الفرنسية المثابرة

01:18 صباحا
قراءة دقيقتين

فيصل عابدون

مهما تكن نتيجة الجولة الثانية من الانتخابات الفرنسية، فالثابت أن الرئيس ماكرون واجه خصماً صعب المراس أثبت خلال مسيرة طويلة في المشهد السياسي أنه مؤهل للإدارة وتولي السلطة في الدولة الفرنسية على الرغم من منطلقاته السياسية والفكرية المثيرة للجدل.

 وبالطبع فان هناك أملاً ضئيلاً في فوز لوبان بمفاتيح الإليزيه مع التعبئة الواسعة التي تعمل لصالح ماكرون والتي يقودها خصوصاً قادة الأحزاب التي خسرت الرهان في الجولة الأولى من الانتخابات. لكن فوز لوبان ليس مستحيلاً مع ذلك بحسب تقديرات العديد من المراقبين فهناك على الدوام مجال لحدوث مفاجآت غير متوقعة في الساعات الأخيرة من السباقات الانتخابية.

 ويوضح العديد من الخبراء، أن نتائج الجولة الأولى أظهرت أن اليمين الفرنسي المتطرف يعيش أزهى أيامه، وأن التأييد لأفكاره بلغ مستوى غير مسبوق منذ أن بدأ صراعه السياسي ضد أحزاب المؤسسة الرسمية في فرنسا. ويضيف هؤلاء أنه وعلى الرغم من أن أصوات أنصاره توزعت بين أكثر من مرشح واحد، إلا أن مارين لوبان ممثلة «التجمع الوطني» في الاستحقاق حصدت أكبر عدد من هذه الأصوات.

 وبينما لا يزال ماكرون محافظاً على تقدمه في استطلاعات الرأي، فإنه يسعى لتدعيم حملته للجولة الحاسمة عبر استثمار رغبة الفرنسيين في الاستقرار في ظل الحرب الروسية على أوكرانيا، وتوثيق الروابط مع أوروبا باعتبار أن فرنسا أصبحت القوة الثانية في الاتحاد بعد خروج البريطانيين. ومنحت الاستطلاعات ماكرون نسبة تراوح بين 55 و53 بالمئة أي بهامش أقل بكثير مما حققه قبل خمس سنوات بفوزه على لوبان بنسبة 64 % في مقابل 36 بالمئة.

 وفي المقابل فإن لوبان تثابر لتركيز الأضواء على الهموم والمشاغل اليومية للفرنسيين مثل أسعار السلع الغذائية والوقود والتعليم والصحة. وهو رهان لا تخفى جاذبيته في الأوضاع الغامضة التي يعيشها العالم اليوم. ولكن وبعيداً عن مناورات السياسة الانتخابية فإن لوبان تستند إلى تاريخ ممتد من الممارسة السياسية أظهرت خلالها التزاماً لافتاً بالمبادئ التي تحكم الحزب وقوة إرادة في إصدار ومتابعة قرارات كبيرة كان لها صدى كبير في الداخل الفرنسي وعلى مستوى العالم.

 لوبان الحقوقية التي انضمت الى حزب والدها وحازت سريعاً لقب «النجم الصاعد» تسببت في طرد والدها من حزب الجبهة الوطنية وخلفته في رئاسة الحزب وترشحت للانتخابات الرئاسية عام 2012، وحصلت على 17.90 في المئة من الأصوات متفوقة على أفضل نتيجة حققها والدها وهي 16.86 في المئة من الأصوات، في انتخابات الرئاسة عام 2002. وانتخبت لوبان في البرلمان الأوروبي، وصوتت على 42 في المئة من القوانين مع أغلبية النواب الفرنسيين.

 ومن هذه الزاوية، فإن ماكرون القادم الجديد الى عالم السياسة لا يشكل منافساً لشخصية لوبان القوية الطامحة للسلطة والمتمرسة على إدارتها على مستوى فرنسا والفضاء العام لأحزاب اليمين الأوروبي. ولوبان من هذه الزاوية شخصية حققت زعامتها للتيار الشعبوي المتطرف على طول أوروبا وعرضها.

[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"