عادي
«سوني بلايستيشن» تحوّل اللعبة إلى فيلم

«أنشارتد».. مغامرات بلا روح

22:44 مساء
قراءة 4 دقائق

مارلين سلوم

هناك أفلام تحرق أبطالها، ظاهرياً تبدو مميزة ويُقبل عليها الجمهور حباً بفريق عملها ونجومها، وبما يتوقعه منها، خصوصاً إذا كانت من نوعية أفلام «الأكشن» والمغامرات التي تجمع بين أفلام «إنديانا جونز»، و«سبايدرمان»، و«قراصنة الكاريبي»، لكنها فعلياً فارغة، مكررة، لا تملك أي جديد تقدمه، تماماً مثل فيلم «أنشارتد» المعروض في الصالات، ويعتبر أول إنتاج روائي لشركة «سوني بلايستيشن»، وأسوأ اختيار لبطله المحبوب توم هولاند، بعد النجاح الكبير الذي حققه في «الرجل العنكبوت».

يحتمل اسم الفيلم «أنشارتد» ترجمته إلى أكثر من اسم ومعنى، فهو يعني «مجهول»، كما يعني وفق الأحداث «الخريطة المفقودة»، أو «الكنز المفقود»، وفي كل الأحوال هو يستند إلى قصة تبدو لك مفبركة ومصطنعة، أرادوا لها أن تحمل طابع وروح الأفلام التي ذكرناها سابقاً، لا سيما «إنديانا جونز» و«قراصنة الكاريبي»، فجاءت بلا روح ولا طعم، ترتكز على سلسلة سرقات ومغامرات كل الهدف من ورائها الوصول إلى ذهب موجود في جزيرة في الفلبين، ولا بد أن يمر الباحثون عن الذهب بمخاطر عدة ومواجهة الأعداء والطامعين، ولا بد من تكثيف مشاهد «الأكشن»، براً وبحراً وجواً.

لا ينجح دائماً تحويل لعبة إلكترونية «بلاي ستيشن» إلى فيلم سينمائي، وهو ما حصل مع «أنشارتد». المخرج روبن فلايشر حاول تقديم عمل مميز باتباع نمط كل أفلام «الأكشن»، خصوصاً من نوعية «المهمة المستحيلة» و«جيمس بوند»، ولولا «الفراغ القاتل» في الكتابة الذي يشعرك طوال مدة عرض الفيلم (ساعة و56 دقيقة) بأنك أخطأت في قرار مشاهدته، كما أخطأ أبطاله توم هولاند ومارك والبيرج وأنطونيو بانديراس بقرار المشاركة فيه، لربما تمكن فلايشر من النجاح في مهمته المستحيلة هذه.

افتعال

الفيلم بلا روح، كل من تراه على الشاشة يجتهد ويحاول بوضوح تقديم أفضل ما لديه، لكن ما الفائدة إذا كانت القصة أساساً بلا روح، أحداثها مفتعلة ومفككة، قصة وسيناريو راف جودكينز وآرت ماركوم ومات هولواي. تبدأ الأحداث قبل عشرة أعوام، حيث نرى طفلين يعيشان في دار للأيتام، يحاول الأخ الأكبر سام سرقة خريطة تاريخية تعود لرحلة ماجلان التي سلكها بحثاً عن كنز من الذهب، بينما الأخ الأصغر ناثان دريك (ينادونه نايت ويؤديه لاحقاً توم هولاند) يملك ذاكرة قوية وذكاء خارقاً، يحفظ التاريخ ويستطيع فك الألغاز، كما يتمتع بوسامة وخفة ظل مصحوبة بخفة يد تمكنه من سرقة الأشياء الثمينة من دون أن يلاحظه أو يكتشف أمره أحد. يفترق الشقيقان، ويبقى نايت في دار الأيتام إلى أن يصبح شاباً، ويقرر البحث عن شقيقه الذي يجهل مكانه، خصوصاً بعد أن أرسل له مجموعة بطاقات سياحية تذكارية من إسبانيا، كتب فيها بعض المعلومات غير الكافية.

وأثناء عمله كنادل في حانة، يسرق نايت إحدى الزبائن بخفته المعهودة، لكنه لا ينتبه هذه المرة أن هناك زبوناً قام بسرقته هو شخصياً وبالخفة نفسها؛ هذا الشخص هو فيكتور سوليفان، وينادونه سولي (مارك والبيرج)، وقد أتى بهدف لقاء نايت ليكمل معه رحلة البحث عن الذهب والتي كان بدأها مع سام. يصعب على نايت تصديق رواية سولي إلى أن تأكد من معرفته بشقيقه، فيوافق على مرافقة سولي شرط أن يوصله في النهاية إلى سام. ويتمكن الرجلان من سرقة مذكرات المستكشف الشهير، خوان سيباستيان إلكانو، والتي سترشدهما إلى مكان الكنز، لكن الأمور لا تسير بسلاسة، وبلا تعقيدات، إذ لا بد أن يدخل على الخط فريق آخر يسعى خلف الهدف نفسه، ويبدأ الصراع مبكراً بين الثري الإسباني سانتياجو مونكادا، (أنطونيو بانديراس)، وريث عائلة مونكادا التي موّلت رحلة ماجلان الاستكشافية، لذلك يعتبر نفسه الأحق باستكمال الرحلة والوصول إلى الذهب، ويدفع في سبيل ذلك الكثير من الأموال والأرواح، ويستقدم مجموعة من الرجال الأقوياء تقودهم امرأة مقاتلة شرسة، جو برادوك، (تاتي جابرييل). وطبيعي أن يصبح مونكادا هو الخصم والعدو، وأن تشب معركة بين نايت وسولي من جهة، ومونكادا وبرايك من جهة ثانية، وتدخل على الخط أيضاً في برشلونة امرأة لا تقل شراسة عن جو، وهي كلوي فرايزر (صوفيا علي)، زميلة سولي، وتعرف جيداً سام شقيق نايت.

تشويق

بين إسبانيا والفلبين سباق شرس يخوضه الباحثون عن الذهب، (تم تصوير الفيلم فعلياً في إسبانيا وألمانيا)، والمشاهد الأكثر تشويقاً هي تلك التي صورها توم هولاند وصوفيا علي، وإذا كان الفيلم لا يقدم لهولاند الفرصة الحقيقية والمثالية لإبراز قدراته، خصوصاً أنه انتهى من تصويره مباشرة قبل البدء بتصوير فيلمه الناجح «الرجل العنكبوت: لا طريق إلى المنزل» (2021)، فإنه على العكس يقدم صوفيا علي (أمريكية من أصول باكستانية)، كبطلة مميزة وتتمكن من تحمّل مسؤولية أدوار بطولية أولى في أفلام «أكشن» أقوى. توم هولاند يملك قدرات عالية لم يتم استغلالها كلها ولا بد من انتقاله إلى مرحلة مختلفة من الأدوار يبتعد فيها عن مغامرات الرجل العنكبوت أو الأكشن الذي يدور في فلك البطولات الخارقة.

وفي المقابل، يبدو النجم مارك والبيرج مرتاحاً جداً كأنه يتسلى ولا يبذل الكثير من الطاقة لتقديم دور سولي الخفيف الظريف، علماً بأن هذا العمل «مجهول» مر بمراحل عدة منذ سنوات يقال إنها تعود لعام 2008 حيث كانت البداية الأولى للمشروع، وجرى تداول أسماء وتبدلت شخصيات قبل أن يصل إلى مرحلة التنفيذ والظهور على الشاشة حديثاً، ومن بين الأسماء المعروفة، كان من المفترض أن يشارك في إنتاجه مارك والبيرج، والنجم روبرت دي نيرو، وجو بيسكي، ويتولى الإخراج دايفيد أو.راسل، لكن المجموعة انسحبت، وانتقل والبيرج من مقعد المنتج إلى الممثل، وتغير المخرج أكثر من مرة حتى وصل إلى فلايشر.

أنطونيو بانديراس مظلوم في هذا العمل، يبدو كضيف شرف يمر سريعاً وتشعر بأنه يختفي قبل الأوان والدور يقيده بأداء لا مجال فيه للإبداع والتألق.

لا يمكننا القول إن «أنتشارتد» سيئ، ولا يمكننا القول إنه جيد، أو إنك ستخسر شيئاً إن لم تشاهده، خصوصاً أنك لا تنتظر طوال الوقت حدوث مفاجآت غير سارة، بل تتأكد أن حدسك لن يخيب، والنهاية ستكون بالشكل الذي رسمته في خيالك منذ منتصف الفيلم. أداء الممثلين يرفع من مستوى الفيلم، والإخراج يجتهد في محاولة إبهارنا بتقنيات ومشاهد جيدة، بينما تبدو مشاهد أخرى «طفولية» وساذجة في هذا الزمن المتقدم جداً في الأبعاد الثلاثية والرباعية والإبهار السينمائي.

[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"