قراءة دقيقتين

تناولت قمة اللغة العربية الدولية 2021 التي انطلقت تحت شعار «حوار المجتمعات وتواصل الحضارات» قضايا لغة الضاد ببعديها العربي والدولي، كما قدمت تجارب مختلفة في محاور عدة شملت التشريع والتطبيق والمستقبل، فما الذي عكسته هذه المنصة حول واقع حال اللغة العربية ومستقبلها؟
السياسات الوطنية للغة العربية هي أحد المحاور التي طرحت للنقاش بحضور المؤسسات العالمية والخليجية المعنية، ولا شك أنها أكثر من مجرد وثائق، حيث تحمل ثلاثة أبعاد هي: المعتقدات، الممارسات والإدارة، والتي تستند إلى استراتيجيات التخطيط اللغوي المتبعة في جانب، وسلوك المجتمع تجاه اللغة وطريقة استخدامها من جانب آخر، وكذلك مدى تأثير السياسات غير الرسمية - العرف العام - الذي يمثله التضامن الجمعي في المجتمع حول مجالات وأشكال الاستخدام اللغوي.
ويثير ذلك تساؤلاً حول طرق تجسير الهوة بين الرسمي وغير الرسمي، وكذلك بين القطري والإقليمي والإسلامي، بما يخدم نمو اللغة العربية وتوسعها لتصبح لغة الاقتصاد والعلم والرقمنة في هذا العصر.
التعليم هو محور آخر في هذه العملية، ورغم ما تشير إليه التقارير من ارتفاع ملحوظ في نسب تعلم وتعليم اللغة العربية حول العالم، إلا أن السؤال يبقى هنا حول طبيعة المواد التي يتم تدريسها بهذه اللغة في مدارسنا، وطريقة تعامل الدول مع تحدي انسحاب العربية من مختبراتنا العلمية، وصفحات المواد التعليمية مثل الرياضيات والعلوم، وهي ركن أساس في تأسيس القطاعات الصناعية والمالية والتكنولوجية.
ضعف المحتوي العربي هو شوكة في خاصرة هذه الرقعة من العالم، والتي تسعى لأن تكون بوابة للمستقبل وخاصة عند الأجيال الشابة. تستقر اللغة العربية من حيث صناعة المحتوى الرقمي على الشبكة في مستوى متدن جداً، وتسبقها لغات عالمية أخرى مثل الألمانية والفرنسية والصينية، والتي يفصل بينها وبين اللغة المتسيدة أكثر من 60 نقطة، ما يعكس أن هذه المشكلة لا تخص العربية وحسب بل تشترك فيها الكثير من اللغات. المشكلة الرئيسية أننا لا نصمم بنى تحتية لصناعة المحتوى الرقمي في هذه الشبكة بما يكفي، الأمر الذي يتجاوز الجهود المؤسسية والفردية، ويحتاج إلى شراكة أقوى تجمع كل الدول العربية والإسلامية التي تعتمد هذه اللغة كهوية دينية بالدرجة الأولى.
لا يمكننا تجاهل أنماط الاستخدام اللغوي عند الأجيال الجديدة في هذا النقاش، وهي التي يصرفها عن الاتصال باللغة الأم، الأسهل والأسرع والأكثر مرونة مع العالم الرقمي الجديد، والذي توفره اللغة الهجينة أو الأجنبية على الشاشات. الأمر يتطلب إعادة نظر في الكثير من السياسات التي تتداخل مع القطاعات التعليمية والعلمية والاقتصادية، فلا يكفي أن نتغنى بملايين الكلمات التي يضمها المعجم، ولكن أن نتمكن من استثمارها في حياتنا المعاصرة.

[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"