إسرائيل وتقويض السلام

00:23 صباحا
قراءة دقيقتين
افتتاحية الخليج

القدس ليست مدينة كبقية المدن، هي مدينة الله التي تربط بين الأرض والسماء، وهي مدينة الأديان التي سار على دروبها السيد المسيح، وفيها مثواه، وهي المدينة التي أُسري بالنبي محمد صلى الله عليه وسلم إليها، ومنها صعد إلى السماء ليصلّي بكل الأنبياء، وهي مدينة تضرّج ترابها وأزقتها وحجارة أسوارها بدماء الآف الشهداء، وهي نفسها المدينة التي تتعرض الآن، مع المسجد الأقصى وكنيسة القيامة وأهلها، لهجمة همجية ضارية، وإرهاب دموي من جانب قوات الاحتلال، وجماعات المستوطنين التطرفين.
 وما تقوم به إسرائيل الآن في القدس والمسجد الأقصى وكنيسة القيامة من استباحة يومية للمحرمات والمقدسات، ومن بطش وعنف في مختلف مناطق الضفة الغربية المحتلة، قد تجاوز كل حد، وانتهك كل القوانين الدولية والإنسانية، ومعها قرارات الأمم المتحدة ذات الصلة، وهناك قلق عارم يسود العالمين، والعربي والإسلامي، من تداعيات هذه الممارسات على الأمن والسلام في المنطقة والعالم، في حال واصلت إسرائيل هذا النهج العدواني، ما قد يؤدي إلى مزيد من العنف وتدهور الوضع إلى ما لا تحمد عقباه.
 لقد ارتفعت الأصوات الداعية إلى التهدئة، وحث إسرائيل على عدم التمادي في ممارسة العنف والعنصرية، والتوقف عن نهج ممارسة القوة الغاشمة ضد الفلسطينيين، كي لا يخرج الوضع عن السيطرة وتتجدد دوامة القتل، حرصاً على بقاء بصيص أمل بالسلام العادل والدائم الذي يحقق طلعات الشعب الفلسطيني بقيام دولته المستقلة على حدود عام 1967، وعاصمتها القدس الشريف.
 وفي اجتماع القاهرة الثلاثي، أمس الأحد، الذي ضم صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، ولي عهد أبوظبي، نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة، والرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، وملك الأردن عبدالله الثاني، كانت فلسطين والممارسات الإسرائيلية هي القضية الأساسية التي تمت مناقشتها، وصدر بيان بشأنها دعا إسرائيل إلى «ضرورة وقف كل الإجراءات التي تقوّض فرص السلام»، كما أكد «أهمية إيجاد أفق سياسي للعودة إلى مفاوضات حل الدولتين، وفق القانون الدولي»، كذلك «العمل من أجل التهدئة في القدس ووقف كل أشكال التصعيد».
 وأضاف البيان، أن القادة الثلاثة اعتبروا أن «التحديات والأزمات الحالية تتطلب تنسيق الجهود وتعزيز العمل العربي المشترك، وتفعيل التعاون الإقليمي، خاصة في أزمات الأمن الغذائي والطاقة».
 إن القادة الثلاثة، وشعوراً منهم بمسؤولياتهم الوطنية والقومية، يدركون حجم المخاطر التي تحيق بالمنطقة، وبالقضية الفلسطينية على وجه الخصوص، جراء ممارسات إسرائيل، ورفضها لكل القرارات والمبادرات الداعية إلى الحل السياسي وفق القرارات الدولية، ومبادرة السلام العربية، من خلال المضي قدماً في عملية التهويد وإقامة المستوطنات غير الشرعية على الأراضي الفلسطينية المحتلة، وسعيها الحثيث لاستكمال تهويد مدينة القدس، بكل ما يعنيه ذلك من انتهاك لحرمة المقدسات الإسلامية واستفزاز متعمد لملايين العرب والمسلمين.
 آن الأوان لوضع حدّ لهذا الصلف الإسرائيلي، ومنع الاستمرار في فرض الأمر الواقع، من خلال تعزيز العمل العربي المشترك بما يحفظ للأمة حقها ودورها.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"