إِنَّ الْجَنَّةَ تَحْتَ رِجْلَيْهَا

01:36 صباحا
قراءة دقيقتين

أمك ثم أمك ثم أمك، لم يقلها سيد البشرية، سيدنا محمد، صلى الله عليه وآله وسلم جزافاً، قالها بوعي المنطق والقيمة والحقيقة، قالها وهو العارف الذي لا ينطق عن الهوى، وقوله حق، فالأم ليست مجرد كلمة، بل هي عمق الخصوصية التي تشكل كيان كل فرد منّا، من ذكر أو أنثى، تشكل حضوره ووجدانه، ترسم معالم يومه وغده ومستقبله، هي التي تصنع الشخصية التي يتمتع كل واحد منّا بها، تغذيه بالقيم والمبادئ والعادات والتقاليد، نشب على يديها، وفي حضنها، نتنفس من صدرها، فلا عجب أن يقول عنها القائد الفرنسي نابليون بونابرت: «الأم التي تهز السرير بيمينها، تهز العالم بيسارها»، فهي صانعة النشأة والتكوين في حياة أبنائها، فإن صلحت صلحوا، ويدها كما قيل حلوة ولو ضربت.
يصادف اليوم 21 مارس يوم عيد الأم، يوم بكل أيام السنة والعمر كله، يوم نحتفي فيه بشخصية الأم سر كينونتنا، وشخصياتنا، هي صنو الوطن الذي يسكن وجداننا ونحبه ونعشقه، الأم شجرة الوطن الباسقة التي تنشر ظلالها لنستريح في فيئه، ونتعطر برائحتها التي لا تضاهيها كل عطور الدنيا، هي العين التي نرى بها الكون، فكل فعل نفعله له جذر من أم، رعت، وربت، وغرست، وتعبت، وسهرت، لتكون من أنت، إنها الضحكة الصافية التي لا تمل، هي الحضن الذي يمكن أن تضع رأسك عليه دون خوف أو وجل وتنام قرير العين، هي القيمة الحقيقية للمحبة، هي سيدة الفضل الأولى التي قال المصطفى، صلى الله عليه وآله وسلم، حينما جاءه أحد الصحابة يستشيره طالباً المشاركة في الغزو، فقال له: هل لك من أم؟ فقال: نعم، فقال له: «فَالْزَمْهَا فَإِنَّ الْجَنَّةَ تَحْتَ رِجْلَيْهَا».
الأمومة أعظم هبة خص الله بها المرأة، وبهذا فالزوجة أم، والأخت أم، والابنة أم، المرأة هي الأم في كل حالاتها، هي الغنية وإن كانت فقيرة، الجميلة كل الجمال، الوطن الصغير الذي نحبه ويسكن وجدان كل واحد منّا، هي المدرسة الأولى، والابتسامة التي لا تكذب، وصانعة الأمم دون انتظار لجزاء أو معروف.
تسابقوا إلى كل أمهاتكم، قبلوا أيديهن وأرجلهن، تضوعوا بعطرهن، شنفوا أسماعكم بصوتهن، انظروا في عيونهن، لتتمكنوا من الرؤية بشكل سليم، احتفوا بهن، ليس فقط في هذا اليوم، بل في كل يوم، كما احتفت بكم طوال عمرها، أمنحوها البر والوفاء والعرفان والتقدير، قولاً وعملاً، ودون منةٍ.
«وجه أمي وجه أمتي» قول جميل لجبران خليل جبران، يعبر فيه عن دور الأم في صناعة وبناء الأمة والوطن.
احتفوا بكل الأمهات، فهن الوطن التي نؤوب إليه في كل أوقاتنا.
أمي غفر الله لك ورحمك وأسكنك فسيح جناته، طبت حية وطبت ميته.. وكل عام وأمهات العالم بخير.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"