اضبطوا ساعاتكم!

00:20 صباحا
قراءة دقيقتين
كلمة الخليج

اضبطوا ساعاتكم على توقيت وكالة الاستخبارات الأمريكية: في وقت ما من صباح غدٍ (الأربعاء) ستقوم القوات الروسية بغزو أوكرانيا. لكن روسيا لن تقوم بهذا الغزو، إلا إذا كانت الولايات المتحدة تعد شيئاً ما لقدح شرارة الحرب كما هي عادتها.

 الرئيس جو بايدن حدد أيضاً هذا الموعد في مؤتمر عبر الفيديو مع زعماء دول غربية والاتحاد الأوروبي و«الناتو» قبل يومين، لكن لا أحد اقتنع بما قاله الرئيس الأمريكي، حتى أن الرئيس الأوكراني المعني مباشرة بالأزمة طالب بتقديم أدلة على الغزو المزعوم.

 الحقيقة أن التاريخ القريب والبعيد يروي لنا كيف أن الولايات المتحدة اختلقت الذرائع والأكاذيب لتبرير حروبها.

 كلنا ما زال يذكر يوم الخامس من فبراير (شباط) 2003، عندما وقف يومها وزير الخارجية الأمريكي آنذاك كولن باول يعرض أمام المجلس صوراً ووثائق وخرائط مزيفة عن حيازة العراق أسلحة دمار شامل لتبرير غزو العراق واحتلاله، رغم أن تقارير المفتشين الدوليين أكدت خلو العراق من هذا النوع من الأسلحة،كما أن معظم دول العالم باستثناء بريطانيا عارضت الحرب، ومع ذلك أصرت الولايات المتحدة على الغزو الذي أودى بحياة الملايين من العراقيين، وأدى إلى ما أدى إليه من دمار سياسي واجتماعي وإرهاب، ما زال يعيش العراق في أتونه.

 بعد انتهاء الحرب الكارثية بالشكل الذي جرت فيه وثبوت عدم امتلاك العراق لأي نوع من أسلحة الدمار الشامل، اعترف باول في حديث لشبكة «سي إن إن»: «أن ما جرى كان وصمة عار في مسيرتي السياسية»، وقال: «هناك أناس في الاستخبارات كانوا يعرفون أن مصادر المعلومات ليست موثوقة، لكنهم لم يقولوا شيئاً.. لقد دمرني ذلك».

 هذه واحدة من عمليات الكذب والتضليل، أما الثانية فكانت في الثاني من أغسطس (آب) 1964 لتبرير دخول الولايات المتحدة حرب فيتنام، عندما ادعت واشنطن بأن المدمرة «يو إس إس مادوكس» التي كانت متمركزة في خليج تونكين قبالة سواحل فيتنام تعرضت لهجوم من جانب قوارب طوربيد فيتنامية وهو أمر غير صحيح بالمطلق.

 الكذبة الثالثة حدثت عام 1898، عندما تذرعت الولايات المتحدة بانفجار لم تعرف أسبابه وقع في البارجة «مين» التي كانت راسية في ميناء هافانا، لدخول الحرب ضد إسبانيا واحتلال جزر الكاريبي للسيطرة على مواردها الطبيعية.

 كان باول في مجلس الأمن يهيئ مسرح العمليات العسكرية الأمريكية في العراق. هو في الحقيقة لم يخطئ، بل كان يردد أكاذيب أمليت عليه من جانب جهاز مخابرات إدارة محافظة قررت الحرب مهما كانت المبررات. في جلسة مجلس الأمن تلك، خاطب باول أعضاء المجلس بالقول: «زملائي كل بيان أدلي به مدعوم بمصادر، ومصادر راسخة، هذه ليست مجرد دوافع، ما نقدمه هو حقائق واستنتاجات تستند إلى عمليات استخبارية قوية».

 الحقيقة أن كل ما عرضه كان مجموعة أكاذيب عن مصادر تمتهن التضليل.. بانتظار الغد.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

كلمة الخليج

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"