تدفقات الشحن العالمي

22:50 مساء
قراءة 4 دقائق

جون كيمب *
أظهرت تدفقات التجارة العالمية علامات تسارع في بداية عام 2024، وذلك بعد أن بدأت الاقتصادات الصناعية الكبرى في الخروج من الركود الذي ضرب أواخر عام 2022، وهو ما من شأنه أن يعزز الطلب على وقود النقل مثل الديزل.

يأتي ذلك في الوقت الذي تشوهت فيه مؤشرات النشاط على المدى القصير بسبب أنماط الطقس غير العادية في جميع أنحاء أمريكا الشمالية وأوروبا، حيث كان الطقس معتدلاً بشكل استثنائي في ديسمبر/ كانون الأول، تلته درجات حرارة أكثر طبيعية في يناير/ كانون الثاني.

ومع ذلك، تشير معظم المؤشرات بشكل عام إلى أن نشاط التصنيع والشحن بدأ يتسارع بشكل ملحوظ منذ بداية العام في حالات مختلفة، رغم أسعار الفائدة المرتفعة نسبياً.

ووصلت أحجام التجارة العالمية المعدلة موسمياً إلى أعلى مستوى لها منذ 10 شهور في يناير الفائت، بحسب البيانات التي جمعها المكتب الهولندي لتحليل السياسات الاقتصادية. كما ارتفعت الأحجام في يناير مقارنة بالعام السابق للمرة الأولى منذ مارس/ آذار 2023، وقبل ذلك في أكتوبر/ تشرين الأول 2022.

ونما الإنتاج الصناعي العالمي المعدل موسمياً في ديسمبر قبل أن يتراجع في يناير، ومن المرجح أن يكون ذلك بسبب الطقس وتوقيت العطل. لكن خلال الأشهر الثلاثة من نوفمبر إلى يناير، ارتفع الإنتاج بنسبة 1.7% مقارنة بالعام السابق، وهي أسرع زيادة منذ أكتوبر 2022.

إلى ذلك، أعلن مطار هيثرو بلندن أكثر الأعوام ازدحاماً للشحن الجوي منذ فترات ما قبل الجائحة. حيث كانت الشحنات الجوية التي تمت مناولتها في الشهرين الأولين من العام هي الأعلى منذ عام 2019، وبارتفاع نسبته 21% مقارنة بالعام الماضي.

كما أبلغ الميناء البحري الضخم في سنغافورة عن التعامل مع حجم قياسي من حاويات الشحن في بداية عام 2024. مع ارتفاع إجمالي شحن الحاويات بنسبة 18% في يناير وفبراير مقارنة بالعام السابق، وهو أسرع نمو منذ عام 2018 وقبل ذلك عام 2010.

وارتفع مؤشر الأسهم «كوسبي 100» في كوريا الجنوبية، الذي يتتبع التجارة العالمية، بوتيرة سريعة، نظراً لتعرضه الشديد للشركات المصدرة.

في السياق ذاته، ارتفعت شحنات الحاويات التي تمت مناولتها في أكبر تسعة مواني في الولايات المتحدة بنحو 7% في يناير/ كانون الثاني مقارنة بالعام الماضي. ونقلت خطوط السكك الحديدية الكبرى في البلاد ما يقرب من 5% من الحاويات متعددة الأحجام في يناير مقارنة بالعام السابق، وهو أسرع نمو منذ عام 2021 وقبل ذلك عام 2016.

وترسم المؤشرات الأخرى، مثل نقل البضائع عبر مطار ناريتا في اليابان وحمولة الشاحنات على الطرق السريعة في الولايات المتحدة، صورة أكثر تبايناً. ومع ذلك، كانت حركات الشحن ثابتة بعد الانخفاضات المستمرة في عام 2023 وأواخر عام 2022، والتي كانت الأشد على ما يبدو في هذه الحقبة.

في غضون ذلك، أدت الاشتباكات الحاصلة جنوب البحر الأحمر وخليج عدن ومهاجمة سفن الحاويات، إلى إعادة توجيه التجارة بين آسيا وأوروبا وأمريكا الشمالية إلى الطريق الأطول والأكثر كلفة حول رأس الرجاء الصالح.

ومن المرجح أن يؤدي انقطاع تدفقات الحاويات إلى تشويه إحصائيات الشحن لشهري فبراير ومارس، ما يزيد من صعوبة تأكيد أي تغيير في الاتجاه. لكن الصورة العامة هي أن حركة الشحن بدأت في الارتفاع حتى قبل أن يخفض بنك الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي والبنوك المركزية الكبرى الأخرى أسعار الفائدة.

وفي حال خفضت البنوك المركزية الكبرى أسعار الفائدة هذا العام، كما أشار صناع السياسات، من أجل البدء في الإنفاق على الإسكان والمواد المعمرة باهظة الثمن، فإن الارتفاع في أسعار الشحن سوف يتسارع أكثر.

يُذكر أن معظم نواتج التقطير البترولية المتوسطة، بما في ذلك الديزل وزيت الغاز ونسبة من وقود الطائرات، تُستخدم في نقل البضائع والتصنيع والبناء. وبالتالي فإن تجدد النمو في النشاط الصناعي سيعزز استهلاك تلك النواتج، ومن المرجح أن يرفع أسعار الوقود وهوامش أرباح مصافي التكرير، خاصة أن المخزونات هي بالفعل أقل من المتوسط على المدى الطويل.

علاوة على ذلك، تمثل نواتج التقطير المتوسطة أكبر مجموعة من المنتجات البترولية، مع 29% من استهلاك النفط العالمي، وقد ترتفع النسبة إلى 35% إذا تم تضمين وقود الطائرات. وتمثل زيوت الوقود الثقيلة 7% أخرى من الاستهلاك العالمي، ويستخدم بعض منها في الشحن البحري، وكذلك في توليد الطاقة البرية والأفران الصناعية.

وبالتالي، ستترجم أحجام الشحن المرتفعة بسرعة إلى نمو أسرع في الاستهلاك، ما سيؤدي على الأرجح إلى رفع أسعار النفط الخام وكذلك الوقود المكرر المتوسط والثقيل.

يُعد الاستقرار الواضح في التصنيع والشحن، فضلاً عن التوازن الدقيق في سوق الوقود، من بين العوامل التي تجعل البنوك المركزية حذرة بشأن توقيت وحجم تخفيضات أسعار الفائدة. والسيناريو الأكثر ترجيحاً هو تخفيضات متواضعة في أسعار الفائدة، وتسارع متواضع في التصنيع والشحن، وارتفاع معتدل في أسعار النفط والوقود خلال الفترة المتبقية من عام 2024.

* محلل الأسواق في «رويترز»

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/4ah2tya4

عن الكاتب

محلل الأسواق في «رويترز»

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"