تبنّي المسرّعات الحكومية

00:11 صباحا
قراءة دقيقتين

«كورونا» أيقظ العالم من غفلته؛ وعالم ما بعد «كورونا» سيكون مختلفاً، وحكومات العالم أمام مهمة صعبة، تتمثل في إصلاح المنظومة الصحية بشكل متكامل، استعداداً لأزمات صحية مستقبلية، والعمل على التعاون الدولي؛ بحيث تكون القرارات الصحية المحلية مبنية على معايير دولية وعلمية، للنهوض بالأنظمة الصحية. 
وبحسب تقرير منظمة الصحة العالمية، والبنك الدولي، عن التغطية الصحية الشاملة، فإن الجائحة دفعت ما يزيد على نصف مليار إلى الفقر، لاضطرارهم إلى دفع الأموال، مقابل حصولهم على الخدمات الصحية على حسابهم، وعدم قدرتهم على دفع الكلف الصحية. وتراجعت تغطية التحصينات، وتضاعفت أعداد الوَفَيَات نتيجة السل والملاريا، وزادت الأزمة الاقتصادية التي صعّبت قدرة البشر على دفع كلف الخدمة الصحية، وهذا يعكس المشكلات الكبيرة في المنظومة الصحية، وتحديداً التأمينات الصحية. 
وتلك الحقيقة التي كشفتها البيانات العالمية، تفرض على حكومات العالم ابتكار حلول واقعية والاستثمار الصحيح في الأنظمة الصحية لتحقيق العدالة، ودعم الدول النامية التي لا توجد فيها أنظمة صحية قائمة على معايير دولية، وحصول الجميع على الرعاية الشاملة بحلول 2030، لتحقيق أهداف التنمية المستدامة. 
والعدالة كانت غائبة عند توزيع اللقاحات في العالم، وكلمة الأمين العام للأمم المتحدة بهذا الشأن، اختصرت أثر ذلك «لن يتسنّى وضع حد لهذه الجائحة في أي بلد، إلا بوضع حد لوجودها في جميع البلدان». فثمة بلدان فقيرة لم يحصل سكانها على اللقاح، ولم تحقق النسبة المعقولة من المناعة الجماعية، وهذا يسهم في انتشار الفيروس بدولهم، ونشره في العالم، وقد يفرض الأمر قيوداً من جديد فيما يخص السفر والحجر الصحي؛ فالعدالة في توزيع اللقاحات تسرّع التعافي التام، وتقلّل أعداد الإصابات والوفيات. 
الصحة حق للجميع، وتوفير التأمين الصحي للمواطنين في كل الدول أيضاً حق، وعلى الحكومات العمل على توفيره، بابتكار أنظمة صحية تكفل توفير الرعاية الصحية المتكاملة لكل فرد وقادرة على إدارة الأزمات الصحية المستقبلية، ومضاعفة الميزانيات المقدّرة للصحة. 
والأهم من ذلك، تعزيز مشاركة القطاع الخاص في تحسين النظام الصحي، واستثمار التكنولوجيا المتطورة لتعزيز المنظومة الصحية، وتسهيل فرص حصول الجميع على التغطية الصحية الشاملة، وخلق منصة للبيانات للإفصاح عنها بكل شفافية، لأن المعلومات الدقيقة والبيانات الصحيحة هي الحلقة الأساسية لتمكين صنّاع القرار من اتخاذ القرارات السليمة. 
والتعاون الأخير بين دولة الإمارات ومنظمة الصحة العالمية، يعكس حجم الجهود التي تبذلها الدولة، بتصميم منظومة صحية شاملة، وتقديم تجاربها الناجحة للعالم، عبر تبنّي المنظمة نموذج المسرّعات الحكومية الإماراتي، وتلك المشاركة ستدعم الجهود الدولية التي تعمل على تسريع تحقيق أهداف التنمية المستدامة، والنهوض بالقطاع الصحي في دول العالم، بتفعيل الحلول التي تمكن الصحة العالمية من دعم الدول النامية، وهذا يعزز التعاون الدولي، لخلق مجتمعات أكثر استدامة.

[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"