احتياطي البترول الأمريكي.. جسر الإمداد المؤقت

21:23 مساء
قراءة 4 دقائق

جون كيمب *
وعد الرئيس الأمريكي جو بايدن، بإطلاق ما معدله مليون برميل يومياً من الخام المتاح لاحتياط البترول للأشهر الستة المقبلة. جاء ذلك بعد التشاور مع أعضاء وكالة الطاقة الدولية الآخرين الذين اتفقوا قبل أكثر من أسبوع على إجراء جولة أخرى من الإفراجات الطارئة عن الاحتياطيات. ويتوقع بايدن أن يوافق الحلفاء في وكالة الطاقة الدولية على الإفراج عن 30 إلى 50 مليون برميل إضافية من الاحتياطيات الخاصة بهم.
وإضافة إلى اليابان، ستستغل المملكة المتحدة أيضاً مخزوناتها، في ثاني عملية إطلاق منسقة لمخزونات النفط في غضون أسابيع قليلة. فقبل شهر، وافق أعضاء الوكالة على استخدام 61.7 مليون برميل، منها 30 مليوناً من الولايات المتحدة، و2.2 مليون من المملكة المتحدة، وكان لها تأثير محدود على الأسعار آنذاك.
وقالت وكالة الطاقة الدولية، ومقرها باريس، إنها ستقدم مزيداً من التفاصيل لاحقاً حول نشر المخزون، وهو التدخل المنسق الخامس منذ تأسيسها في عام 1974. وأضافت في بيانها: «إن الأزمة العسكرية بين روسيا وأوكرانيا لا تزال تضغط بشدة على أسواق النفط العالمية، وبالتزامن مع أدنى مستوى للمخزونات التجارية منذ عام 2014، ووسط القدرة المحدودة لمنتجي النفط على توفير إمدادات إضافية على المدى القصير».
يهدف الطرح غير المسبوق ل 180 مليون برميل نفط من المخزون الاستراتيجي الأمريكي، إلى تقليل المخاوف بشأن العرض وكبح الضغط التصاعدي على الأسعار في أعقاب الأزمة الأوكرانية وفرض عقوبات على موسكو رداً على ذلك، وليكون أيضاً بمثابة جسر إمداد حتى نهاية العام عندما يتحسن الإنتاج المحلي، مع دعم العقود الآجلة طويلة الأمد وتشجيع المزيد من الحفر من خلال التعهد بإعادة شراء النفط لاحقاً. وذلك وفقاً لبيان البيت الأبيض. كما سيتم استخدام عائدات البيع لملء مخزون احتياطي البترول الاستراتيجي خلال السنوات المقبلة، ما يضمن بقاءه متاحاً للاستجابة لحالات الطوارئ المستقبلية.
في الأسابيع الأخيرة، تسابق المتداولون لكسب الوقت وشراء العقود الآجلة ذات تواريخ التسليم القريبة، وفي بعض الحالات بيع العقود ذات مدد التسليم الأطول. ونتيجة لذلك، ارتفعت أسعار العقود الآجلة شبه المؤرخة بشكل أسرع بكثير من تلك التي تنتهي في وقت لاحق في عامي 2022 و2023؛ حيث يتوقع التجار نقصاً مفاجئاً في صادرات النفط الخام وزيت الوقود الثقيل والديزل القادم من روسيا.
وارتفعت العقود الآجلة لخام برنت تسليم يونيو/حزيران 2022 بنحو 41 دولاراً للبرميل (54%) بحلول 25 مارس/آذار مقارنة بنهاية العام الماضي، في حين ارتفعت العقود الآجلة تسليم ديسمبر/كانون الأول 2023 بمقدار 19 دولاراً فقط (27%) خلال نفس الفترة.
بعد إعلان خطة البيت الأبيض بخصوص احتياطي البترول الاستراتيجي، تقلص الفارق السعري لخام برنت تسليم ستة أشهر إلى 9 دولارات، في أدنى مستوى منذ ما قبل الأزمة الأوكرانية أواخر فبراير، لكنه لا يزال مرتفعاً تاريخياً. وانخفض الفارق السعري بين العقود الآجلة لشهري يونيو ويوليو إلى النصف إلى أقل من دولارين للبرميل من ذروة تجاوزت 4 دولارات في أوائل الشهر الماضي.
يجب أن تخفف مبيعات الاحتياطي الأمريكي المُتعهّد بها من القلق الحاصب جرّاء النقص العيني للبترول، وتزيل بعضاً من شح السيولة الأخير في أسواق العقود الآجلة من خلال إنشاء طرف راغب بحكم الأمر الواقع للتجار الذين يراهنون على ارتفاع أسعار النفط.
قبل الإعلان الأخير هذا، أصدر الرئيس الأمريكي بالفعل أمراً بالإفراج عن 32 مليون برميل من النفط الخام من احتياطي البترول الاستراتيجي في نوفمبر/تشرين الثاني 2021، على أن يتم تعويضها بين عامي 2022 و2024. كما تم إطلاق 30 مليون برميل سابقاً استجابة للحرب في ليبيا، و11مليون برميل في أعقاب إعصار كاترينا، و17 مليون برميل إبان الغزو الأمريكي للعراق، مع أحجام أصغر في مناسبات أخرى. لكن الإصدار الحالي يُقزم الإصدارات السابقة ويشير إلى أن الغرض من الاحتياطي هو التغيير من تعويض النقص العيني للمادة إلى إدارة الأسعار أيضاً.
تم إنشاء احتياطي البترول الاستراتيجي في السبعينات من القرن الماضي، وكان الغرض الأساسي منه هو الحفاظ على الاستعداد العسكري وإدارة المخاطر الناجمة عن اضطرابات الإمدادات والنقص المادي. ولطالما احتفظت الحكومات بمخزون من المواد الغذائية والضروريات الأخرى لضمان الإمدادات لسكان المناطق الحضرية المعرضين للخطر، والقوات العسكرية، والاستجابة للمجاعات وغيرها من الاضطرابات الكارثية في الإمدادات، وإدارة الأسعار.
لقد تعهد البيت الأبيض بإعادة ملء الاحتياطي الاستراتيجي خلال السنوات المقبلة، عندما تكون الأسعار أقل مما هي عليه الآن ربما. وبافتراض الوفاء بالوعد، فإن الوقت المثالي لإعادة الملء سيكون خلال فترة الانكماش التالية في سوق النفط، عندما لا يتنافس احتياطي البترول الاستراتيجي مع المستهلكين على البراميل النادرة، ويمكن أن تساعد المشتريات على دعم الأسعار ودعم المنتجين المحليين. وفي حال ثبت ذلك، فسيصبح احتياطي البترول الاستراتيجي مديراً فعلياً لمخاطر الأسعار.
* محلل الأسواق في «رويترز»

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

محلل الأسواق في «رويترز»

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"