بعد التأثير الكبير الذي أحدثته قصة مدرب الخيول حسن بوشقور مع حصانه «بييو»، لم يستطع المصور جيريمي ليمبين، إلا أن يأخذ نفساً عميقاً ويرافق ذلك «الحصان الطبيب»، الذي غدا واحداً من الكوادر الطبية في مستشفى كاليه، بفرنسا، ويرصد روعة التفاعل الإيجابي بين الإنسان والحيوان، على أسرَّة المرض؛ بل وحتى بعد مغادرتهم الحياة.
و عرض ليمبين في المهرجان مجموعة صوره التي تحكي قصة الحصان الذي اختار أن ينضم إلى جنود «العمل الإنساني»؛ بحيث يبث الفرح والراحة في قلوب مرضى السرطان، الذين يعانون تبعات نفسيّة؛ بسبب العلاجات الكيميائيّة التي يتلقونها.
لا يشبه الحصان بييو الخيول الأخرى؛ إذ يتمتع بشخصية قويّة وصعبة للغاية، وقد لاحظ المدرب حسن بوشقور أن حصانه يقترب أحياناً من الحضور بعد أداء عرضه، فيتعامل معهم بلطف، كأنه يحاول حمايتهم.
لاحظ حسن أن «بييو» يختار نوعاً خاصاً من الناس، وهم الذين يعانون مشاكل نفسية أو جسدية، وبعد أربع سنوات من عرض حالته على الأطباء البيطريين ومجموعة من المتخصصين الطبيين، والدراسات المكثفة استنتجوا أن دماغ «بييو» يعمل بأسلوب فريد.
وقرر حسن أن يأخذ الحصان إلى قسم الرعاية النفسية في مستشفى كاليه، بعد أن نظفه واعتنى به، ليكون واحداً من الكوادر التي تخفف آلام المرضى؛ حيث يظهر في واحدة من الصور المؤثرة، وهو يلاطف تلك الأم التي أخذ منها السرطان كامل عافيتها، وهي في مراحل متقدمة من المرض، تعانق طفلها وهو في سنواته السبع، ويقرّب «الطبيب بييو» رأسه منهما، يواسيهما في أدق اللحظات الحرجة. في مشاهد أخرى، يرصد المصور جلسات علاجية خاضها الجواد مع دانيال، أحد المرضى الذين يتلقون علاجهم في المستشفى، وهو يعانقه وينسى آلامه بقربه، حتى لحظات الفراق نرى «الطبيب بييو» يسير بين المشيعين، عندما انتقل دانيال إلى مثواه الأخير.
ولكي تصل رسالة «الطبيب بييو» على أكمل وجه، ويؤدي مهمته بكل إخلاص، لم يجد لمواساة تلك المريضة التي خرجت للتو من الجراحة، إلا أن يمر أمام سريرها وقد اعتلى طفلها إسحاق، ابن التسعة أعوام، على ظهره، وهو فخور أمام والدته بتعريفها إلى صديقه الجديد، بييو، كانت لحظة لا تنسى، فعلى الرغم من آلامها، كما يقول زوجها توماس، فإن هذه البادرة أنستها الأوجاع، وارتسمت بسمة عريضة على وجهها.
