لا للتطرف والعنصرية

00:44 صباحا
قراءة 3 دقائق

نبيل سالم

على الرغم مما يُتحف به الإعلام الغربي العالم من شعارات حول الديمقراطية وحرية الإنسان وحقوقه في الدول الغربية، وعلى الرغم من الجاذبية الكبيرة التي تمتلكها مثل هذه الشعارات، فإن ما يستدعي التوقف باهتمام، هو تنامي الحركات والتيارات العنصرية في الغرب، ولا سيما في صفوف اليمين المتطرف، والتي تجاهر بالعداء للآخر، ولا سيما اللاجئين الذين أجبرتهم ظروف بلدانهم على اللجوء إلى الدول الغربية طلباً للأمان؛ الأمر الذي يفرز صراعات وصدامات لا تعرّض اللاجئين للخطر فحسب؛ وإنما تطال المجتمعات الغربية ذاتها التي تتنامى فيها بشكل ملحوظ ثقافة الكراهية والتمييز العنصري.

ما قادنا إلى هذه المقدمة في الواقع، ما شهدته السويد من أحداث عنف مؤخراً، ولا سيما في السابع عشر من الشهر الجاري، من صدامات عنيفة وخاصة في مدينة نوركوبينغ جنوب غربي العاصمة استوكهولم بين الأمن ومتظاهرين احتجوا على جماعة يمينية متطرفة أقدمت على حرق نسخ من المصحف الكريم، وأدت المواجهات إلى إصابة عدد من الأشخاص بجروح.

وهذه ثاني صدامات تشهدها مدينة نوركوبينغ خلال أيام قليلة، حيث جاءت الصدامات الأولى إثر احتجاج ضد مسيرة لحركة «سترام كورس» المناهضة للهجرة والإسلام والتي يقودها الدنماركي السويدي راسموس بالودان، وهو سياسي دنماركي متطرف وزعيم حزب «هارد لاين» اليميني الذي أسّسه عام 2017.

وتجدر الإشارة أن هذه ليست المرة الأولى التي يتم فيها حرق المصاحف في السويد، لكن ما يدعو للاستهجان هو أن هذه الأعمال المشينة تستخدم في غالب الأحيان كدعايات انتخابية، ما يعكس خطورة انتشار هذه الأفكار التي قد تستجلب الناخبين، والتي إن دلت على شيء فإنما تدل على أن المجتمعات الغربية التي تشهد مثل هذه المظاهر، إنما تعاني أزمات أخلاقية على المستوى الاجتماعي، خاصة إذا ما علمنا أن بالودان ينوي الترشح للبرلمان مع حزبه اليميني، وهو حزب يوصف بأنه حزب يميني متطرف ومعادٍ للمسلمين «يدعو إلى التطهير العرقي لغير الغربيين». 

لكن المدهش أكثر في الأمر هو أن هذا العنصري محامٍ ويفقه في القانون وكان دائماً يحرص على طلب الإذن من الشرطة، ما يجعل حتى الشرطة، متساهلة أو متورطة في مثل هذه الأعمال.

وبحسب صحيفة أفتونبلادت، السويدية، يزعم بالودان أنه يؤيد الحرية الدينية، لكنه يدّعي أن الإسلام يدعو إلى العنف، وبالتالي لا ينتمي إلى السويد، على حد زعمه.

وتجد الإشارة هنا إلى أن ما يقوم به بالودان وأمثاله من العنصريين في السويد وغيرها من الدول الأوروبية، ليس جرائم أخلاقية وحسب، وإنما انتهاكات واضحة وصريحة للقوانين والأعراف الدولية التي أقرتها الأمم المتحدة، وفي مقدمها الإعلان العالمي لحقوق الإنسان لعام 1948، والإعلان الصادر عن الأمم المتحدة عام 1981 بشأن القضاء على جميع أشكال التعصب والتمييز القائمين على أساس الدين أو المعتقد.

وتعرض مواد الإعلان المذكور لإطار عام يكفل سيادة مناخ من التسامح، وعدم التعرض للتمييز القائم على الدين أو المعتقد.

أمام كل ما تقدم، يمكن القول إن موجة العنصرية والكراهية التي نشهدها الآن في أكثر من بلد أوروبي، تؤكد أهمية فضح هؤلاء العنصريين، والعمل من أجل تسييد مبدأ التسامح وتقبل الآخر، بين الشعوب على اختلافها؛ لأن موجة الكراهية هذه تصب الزيت على النار وستقود إلى الكثير من الصراعات والحروب، والتي لن يسلم منها حتى من يمارسونها ويدعون إليها.

[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"