كل الأيام للأم

01:43 صباحا
الصورة
صباح الخير

لن نسهب كثيراً في الحديث عن تاريخ بدء الاحتفال ب«يوم الأم»، فهو طويل ومتشعّب، لكن سنختصر بالقول إن المصريين أقدم الشعوب، بإقامة احتفال سنويّ لتكريم الإلهة إيزيس، التي كانت أكثر الإلهات قرباً منهم، لكونها رمزاً للأم والزوجة المثالية، وكانت راعية الطبيعة.
ثم تهيّأ الأمريكيون للاحتفال بهذه المناسبة عام 1872، للتّرويح عن النّاس من مآسي الحرب الأهليّة الأمريكيّة التي كانت قد وضعت أوزارها مُنذ بضع سنوات. حتى جاء عام 1914؛ حيث أعلن الرّئيس الأمريكيّ ويلسون، تحويل «يوم الأم» إلى عطلة وطنيّة رسميّة. وانتشر بعدها التّقليد ليصل مُعظم بلدان العالم.
أما في الشرق الأوسط، فكانت مصر، كذلك، أول دولة تحتفل ب«يوم الأم» في 21 مارس، وكان ذلك عام 1956.
ودول كثيرة، تحتفل بهذا اليوم، في تواريخ مختلفة؛ إنه بلا شك أمر طيّب أن يكون للأم هذا اليوم الخاص، لكن الطبيعي والأكثر منطقاً، أن يكون كل يوم للأم؛ فهي أول كلمة ينطقها المولود، حين يبدأ النطق، وهي البسمة التي تدخل البهجة والهناء في نفوس الأطفال، لأنها لا تكون إلّا صادقة عميقة، صادرة من قلب حانٍ نابضٍ بكل ما يمكن أن يعبّر عن الحب، وهي التي لا تتمكّن من الراحة أو الهدوء إلّا إذا اطمأنّت أن أطفالها هانئون مطمئنون، لا يشكون تعباً أو مرضاً.. ولو حدث شيء من هذا، فستكون هي البلسم الشافي والترياق الصافي. 
لم يغالِ من سمّاها نبع الحنان، ورمز العطاء، وواحة الأمان، فولدها إذا خاف لجأ إليها، وإذا فرح تكون أول المبشّرين، وإذا ألمّت به حاجة، فهي الملبّي والمعين. ولا تملّ ولا تكلّ في هذه التلبية وتلك الإعانة؛ بل إن رغبة تحققها لأبنائها، تشعرها بأنها ملكت كل شيء.
فهل نوفّيها حقّها من ردّ جزء من جمائلها، بتخصيص يوم في السنة للاحتفال بها؟ كلّا، فكل الأيام لها، ومهما فعل الأبناء، فلن يحققوا جزءاً من تكريم هذه التي تتحمّل وهن وعناء الحمل تسعة أشهر، بحب ولهفة انتظار الوضع الذي لا أحد يمكنه تخيّله إلّا هي، ومع ذلك ما إن يهلّ مولودها، حتى تنسى كل الألم وكل العناء، وتأخذه بين ذراعيها بحنوّ لا مثيل له، لأنه قطعة منها..
وتبدأ رحلة كل لحظة منها ملأى بالحب والتعب والعناية، والأجمل والأرقى أن تكون مشاركة الأب حاضرة، بحسب الدور الذي يمكن أن يؤدّيه، فكلاهما معنيّ بهذا الطفل، حتى يدرج ثمّ يكبر. 
والأم العاملة ينوء كاهلها بالعمل، وتربية الأطفال، فهي على درجة كبيرة من المسؤولية، وكثير من الأمّهات العاملات ينجحن في أداء المهمّتين باقتدار. 
أمّهاتنا مدارسنا الأولى وملاذاتنا الآمنة.. وكل الأيام للأم.
ebnaldeera@gmail.com

عن الكاتب: