أبعاد الاختصار في التقدم العلمي

00:19 صباحا
قراءة دقيقتين

هل بدا لك العنوان مثيراً غريباً؟ علماء الأحياء إذا أضحكهم العنوان، لكون الكائنات البيولوجية الدقيقة فيها أشكال اختصار أعجب، فإن الفيزيائيين سيقهقهون، لأن العقل لا يستطيع تصوّر اختصار أشد من مادة الكون كله، في اللحظة الصفر عند الانفجار العظيم.
الطبيعة أستاذة الاختصار والاقتصاد. لن تجد شكلاً هندسياً يختصر المساحة كالسداسي في خلية النحل. لا تحاول، فمحال. لكن ذلك يسيراً، قياساً على خلية تحمل كل مميّزات آدمي بذاته وصفاته. صلة الوصل بقفزات الاختصار العملاقة في التقدم العلمي، هي أن الدماغ البشري جزء لا يتجزأ من تصميم الخلق الكوني. لهذا هو محكوم بآليات الفيزياء الكونية، منجذب إليها، يصوّر سلوكها من حيث يدري ولا يدري. سيضرب القلم مثالين، لكليهما أبعاده ومراميه.
الأوّل: الدماغ البشري سائر إلى تحويل حياته إلى آفاق كونية لا حدود لها. من آخر صيحات قفزات الاختصار المدهشة، أن حاسوب الكوانتوم لدى جوجل، استطاع في مئتي ثانية (ثلاث دقائق)، أن يحل مشكلة، يحتاج حلها بوساطة أكبر حاسوب عملاق عادي، غير كمومي، إلى عشرة آلاف سنة. الأرقام بليغة، فهذا يعني أن الحاسوب الكمي، سيحل في ساعة ما يحتاج العملاق التقليدي إلى مئتي ألف سنة لحله. وفي خمس ساعات، ما يقضي العادي مليون سنة في حله. الغاية من هذه الإثارة الذهنية، هي ضرورة القفز زمنياً لإلقاء نظرة استكشافية على التحوّلات العلمية والتقانية، وانعكاساتها على التنمية المستقبلية. قد تبدو هذه الطفرات ذات طابع نظري اختباري، لكنها ستكون في الغد القريب في صلب الآليات الإنتاجية الاقتصادية، وذات أثر مباشر في حياة الإنسانية.
المثال الآخر: أعجوبة بيولوجية في علم النبات. التطور الذي حدث في عالم النبات عبر مليارات السنين، تجاوزه العلماء في المخابر، من خلال فتح آفاق جديدة تماماً، في مستوى التمثيل الضوئي، ما صار يسمى: التمثيل الضوئي الفائق، وهو تغيير أو تعديل في الجينات، ما يسفر عن أنواع عملاقة من النباتات، الأشجار، يجري فيها التمثيل الضوئي بدفق مضاعف أضعافاً. كيف ستكون البيئة؟ كيف سيكون الغذاء؟ المعرفة ستكون على قدر استعداد المناهج ومراكز البحث.
لزوم ما يلزم: النتيجة التربوية: التربية يجب أن تكون استشرافية استباقية. أي أن تكون المناهج قائمة على تكوين أداء الدماغ ليكون باحثاً علمياً استكشافياً، لا مخزن معلومات، عقلاً لا خزاناً.
[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"