بزوغ فجر الإدارة النظيفة والمعرفة المتجددة

21:04 مساء
قراءة دقيقتين

د. راسل قاسم

اكتسح مؤخراً اللون الأخضر كممثل لقضايا البيئة،جداول القمم العالمية، وتمركز بين أوراق الدراسات الاقتصادية الدولية. كذلك أضحى يزيّن عموم إفصاحات الشركات وتقارير المسؤولية المجتمعية.

نتج عن هذه النزعة العديد من المبادرات في مجالات مختلفة؛ فأصبح الحديث عن الطاقة المتجددة التي لا تنضب، والتي تبرق بالنظافة وخفة الأثر على البيئة من الغابات إلى المحيطات وصولاً إلى طبقة الأوزون.

لا جدل أن صيانة موارد هذا الكوكب هي أمر ملّح، والحفاظ على بيئة صحية مستدامة للأجيال القادمة هو أمر واجب. كذلك فإن تقليل الآثار السلبية للممارسات الإدارية هو أمر مهم في عالم الأعمال، والبحث عن مصادر متجددة للمهارات والمعارف هو أمر لازم في دنيا الاقتصاد.

إن الحاجة إلى الانتقال إلى عصر الإدارة النظيفة والمعرفة المتجددة، واضحة جلية، فيمكننا من دون جهد يُذكر أن نلمس ما نعيشه من هدر إداري واستنزاف فكري في غير موضعه، فندرّس الكفاءة ونحن أحوج لها، وننادي بالاستدامة لنجد أن نداءنا غير مستدام.

كما يقوم البنيان على أعمدة، فإن هذه الدعوة لا بد لها أن تقوم على ركائز، وأمتن ما أجده هو الركائز الآتية:

ضرورة أن نخرج من القمقم الإداري الذي نعيش فيه والذي يقول إن كل عمل متميز هو عمل مكلف، وكل إنجاز ضخم يستلزم ميزانية ضخمة، وأن نغوص عوضاً عن ذلك في بحر الابتكار، حيث الصيد وفير والطُعم مجاني.

الحاجة إلى الانتقال من سلوك تجميع المعرفة إلى انتقاء المعلومات والحصول عليها عند الطلب، ثبت من خلال مطرقة التجربة وسندان الواقع أن حشد المعلومات وحشو المعارف لا يأتي بالفائدة المرجوة، فما كان شفاءً في السابق، أصبح ممرضاً اليوم في عصر الانفجار المعرفي.

التوقف عن النظر إلى التكنولوجيا كأداة يجب أن نستخدمها، أو وسيلة علينا الاستفادة منها، والسير في منحى آخر لا يتعامل مع التقنية كشيء منفصل عن الاقتصاد والإدارة، بل قبول فكرة أنها مكوّن مهني عضوي، واستخدامها ليس واجباً ولا خياراً وإنما مسلّمة.

الاستعداد الذهني لما هو قادم من إذابة للحدود بين الوظيفة والعمل الحر والبطالة، فظهور نماذج العمل الهجينة، وتزايد الحركة باتجاه العمل المستقل، وبدء نضوج أفكار اجتماعية كالرواتب الشهرية للجميع، تعمل عملها في خلط أوراق سوق العمل وإعادة ضبط محركات الاقتصاد.

لزوم بذل المزيد من الجهد للتعامل مع المشاكل النفسية الناتجة عن التطوّر السريع في كيفية أداء الأعمال وطرق التواصل في المجال المهني، والتي أصبحت تأخذ توصيفات وتقسيمات مختلفة كالفومو المهني وغيره من عناوين الفوبيا الإدارية.

وجوب ممارسة ضبط النفس أثناء الوقوف على النتائج وإدارة الأداء، وذلك بمقاومة الرغبة في قياس كل شيء، وعدم المبالغة في الاعتماد على المؤشرات والمقاييس، ومنح بعض المساحة للنجاح الذي لا يمكن قياسه، أو كما تم توصيفه أكاديمياً بمعامل الكفاءة المجهولة.

لا يمكن لنا اليوم ونحن قد تجاوزنا الخمس الأول من القرن الواحد والعشرين أن نجلس ونقول؛ أن البيئة والاقتصاد متنافران، والغذاء والإدارة متناقضان، والمناخ والاستدامة متفاوتان. لربّما يقارب الصواب أكثر أن نقف ونصيح؛ تنمية شاملة وعمل مشترك.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"